عامٌ مر على الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، داخل البيت الأبيض، منذ تنصيبه يوم 20 يناير 2017، رئيسًا للولايات المتحدة، وخلال تلك الفترة الوجيزة، أبى "ترامب"، التنازل عن لقبه كونه الرئيس الأكثر إثارة للجدل مع كل تحركات وقراراته وأحاديثه الإعلامية.
واختتم الرئيس ترامب، عامه لأول فى الحكم، بزلزال هز عرش واشنطن، والذى تمثل فى كتاب يدعى "نار وغضب"، للكاتب الصحفى الشهير، مايكل وولف، والذى تناول فيه الكثير من المفاجآت حول الرئيس الأمريكى، وأسرته، وإدارته، ومن تلك الأمور تسليطه الضوء على شجار وقع بين ترامب، وزوجته ميلانيا، يوم أداء اليمين، إضافة إلى توضيحه أن الرئيس كان غاضبًا من مقاطعة مشاهير لحفل تنصيبه.
كتاب "نار وغضب" الأكثر مبيعًا عبر الإنترنت بـ28.5 ألف نسخة
وأشار الكتاب - الذى انتشر حول العالم وأصبح الأكثر مبيعًا عبر الإنترنت، بعدما تم بيع 28.5 ألف نسخة خلال الأسبوع الأول من طرحه للبيع على الإنترنت، وهو ما يتجاوز أى كتاب آخر روائى أو غير روائى - إلى أن ترامب، وجد البيت الأبيض، مزعجًا، ومخيفًا بعض الشئ، ومن الأمور الصادمة شيئًا ما هى أن إيفانكا ترامب، كانت تخطط لتصبح "أول رئيسة أمريكية"، كما أنها كانت تسخر من تسريحة شعر والدها المزروع، كما تعرض الكتاب إلى اجتماع جرى بين جونيور، نجل "ترامب" الأكبر، والروس، والذى وصفه المؤلف، بأنه خيانة للولايات المتحدة الأمريكية.
وحقق كتاب "نار وغضب"، الذى يصنف كعمل غير أدبى، انتشارًا واسعًا داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية، حيث احتل المركز الأول، فى قائمة "نيويورك تايمز" للأسبوع الأخير، وذلك على مستوى الأعمال غير الأدبية للكتب الأكثر مبيعًا للنسخ الورقية والإلكترونية فى الأسبوع الأخير، كما انتشر فى الأسواق الهولندية، بعد ترجمته للغة الهولندية وعرضه للبيع فى مكتبة لاهاى.
كتاب "نار وغضب" يتحول إلى عمل تليفزيونى
ولم يتوقف الكتاب المثير للجدل حول الإدارة الأمريكية، عند حد انتشاره بين القراء، بل قالت مطبوعات تصدر فى هوليوود، إن كتاب "نار وغضب"، للمؤلف مايكل وولف، الذى ينتقد بشكل لاذع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، سيتحول إلى عمل تلفزيونى.
وذكرت مجلتا "فارايتى"، و"هوليوود ريبورتر"، أن شركة إنديفر كونتنت للترفيه فى هوليوود، اشترت حقوق الكتاب الذى حقق أعلى المبيعات، وتعتزم تحويله إلى مسلسل تلفزيونى، وسيقوم "وولف"، مؤلف الكتاب، بدور المنتج التنفيذى للمسلسل، الذى سيباع لعدة شبكات تلفزيونية، ولم تحدد بعد أسماء الممثلين الذين سيشاركون فى العمل أو موعد عرضه، لكن هذا الإعلان أثار تكهنات عن أسماء الممثلين الذين سيقومون بأدوار شخصيات رئيسية فى البيت الأبيض.
ترامب يصف مؤلف كتاب "نار وغضب" بـ"المختل عقليًا"
ويصور كتاب "نار وغضب"، حالة من الفوضى فى البيت الأبيض، فى العام الأول، الذى أمضاه ترامب فى الرئاسة، استنادا إلى لقاءات مكثفة أجراها مع ستيف بانون، المستشار الاستراتيجى السابق لترامب، وآخرين، وانطلاقًا من تلك النقطة، كان هذا الكتاب مدعاة للسخرية من الرئيس ترامب، من قبل ألد أعدائه، وهو الزعيم الكورى الشمالى، كيم جونج أون، الذى تداول مدونون على مواقع التواصل الاجتماعى، صورة له وهو يقرأ الكتاب ويبتسم ابتسامة ساخرة أثناء القراءة.
وبسبب الجلبة التى دارت حول الكتاب الناقد للرئيس الأمريكى، وإدارته، ثارت ثورة "ترامب"، ووصف مؤلف كتاب "نار وغضب"، بأنه "مختل عقليًا"، مؤكدًا أن المعلومات الواردة فى الكتاب خاطئة.
وقال ترامب، فى تغريدة له عبر حسابه على "تويتر"، "الكتاب يضم العديد من الأخبار الزائفة، ولا يسعى صناعه على تصحيحها عندما يعلمون بأنهم مخطئون، فهم يروجون لكتاب من تأليف كاتب "مختل عقليا"، والمعروف بتقديمه لمعلومات خاطئة، فالإعلام فقد صوابه من فوزنا فى الانتخابات الرئاسية!".
وهو الأمر الذى استدعى "وولف"، للرد على ترامب، فى تحدٍ واضح، ليقول "إن تركيز وهجوم ترامب، يقود كتابه ليكون ضمن الأفضل مبيعًا، فضلا عن أنه يثبت وجهة النظر التى يحملها الكتاب".
وقال وولف، فى مقابلة مع برنامج "توداى" على شبكة "إن بى سى"، "أين ينبغى على إرسال صندوق من الشكولاتة؟"، عندما سألته المذيع عن هجوم ترامب على كتابه، وأضاف إن تركيز وهجوم الرئيس الأمريكى لا يساعد فقط فى دفع مبيعات الكتاب، ولكن فى إثبات وجهة نظره، وأضاف "من غير العادى أن يحاول رئيس للولايات المتحدة منع كتاب من النشر، هذا لا يحدث ولم يحدث من أى رئيس سابق"، كما أعرب وولف عن رفضه لتشكيك ترامب وحلفاءه فى مصداقيته.
ومن التعليقات التالية لـ"ترامب"، على مؤلف الكتاب، أن قال "فى الواقع أكبر نعمتين فى حياتى، رجاحة العقل وشدة الذكاء"، وتابع "من رجل أعمال ناجح جدا أصبحت نجما تلفزيونيا لامعا، ثم رئيسا للولايات المتحدة (من محاولتى الأولى)، أعتقد أن هذا يؤهل المرء لا أن يكون ذكيا بل عبقريا وراجح العقل جدا".
كتاب "نار وغضب" يكشف طموح "إيفانكا ترامب"
ولما كان للكتاب من صدى عالمى، فتناول الكاتب البريطانى، ديفيد هيرست، فى مقال تحليلى - نشرته شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية - بعض ما ورد فى كتاب "نار وغضب"، الذى نشر أسرارًا لأول مرة عن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وإدارته، وأسرته، حيث تناول الكتاب - الذى بنى على أكثر من 200 مقابلة - أشياء كثيرة منها الطموح السرى لـ"إيفانكا ترامب"، فى الرئاسة، والاحترام الذى يكنه ترامب، لقطب الإعلام مردوخ، وهو الاحترام الذى لا يبدو متبادلًا، كاشفا فى الوقت ذاته، أن فوز ترامب بالرئاسة كان السبب فى "ارتباكه"، كما أنه لم يكن مستمتعًا بمراسم أداء اليمين، فضلًا عن شعوره بالفزع من البيت الأبيض.
بداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية على يد "ترامب"
وبرأى هيرست، فإن كرة النار والغضب المتمثلة فى ترامب تقدم للعالم خدمة، إذ تفرض على العالم إعادة التفكير فى نظام دولى بدون الولايات المتحدة الأمريكية، وكتب هيرست، أن مؤلف الكتاب مايكل وولف، رسم صورة ذكية واستصدر غلاف كتالوج كاملًا من الأدلة الدامغة على ترامب وإدارته، وحسب ما توصل إليه "هيرست"، بعد قراءته للكتاب، فقد خلص إلى بداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية على يد ترامب، منوهًا بأن هذا ما يحدث الآن فى واشنطن، ومن هنا شدد هيرست على بعض النقاط الرئيسية فى الكتاب.
ترامب يحب الأشياء الكبيرة والصور الكبيرة وغير مؤهل
و"ترامب"، فى رأى الكاتب البريطانى، غير مؤهل لحكم البلاد فهو مغرم بالأسماء الكبيرة، يحب الصور الكبيرة وليست لديه القدرة على البت بأمر، وهو مسكون بالإعلام والصور، إنه "مغرم حرفيًا بالصور الكبيرة، يحب أن يراها، يحب أن يرى الأثر المترتب عليها، أشياء كبيرة، نحتاج إلى أشياء كبيرة"، هذا ما كان ينطق به فى كثير من الأحيان وهو يهتاج غضبًا، "هذا ليس شيئًا كبيرًا، أحتاج إلى شئ كبير، أحضروا لى شيئًا كبيرًا، هل تفهمون ماذا يعنى أن يكون الشئ كبيرًا؟"، وبهذا الشكل حل على الشرق الأوسط عقل "ترامب"، الضجر والمتذمر والفارغ تمامًا، فهو دائم العبارة، من الذى يملك السلطة والنفوذ؟ أعطونى رقم هاتفه".
الرعب بات يدب فى حلفاء أمريكا
وتابع هيرست، أن الرعب بات يدب فى حلفاء أمريكا لمدى عطالة وانعدام قدرة الرجل الذى يدير البيت الأبيض، فأول ما سيخطر ببال الزعماء الأجانب الذين يعتمدون على علاقات بلادهم العسكرية أو الاقتصادية مع الولايات المتحدة، هو أن ينأوا بأنفسهم قدر ما يستطيعون ويبتعدوا ما وجدوا إلى ذلك سبيلًا عن هذا الرجل الحارق لذاته، هذا الخاسر المتربع داخل البيت الأبيض، حتى لو اعتبروا أن 20% مما أورده "وولف"، فى كتابه هو من اختيارات أو مبالغات كبير الاستراتيجيين ستيف بانون، فإن الـ80% الباقية سيقال إنها مدمرة، حسب "هيرست".
فشل فى الشرق الأوسط.. ترامب شخص مدمر
ويقول "هيرست"، "لقد انتهت فكرة ترامب الكبرى لتحقيق نجاح خارق فى الشرق الأوسط قبل أن تبدأ برأى الكاتب، فإدارته ستقطع الخيط الأخير مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، الطرف الوحيد الذى يمكن التفاهم معه بسبب قرار القدس، ولم يكن سحب التمويل الذى تقدمه الولايات المتحدة إلى منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إلا البداية".
وأضاف "حتى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، هو الآخر الذى من المفروض أن يكون أكثر المستفيدين من ترامب، الذى ألهمه بضم المستوطنات المحيطة بالقدس، لابد أنه بدأ يراجع نفسه بشأن الضرر الذى يمكن أن يسببه له ترامب، لن يكون باستطاعة دولة إسرائيل الاستمرار بهدوء فى توسيع حدودها أكثر فأكثر داخل الضفة الغربية إذا ما سحب البساط المالى من تحت أقدام السلطة الفلسطينية".
وبنفس الطريقة، لا بد أن تساور القوى الأوروبية التى ساعدت فى التفاوض على صفقة النووى مع إيران، هموم ثقيلة حول ما لدى ترامب من إمكانية لتحطيم ذلك الإنجاز النادر فى مجال السياسة الخارجية لأى إدارة أمريكية سابقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة