أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى فترة الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط 2009-2016»، وهو البحث الذى أعدته الباحثة أمينة محمد محمود خليل، المركز الديمقراطى العربى، وأشرفت عليه الدكتورة نورهان الشيخ، ونشره المركز الديمقراطى العربى فى قسم الدراسات العبرية والإسرائيلية، حيث تقول. الباحثة، ومن الأرقام الخيالية التى أوردها التقرير أن إسرائيل تلقت من الولايات المتحدة أكثر 20.5 مليار دولار منذ عام 2009 ناهيك عن المساعدات فى المجال الأمنى التى وصفها تقرير مجلس الأمن القومى بأنها كانت «أكبر من أى وقت مضى» عام 2014.
كما أشار التقرير إلى مذكرة تفاهم بين البلدين جرى توقيعها عام 2008 تنص على أن تقدم الولايات المتحدة مبلغ 30 مليار دولار لإسرائيل خلال 10 سنوات منذ توقيع المذكرة، مبينا أن مجلس الأمن القومى طلب من الكونغرس مساعدات خارجية إضافية لإسرائيل بقيمة 3.1 مليار دولار وذلك منذ عامين.
يضاف إلى هذا كله أن الرئيس أوباما قدم لإسرائيل قرابة 3 مليار ات دولار لبناء منظومة دفاع صاروخى، إضافة إلى 1.3 مليار دولار دفعتها الحكومة الأمريكية منذ عام 2011 لبناء منظومة القبة الحديدية وحدها، وكان من ضمنها مبلغ 225 مليون دولار كمساعدات عاجلة فى صيف 2014 أثناء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.
أما على صعيد الدعم السياسى فقد عارضت الولايات المتحدة 18 قرارا فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة ضد إسرائيل عام 2014. وفى خمس مناسبات كان الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التى تعارض إجراءات ضد إسرائيل فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما شاركت الولايات المتحدة إسرائيل والاتحاد الأوروبى الشهر الماضى فى تنظيم، جلسة للجمعية العمومية حول ما يسمى العداء للسامية كانت الأولى من نوعها منذ تأسيس الأمم المتحدة.
أما فى مجال الشراكة الاقتصادية بين إسرائيل والولايات المتحدة فيبين التقرير أن العام الحالى يصادف الذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل وهى أول اتفاقية من هذا النوع توقعها الولايات المتحدة، ومن المعطيات المذهلة فى التقرير أن صادرات البضائع الأمريكية لإسرائيل بلغت 15.1 مليار دولار عام 2014، بزيادة %64 عن عام 2004 وزيادة بنسبة %587 عن عام 1984. فيما بلغت قيمة ما تستورده الولايات المتحدة من إسرائيل 23.1 مليار عام 2014 بزيادة نسبتها %58 عن عام 2004 وزيادة بنسبة %1203 عن عام 1984.
وفى عهد الرئيس أوباما كذلك قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل 140 مليون دولار خلال الأعوام الستة الماضية، وذلك للمساهمة فى نقل المهاجرين اليهود من أنحاء العالم إلى إسرائيل وتوفير مأوى لهم وتعليمهم اللغة العبرية ضمن برامج مكثفة.
ويرجع التعاون الأمنى بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى ذروة «الحرب الباردة»، عندما كان يُنظر إلى الدولة اليهودية فى واشنطن على أنها حائط صد ضد النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط ومناهض للقومية العربية.
وعلى الرغم من أن العالم قد تغير منذ ذلك الحين، إلا أن المنطق الاستراتيجى للتحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة لم يتغير، ولا تزال إسرائيل ثقل موازنة ضد القوى الراديكالية فى الشرق الأوسط، بما فيها الإسلام السياسى والتطرف العنيف، كما أنها حالت دون الانتشار الإضافى لأسلحة الدمار الشامل فى المنطقة عن طريق إحباط البرامج النووية لكل من العراق وسوريا.
سياسية الولايات المتحدة واسرائيل تجاه الشرق الأوسط
أولا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية تواجه الولايات المتحدة سلسة من التحديات والفرص، فإضافة إلى النزاعات القائمة حول العالم، حيث تواجه الولايات المتحدة حالة معقدة وغير يقنية فيما يتعلق بالأمن، حيث المتغيرات المتسارعة والنقلات المتتابعة والتحولات العميقة التى لم يشهدها المحيط الدولى منذ الحرب العالمية الثانية، فالقوى الصاعدة والتاثير الكبير للاعبيين الغير حكوميين جدد، إضافة إلى انتشار الأسلحة الدمار الشامل والتكنولجيا المدمرة وغيرها من العناصر التى تشكل تحديا للنظام الدولى:
لا تزال أمريكا تخوض حربا شرسا فى أفغانستان والعراق منذ 2001 وبدا ذلك واضحا من خلال التجربة بأن حينها غير قادرعلى حسم وربح حروب إقليمية غير تقليدية تخوضها جماعات مسلحة، فيجب العمل بهدوء مع إسرائيل لمنع المزيد من التآكل فى العلاقات الثنائية فيجب على واشنطن أن تتصل بهدوء بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وربما يتم ذلك من خلال شخص من خارج الإدارة الأمريكية يكون قريباً من الرئيس الأمريكى ويمكنه التعاطى مع نتنياهو حول القضية الإيرانية، وحركة نزع الشرعية، والقضية الفلسطينية، وفى العلاقات الأوسع مع العرب». ويرى معدو التقرير أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل «مهمة للغاية بالنسبة لكل طرف وهى بمثابة دليل ريادى على الالتزام الأمريكى تجاه حلفاء واشنطن فى المنطقة، لدرجة أنه لا يجب السماح بتدهورها أكثر «مما هى عليه الآن»، وتعزيز العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين مثل مصر: «من غير الممكن اعتماد استراتيجية تهدف إلى تعزيز نظام الدولة فى الشرق الأوسط من دون الحرص على قيام علاقات فاعلة بين الولايات المتحدة ومصر». «يتبع».