كشف تقرير لهيئة النيابة الإدارية، برئاسة المستشارة فريال قطب، بشأن أبرز الإيجابيات والتحديات التى تواجهها المرأة فى الوظيفة العامة، من واقع التحقيقات التى أجرتها النيابة فى الفترة من عام 2012 وحتى عام 2016، عن ندرة القضايا التى وجه فيها الاتهام للمرأة الموظفة، بجريمة تقاضى رشوة.
التقرير الذى أعده المستشار سعد خليل، عضو المكتب الفنى لرئيس الهيئة، ونقحه المستشار محمد سمير، مدير إدارة الإعلام والمتحدث الرسمى باسم النيابة، أوضح قلة القضايا التى اتهمت فيها المرأة – كموظف عام- بالاختلاس أو التربح أو الإضرار العمدى بالمال العام أو التزوير أو غيرها من الجرائم العمدية المرتبطة بالوظيفة العامة مقارنة بالمتهمين من الذكور، وقلة القضايا التى أحيلت فيها إلى المحاكمة التأديبية مقارنة بالجرائم التى أحيل فيها للمحاكمة موظفون من الذكور.
تقلد الوظائف الإدارية العليا
تقديم بعض الموظفات بالجهات الإدارية المختلفة شكاوى عدة بشأن عدم اختيارهن لتقلٌد وظائف إدارة عليا، إلا أن جهة الإدارة لاختيار شاغلى هذه الوظائف، تتمسك بسلطتها التقديرية فى اختيار من تراه، و بمطالعة من تم اختيارهن، تبين أن هناك ندرة فى تولى المرأة، قد يكون مرجعها عدم إنفاذ المبادئ الدستورية، بشأن حظر التمييز ضد المرأة.
وأشاد التقرير بالإرادة السياسية لدعم وتمكين المرأة على أعلى المستويات، التى ظهرت جلية فى آخر تعديل وزارى وما تضمنه تشكيل الحكومة الحالية، لأول مرة فى تاريخ مصر، من اختيار 6 سيدات على رأس وزارات الثقافة، السياحة، الاستثمار والتعاون الدولى، التخطيط، التضامن الاجتماعى، والهجرة، وسبق ذلك من ناحية أخرى اختيار امرأة لتشغل منصب محافظ البحيرة فى فبراير عام 2017 لتصبح أول سيدة تشغل مثل هذا المنصب فى تاريخ مصر.
وذكر التقرير أن وجود المستشارة فريال قطب، رئيس هيئة النيابة الإدارية على رأس الهيئة، التى تعاقب على رئاستها 4 سيدات عبر تاريخها، كان بمثابة دفعة كبرى لإعداد هذا التقرير، مشيرا إلى تفرد النيابة الإدارية دون الجهات والهيئات القضائية الأخرى بنسبة سيدات تزيد على الـ 43% من بين إجمالى عدد أعضائها.
وأوضحت النيابة الإدارية، أن علاج الخلل فى تقلد المرأة للوظائف الإدارية العليا بضرورة إصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء بإلزام الوزارات و الهيئات العامة و الجهات الإدارية الأخرى بتحديد نسبة تمثيل للمرأة بالوزارة أو الهيئة أو الجهة الإدارية لا تقل عن 25% - على سبيل المثال، أن تتولى لجنة الوظائف القيادية بالوزارة، وعلى الجهة الإدارية الالتزام والمحافظة على هذه النسبة عند اختيار شاغلى وظائف الإدارة العليا.
تكليف الطبيبات والممرضات
طالبت النيابة الإدارية بإلزام وزارة الصحة أو غيرها، عند تكليف الطبيبات والممرضات، أن تكون أماكن التكليف قريبة من محل الإقامة حتى يمكن للمرأة العاملة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، وهو ما يستتبع بالضرورة تحديث بيانات الخريجات من الطبيبات وهيئة التمريض، لتعديل أماكن التكليف وفقا لآخر محل إقامة لهن، دون الاكتفاء بمحل الإقامة المدرج بملفهن، وقت التحاقهن بالدراسة .
وهو ما يترتب عليه استحالة عملية لتنفيذها للتكليف الصادر لها وفقا للقانون فتحرم الدولة من جهودها وتتكدس القضايا أمام جهات التحقيق بشأن انقطاع المكلفات، وما يتكلفه ذلك من وقت وأموال دون طائل، كما يتعين إعادة النظر فى التكليف من قبل الدولة ليكون بمقابل عادل، وبعد أن تفى الدولة بالتزاماتها يمكن لها ربط القيد بالنقابة المهنية للمكلف بشرط تقديم شهادة أداء التكليف.
تزويج القاصرات
بالرغم من تحديد القانون لسن الزواج والنص على تجريم جميع صور الاتجار بالبشر ومنها زواج القاصرات، كشفت تحقيقات الهيئة، عن قيام بعض المأذونين وأئمة المساجد خاصة فى القرى، بتزويج الفتيات القاصرات اللائى لم يبلغن السن القانونية زواجا عرفيا غير موثٌق، بزعم أن هذا الزواج حلال شرعا، وذلك حتى بلوغ الفتيات السن القانونية وإتمام الزواج بصورة رسمية، ويقوم الزوج بتحرير إيصالات أمانة ضمانا لاعترافه بالزيجة عند بلوغها السن القانونية.
وتبين فى تحقيقات الهيئة العديد من تلك القضايا، أن الزوج يتبرأ من الزواج، أو يتواطأ مع محرر العقد العرفى بعدم بنوة الأطفال، ما جعل الرئيس يقوم بمبادرة فى التوعية والتصدى ضد زواج القاصرات، والتى أطلقها فى سبتمبر 2017 الماضى، استشعارا لخطورة تلك الظاهرة وآثارها السلبية المتعددة على الواقع .
ولمواجهة تزويج القاصرات، أكد التقرير تعديل التشريعات الحالية، بحيث يتم مراعاة جميع صور تلك الجريمة، وتشديد العقوبات على كل من حرض أو ساهم أو شارك فى تزويج الفتيات القاصرات زواجا عرفيا، على أن تشمل العقوبات، ولى أمر الزوجة القاصر والزوج والقائم بعقد تلك الزيجة غير القانونية "، مع تفعيل مواد العقوبات الواردة بقانون تجريم الاتجار بالبشر، والتوعية المجتمعية بخطورة تلك الجريمة وأثرها على جميع المناحى، سواء فيما يتعلق بحقوق الطفل الصحية والاجتماعية أو التسرب من التعليم أو الانفجار السكانى أو ارتفاع معدلات الأطفال غير الشرعيين، وارتباط ذلك بارتفاع معدل الجريمة، على أن تتم تلك التوعية بتضافر بين جميع الجهات المعنية، من الإعلام و المؤسسات الرسمية.
إجازة الوضع أو إجازة رعاية الطفل
كشفت تحقيقات النيابة، عن تقديم بعض الموظفات المتعاقدات مع بعض الجهات الإدارية، بشكاوى لعدم منحهن إجازة رعاية الطفل، بأجر كامل ومنحهن إجازة رعاية الطفل بدون أجر، بدعوى أنهن متعاقدات بعقد عمل مؤقت، فلا يحق لهن إجازة رعاية الطفل بأجر، لأن تعاقدهن "الأجر مقابل العمل"، وأن منحهن إجازة رعاية الطفل بدون أجر يعنى عدم تجديد التعاقد لهن، وأن هذا يعد قصورا فى فهم أحكام القانون.
طرق علاج هذا الخلل
فالموظفة العاملة فى الدولة بمختلف قطاعتها، تستحق إجازة وضع بأجر كامل، كما تستحق إجازة رعاية الطفل لمدة عامين بدون أجر، سواء كانت تعمل بصفة دائمة أو مؤقتة، لذلك يتعين على الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إصدار كتاب دورى يتضمن ذلك، ويتم التأكيد فيه على عدم إلغاء التعاقد، أو عدم تجديده لحصول العاملة على إجازة الوضع أو إجازة رعاية الطفل، وذلك لحين تسوية أوضاع المتعاقدين وفقاً لقانون الخدمة المدنية، على أن تلتزم جميع الجهات غير الخاضعة لقانون الخدمة المدنية لهذه الأحكام.
التحرش والاعتداء الجنسى ضد المرأة
لابد الأخذ فى الاعتبار، أن الأعداد المدرجة فى هذا التقرير لا تعبر بدقة عن عدد الجرائم المرتكبة، إذ أنه نظراً لما لهذه الجريمة من طبيعة خاصة، ومع انتشار ثقافة لوم الضحية المتغلغلة فى المجتمع ، عادة ما تحجم الضحايا عن تقديم بلاغات رسمية عما يرتكب في حقهن.
وكشفت تحقيقات النيابة فى قضايا التحرش والاعتداء الجنسى، أن معظم هذه القضايا تحرش ضد الطالبات القاصرات فى المرحلة الابتدائية والإعدادية، وأن البعض منها من بعض الرؤساء ضد الموظفات، أو بين أطفال داخل دور أيتام تشرف عليها الدولة.
وأكدت الهيئة أن علاج التحرش ضد المرأة يتضمن، نشر وسائل التوعية اللازمة فى هذا الشأن، خاصة فى المدارس الابتدائية والإعدادية لمثل تلك الجرائم، لتتمكن الضحية من التعرف على أنماط تلك الجريمة وكيفية الإبلاغ عنها.
التكليف الوجوبى للأخصائية الاجتماعية بالمدرسة، للتواصل وبشكل دائم ومنتظم مع طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية، وبشكل علمى تربوى مدروس، اختيار المدرسين ذوى السمعة الطيبة للتدريس بمدارس الطالبات على وجه الخصوص، مع استبعاد أى مدرس يتم اتهامه بواقعة مماثلة من قطاع التعليم برمته.
تحقيق الحماية الكاملة للموظفات اللائى يبلغن عن تعرضهن للتحرش من قِبل رؤسائهن، وهى حماية يجب أن تكون أشمل من الحماية المقررة للشهود والمجنى عليهم، استخدام وسائل الإثبات الحديثة فى تحقيقات تلك الجريمة نظرا لصعوبة إثباتها بالوسائل التقليدية، لقيام الجانى عادة بارتكابها بعيدا عن الأعين، خاصة إذا لم يبلغ التعدى الجنسى من الجسامة ما يترك أثرا على جسد الضحية، تدريب وتوعية السيدات والمحققين على التعامل مع الضحية، وتلقى البلاغ ومباشرة التحقيقات فى هذه القضايا.
تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات "الختان"
كشفت تحقيقات النيابة، أن هناك عددا من الأطباء ممن يعملون بمستشفيات حكومية يقومون بارتكاب تلك الجريمة، رغم تجريمها وحظرها بقرار وزير الصحة رقم 271، بحظر ممارسة عملية تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات.
وعام 2016 تم تعديل التشريع الجنائى مرة أخرى ليتضمن تغليظ العقوبة على من يقوم بختان الأنثى، لتصل العقوبة بالسجن من 5 سنوات إلى 7 سنوات، ومن ضمن التعديلات (اعتبار جريمة الختان جناية وليست جنحة، وأيضاً رفع العقوبة لتصل إلى السجن المشدد 15 سنة، إذا أفضى إلى عاهة مستديمة أو الموت، كما تتراوح العقوبة لمن يصطحب أنثى للختان من سنة إلى 3 سنوات .
طرق مواجهة ظاهرة ختان الإناث
-انفاذ القانون بتعديلاته التشريعية الأخيرة.
-تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن تلك الجريمة، نظرا لصعوبة الإبلاغ عنها من قبل الضحية لحداثة سنها، ولكون ولى أمرها عادة ما يكون متورطا فى الجريمة.
-إضافة بعض العقوبات التكميلية، حيال مرتكبى الجريمة من الأطباء، وعلى رأسها الشطب من سجلات النقابة والمنع من مزاولة المهنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة