وسط شحنات التفاؤل المستمرة بعد تولى الدكتورة إيناس عبدالدايم لحقيبة وزارة الثقافة يطيب لنا «التمنى» بأن تتخذ الثقافة المصرية وضعها المستحق، وغاية أمانينا أن تتحول مهمة إنعاش الثقافة إلى مهمة قومية تتضافر فيها كل الجهود وتتحالف من أجلها جميع الوزارات، بحيث تتحول الثقافة المصرية إلى سفير مصر الدائم لدى العالم أجمع، ومن حسن حظ «مصر» أنها تحولت إلى ركيزة أساسية فى وعى العالم الثقافى، كما أننا لن نجد أهم وأبهى من ذلك الوجه المنير الذى يميزنا عن بقية دول العالم، وأقصد بالطبع وجه مصر الثقافة، لأن مصر تشكل جزءا أساسيا من ثقافة العالم، إذ يبدو قطع جزء من أجزاء الجسد الكونى أهون من انتزاع «مصر» من الوجدان الثقافى العالمى، ولهذا يبدوا اللجوء إلى الثقافة الآن خيارا استراتيجيا لا بديل عنه فى ظل اضطراب الوضع السياسى العام.
من ذا الذى يستطيع أن ينتزع عشرات بل مئات الأفلام التى تناولت مصر وتاريخها من وجدان العالم؟ من يستطيع أن ينتزع قناع توت عنخ أمون من مخيلته؟ من يستطيع أن ينتزع كليوباترا من قلبه؟ من يستطيع أن ينتزع رأس نفرتيتى كأروع مثال للجمال الأنثوى؟ من ذا الذى يستطيع أن يمحو صورة طه حسين الذى كرمته فرنسا كأحد أنبغ من تعلموا بها؟ من يستطيع أن ينتزع حارة نجيب محفوظ أو لوحات محمود سعيد أو صرخات جورج حنين وفؤاد كامل وجورج صباغ وعبد الهادى الجزار؟ من ذا الذى يستطيع أن يقى نفسه من فتنة الأسر بجمال «محمود مختار» أو «آدم حنين» أو عبد الهادى الوشاحى؟ من ذا الذى يستطيع أن يهمل «ألف ليلة وليلة» أو يحذف «طبائع الاستبداد» أو يتجاهل تلك الصورة المتخيلة عن «الشرق الفنان» الذى تجلس مصر دوما على عرشه متربعة؟
شاء من شاء وأبى من أبى، ستظل مصر حاضرة فى الثقافة العالمية كأحد أروع المنجزات الإنسانية، وفى الحقيقة إن لم نحسن استثمار «ثقافة مصر» فى تحسين صورتنا وإزالة التشوهات التى لحقت بها، لا يحق لنا الانتساب إلى هذا الشرف المحفور فى أذهان العالم، وهذه هى مهمة «عبد الدايم» الأهم والأبقى والأكثر إلحاحا، وإنها لمهمة عظيمة لو تعلمون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة