تسألنى لماذا طردنا من الأندلس؟ فأقول لك: لأن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون، ثم أقول لك عبرة التاريخ، قانون سقوطنا: "حين يبحث كل عضو منّا عن نفسه تسقط سائر الأعضاء" ربما هذه المقولة للدكتور عبد الحميد عويس، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية، تمثل المعنى الأدق عن واقعة سقوط الأندلس من أيد العرب.
ويمر اليوم الذكرى الـ525، على سقوط حكم العرب من على شبة الجزيرة الإيبيرية (الأندلس) كما أطلق عليها المسلمون، بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين فى الأندلس، بعد حصارها من قبل قوات الملوك الكاثوليك، عام 1492م.
الأندلس
واستمر الحكم العربى فى الأندلس لأكثر من 780 عاما، بعدما فتحها القائد العربى موسى بن نصير، فى عام 711 م، فى عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك، حتى سقط الحكم العربى بعدما ضعف فى عهد فى دولتى المرابطين والموحدين، رغم ما شهدته تلك الفترات من أزدهار ثقافى وعلمى كبير، لكن السقوط والضعف كتبا النهاية للعرب هناك.
ورغم مرور تلك الأزمنة على انتهاء الحكم العربى فى شبه الجزيرة الإيبيرية، إلا أنه دائمًا ما يتذكر العرب سقوط حكمهم بالمنطقة التى تضم الآن دول إسبانيا والبرتغال وأندورا، بالإضافة إلى مستعمرة جبل طارق البريطانية، بالتعبير عنها بسقوط الأندلس، ولكن هل الصحيح فعلاً هو سقوط الأندلس أم سقوط وانهيار الحكم العربى هناك؟.
فبعد أكثر من 500 عام من الواقعة، انهارت كل دول الخلافة فى المنطقة العربية، وأصبح هناك 22 دولة مستقلة بذاتها، يعانى عدد كبير منها من انشقاقات وانهيارات داخلية مثلما الحال فى سوريا والعراق واليمن والسودان وليبيا والصومال.
أثار الصراع فى المنطقة العربية
أما بالنسبة لحال بلاد الأندلس الآن فالوضع يبقى مختلفا على كافة الأوضاع سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، فهناك حالة كبيرة من التعايش السلمى بين أصحاب الديانات المختلفة خاصة المسلمين هناك والذين يحصلون على حقوقهم الدينية ويكفل القانون هناك حق ممارسة شعائرهم بخلاف ما يحدث فى معظم البلدان العربية الآن، فوفقًا للإحصائيات الأخيرة فإن هناك 1427 مسجدًا فى إسبانيا، وهو رقم كبير بالمقارنة بعدد المساجد خلال 2010، حيث كان 785 مسجدًا، كما وصل عدد الجمعيات الإسلامية فى إسبانيا وصل إلى 1512 مع نهاية عام 2016، وهذا العدد يشير إلى المرونة التى تبديها الحكومة الإسبانية فى التراخيص اللازمة لإنشاء جمعيات إسلامية، وذلك وفقًا لبعض ما ذكره موقع "مرصد الأزهر".
مسجد قرطبة الآثرى
كما أن الحكومة الإسبانية أقرت بالموافقة على تدريس التربية الإسلامية فى المدارس الإسبانية منذ عام 1996، ونشر آنذاك محتوى المنهج الدراسى لمادة التربية الدينية وتم الاتفاق على التعاقد مع معلمى هذه المادة، وذلك كون أن أعداد المسلمين تزايدت، فى إسبانيا بشكل عام بنسبة 20.6% على مدار السنوات الأخيرة لتبلغ 1,919,141 مسلم بحلول عام 2017.
بينما يقدر عدد المسلمين الآن بدولة البرتغال بحوالى 60.000 نسمة ويقيم أغلب المسلمين فى العاصمة لشبونة، وهناك أعداد ضئيلة تنتشر فى بعض المدن البرتغالية، 80% منهم مواطنون برتغاليون.
ويعتبر المسجد التابع للمركز الإسلامى الثقافى فى لشبونة أهم مسجد فى البرتغال بالرغم من وجود مصليات ومساجد عديدة فى البلاد، وذلك وفقا لما نشره موقع الملك خالد بن عبد العزيز" المعلوماتى.
المركز الإسلامى الثقافى فى لشبونة
أما على المستوى الاقتصادى، فإسبانيا تحتل المرتبة 34 على مسوى العالم، فى مؤشر السعادة للدول المتقدمة، متفوقة على جميع الدول العربية عدا دولة الإمارات، ووفقا للبنك المركزى الإسبانى، فقد سجل الناتج المحلى فى إسبانيا نموًا بنسبة 2.4% خلال عام 2017، متوقعًا زيادته بنسبة 2.1% خلال العام الجارى.
ووفقًا لقائمة الدول ذات الأجور المترتفعة، بحسب موقع البنك الدولى، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلى فى البرتغال يصل إلى حوالى 30,000.0 دولار أمريكى، أما إسبانيا 36,450.0، متفوقة على أغلب الدول العربية.
البنك الدولى
وعلى المستوى الثقافى فبعض التقرير الإخبارية، تؤكد أن الحصيلة الكلية لما يتم ترجمته فى إسبانيا من اللغات الأخرى إلى الإسبانية يتفوق على بأضعاف عدد الكتب المترجمة إلى العربية الآن.
أما بخصوص الجوائر الأدبية الكبرى، فعلى سبيل الفائزين بجائزة نوبل للآداب وصل عدد الفائزين بالجائزة من إسبانيا لوحدها 6 فائزين، ومن البرتغال أديب وحيد حصل عليها هو الكاتب العالمى خوزيه ساراماجو، بينما اكتفى العرب بفائز وحيد هو الأديب المصرى العالمى نجيب محفوظ.
ويمثل معرض مدريد الدولى للكتاب، أحد أكبر المعارض الأوروبية، حيث شارك فى دورته الأخيرة أكثر من 650 دار نشر من مختلف دول العالم، واستضاف أكثر 300 كاتب وأديب من مختلف دول العالم.
معرض مدريد للكتاب
على المستوى الرياضى، فالجميع يعرف مدى التفوق الرياضى فى بلاد الأندلس على جميع الدول العربية، فيكفى أن دربى الأرض بين نادى القمة فى إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة، وهما الناديان الأكبر والأغنى فى العالم، وفازت إسبانيا بكأس العالم لعام 2010، وكأس الأمم الأوروبية عام 2012، وتساهم صناعة كرة القدم فى إسبانيا بما يقارب 7 مليارات يورو فى الناتج المحلى الإسبانى، وهو ما يوازى 0.75%، بحسب ما ذكره موقع صحيفة "مال الاقتصادية"، بينما حققت البرتغال لقب آخر نسخة من كأس الأمم الأوروبية فى عام 2016.
ريال مدريد وبرشلونة
أما على جانب اللاعبين الكبار فإن البرتغال تمتلك أفضل لاعب فى العالم لعدة سنوات كريستيانو رونالدو، والذى وصلت قيمته التسويقية إلى أكثر من 300 مليون يورو، وفقًا لما أعلنته وكالة الـ بى بى سى الإخبارية البريطانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة