"شارع مصر" و"شباب الشروق" تجربتان مميزتان شهدتهما مصر خلال الأشهر الأخيرة بتخصيص مناطق محددة لعربات المأكولات والمشروبات المتنقلة وترخيصها بشكل رسمى ليقدم أصحاب هذه المشروعات منتجاتهم تحت مظلة قانونية وفى مأمن من حملات البلدية التى كانت تصادر مثل هذه العربات بتهمة شغل الطريق.
التجربتان الملهمتان أثارتا الكثير من التساؤلات خلال الفترة الماضية حول إمكانية تطبيق الأمر نفسه على عربات الفول والكبدة وغيرها من المأكولات المتنقلة فى شوارع مصر دون ترخيص والتى يعتمد عليها العشرات كمصدر وحيد للدخل ويعتمد عليها آخرون كمصدر لتقديم خدمة رخيصة وغير مكلفة كالمطاعم، وهى الفكرة التى طرحتها الحكومة فى مشروع قانون تقدمت به إلى البرلمان قبل أيام.
ويقترح مشروع القانون تعديل بعض مواد القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق بإضافة مادة جديدة تجيز منح عربات المأكولات المتنقلة تراخيص مؤقتة لإشغال الطرق العامة لمدة 6 أشهر بمقابل رسوم إشغال تتحدد قيمتها وفقًا لنشاط العربة والمكان الذى تشغله على أن يكون الحد الأقصى للرسوم 10 آلاف جنيه.
من المقرر أن يعرض مشروع القانون على لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان خلال الأيام المقبلة فكيف يراه النواب أعضاء اللجنة؟
يقول النائب ممدوح الحسينى وكيل لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان لـ"اليوم السابع" إن مشروع القانون فكرة جيدة لتقنين وضع عشوائى موجود بالفعل لنتمكن من التأكد من توفر الشروط الصحية والقانونية فى عربات الماكولات الموجودة فى كل مكان وتبيع دون ترخيص. ويضيف: من الجيد أن يوازن القانون بين مصلحة المواطن بتوفير خدمات صحية، ومصلحة الدولة بدفع الضرائب ورسوم الإشغال.
وعن أبرز ملامح القانون يقول: رسوم الإشغال ستختلف حسب المكان الذى تقف فيه العربة، وتختلف أيضًا حسب نشاطها فعربة الفول لن تكون رسوم إشغالها كعربة الكفتة أو الكبدة، وأفضل أن يكون لعربات كل محافظة لون مخصص لها كالتاكسى لنعرف بمجرد النظر هل العربة تقف فى مكانها أم أنها مخالفة.
أما النائب محمد الدامى أمين سر لجنة الإدارة المحلية فيرى إن المشروع فكرة إيجابية بشرط أن يتم تعميمه بطريقة صحيحة على مستوى الجمهورية، ويضيف لـ"اليوم السابع": يجب أن يتم اختيار أماكن مناسبة للعربات كى لا نسبب الزحام، فعلى سبيل المثال يتم اختيار شوارع واسعة ولا تكون العربات ضخمة كى لا نخلق مشكلة زحام ونحن نحاول أن نحل مشكلة البطالة. يوصى "الدامى" كذلك بأن يكون للعربات هيكل موحد تحدده الوحدات المحلية بحيث تكون العربات فى كل منطقة متشابهة.
فيما حذر النائب همام العادلى رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، فى تصريحات سابقة لـ"اليوم السابع" من أن القانون رغم أهميته قد يفتح بابًا للفساد فى الوحدات المحلية، وطالب فى تصريحاته التى أدلى بها اليوم بتوضيح الأماكن التى يسمح بوقوف العربات فيها وتحديد فئة الرسم لكل مكان ونشاط مع توفير الرقابة الشديدة من دون منح سلطة تقديرية للموظفين القائمين على التصريحات.
كيف يرى مسؤولو المدن مشروع القانون؟
لم تبد الدكتورة عزيزة السيد رئيس مجلس مركز ومدينة قليوب حماسًا كبيرًا بفكرة مشروع القانون، وقالت: تقنين العربات أمر جيد ولكن أنا بشكل عام لا أفضل بيع الطعام على عربات خاصة المأكولات التى تعتمد على الأطعمة المجمدة لأن الطعام بالذات يحتاج مكانًا ثابتًا للحفاظ عليه فى درجة برودة معينة، وأضافت: ممكن الخامات تكون طازجة وجميلة ولكن إعادتها للثلاجة مرة أخرى ثم إعادة استخدامها يجعلها غير صحية.
وأشارت إلى فكرة أخرى نفذتها حين كانت تشغل منصب رئيس حى شرق شبرا: الباكيات التى نفذناها على أسوار المدينة لها شكل حضارى ومستقرة وأفضل كثيرًا من العربات المتنقلة خاصة أن "الشوارع مش ناقصة إشغال".
أما المهندس شريف مجدى حسين رئيس جهاز تنمية مدينة الشروق فكان له رأى مختلف من واقع تجربة المدينة "شارع شباب الشروق" الذى ضم العديد من عربات المأكولات المرخصة من أجل توفير فرص عمل لشباب المدينة، ويقول لـ"اليوم السابع": الفكرة رائعة جدًا فمن واقع تجربتنا مع شارع شباب الشروق المؤشرات كلها إيجابية والتجربة تستحق، وحاليًا نحن نعيد تقييم عائد الشباب وعائد المشروع من أجل تقييم الرسوم الخاصة بإشغال المكان لننا نوفر لهم خدمات وتجهيزات كاملة من كهرباء ومياه ودورات مياه.
يضيف "حسين": الأفضل عند إقرار القانون أن يتم تخصيص منطقة فى كل محافظة لوقوف العربات من أجل تلبية احتياجات العاملين على العربات وتوفير التجهيزات اللازمة لهم ولتسهيل الإشراف عليهم، ولن يقلل هذا الإقبال على العربات كما قد يزعم البعض فمن واقع تجربتنا جمع العربات فى مكان واحد جلب عدد أكبر من الرواد إليهم وتحول إلى ما يشبه الممشى أو المنتزه.
أصحاب عربات متنقلة: "حاجة كويسة بدل ما نبقى مهددين"
بدوره يقول "حسن اللول" صاحب إحدى عربات الفول المتنقلة فى السويس: "الرسوم مقبولة جدًا والفكرة كويسة" يضيف: عربة الفول مصدر رزقى الوحيد بعد أن كنت عامل باليومية فى البناء لكن الحال لم يكن جيدًا فاشتريت العربة وأعمل عليها. مشكلتنا حاليًا ليست فى الغرامة التى ندفعها حين تصادر البلدية العربة ولكن فى ان العربة يمكن أن تظل 4 أيام كاملة حتى نستردها والأكل عليها كله يتلف. ورحب بمشروع القانون قائلاً: "ياريت على الأقل نفضل شغالين على طول وماحدش يضايقنا".
أما "محمد حمدى" مالك عربة كبدة وسجق فى منطقة الطوابق بفيصل فيقول "حاجة كويسة جدًا وماعنديش مشكلة لو فرضوا رسوم على الأقل مش هبقى مهدد إن كل شوية حد ياخد العربية وتبقى عليا غرامة"، ويضيف: لا مشكلة فى تغيير مكاني ولكن يختاروا مكان جيد "الرجل ماشية فيه" لنتمكن من تحصيل مبلغ جيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة