كل هذه الأنواع الجديدة من المخدرات تجد لها فى مصر رواجا وسوقا، البعض يصنعها، والبعض يزرعها، والبعض يستوردها، والبعض يصدرها، اقتصاد أسود، يتحرك تحت تحت السطح، يخرب القلوب، يدمر الأجساد، يفخخ الأوطان، حرب غير معلنة، ندمر فيها أنفسنال بأنفسنا، فلماذا لا تعتبرها الدولة ضمن حروب «الجيل الرابع» وتقاومها بشدة تقترب من شدة مقاومتها للإرهاب؟
سابقا قلت إن «جيل عبده موتة» أشد خطرا على مصر من «سيد قطب»، وللأسف أخذت المخدرات فى الازدياد يوما بعد يوم، وفى قلب المجتمع حكايات دامية عن ذلك الذى شرب مخدرات فاعتدى على أخته، وهذا الذى أراد أن يشرب مخدراته فقتل أمه، وهذا الذى حجر على أبيه لكى يجد ثمن «الكيف» هكذا يستنزف الاقتصاد، هكذا يتم تدمير الأسرة المصرية، هكذا يفقد الواحد كل شىء، قيمه، دينه، علمه، هيبته، أحلامه، انتمائه، أمنياته، أحبائه، موارده، مستقبله، فما الذى تفعله الحروب أكثر من هذا؟ وما الذى يبتغيه الأعداء خلاف ذلك.
مصر تواجه حربا إقليمية واسعة المدى والتأثير، لكنها أيضا تواجه حربا فى الداخل من نوع آخر، حرب تستهدف الوعى وتسعى إلى تدمير الشخصية المصرية على جميع مستوياتها، ودور كل مصرى غيور على بلده أن يعلن الحرب على تلك الآفة القاتلة، فلا أحد ينكر أن الحرب على الإرهاب من أهم الحروب التى خاضتها مصر عبر تاريخها، وكذلك فإن «الحرب على الإدمان» الذى يفتك بأبنائنا ويجتث أحلامنا، من أهم الحروب التى يجب أن تستعد لها مصر بشكل مختلف حتى تقضى عليها تماما، وللأسف فإن غالبية قضايا المخدرات التى يجتهد رجال الشرطة فى كشفها يتم تبرأه متهميها فى المحكمة، وهو ما يؤكد أننا بحاجة إلى مواجهة قانونية من نوع خاص، مواجهة تتطلب تعديلات تشريعية، كما تتطلب مراجعة تثقيفية لرجال الشرطة من جانب القضاة لكى لا يتمكن المحامون من إيجاد ثغرات فى الضبط والإحضار، وفى الحقيقية فإننى لا أعرف لماذا لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات منذ زمن بعيد، فى حين أنك لو سألت أى محام عن نسبة الذين يحصلون على البراءة من قضايا المخدرات لأكد لك أنها نسبة مرتفعة للغاية، وتكاد تكون الأكبر من بين كل القضايا، فهل من المطلوب أن يفسد الوطن كله قبل أن نلقى بالتفاحة الفاسدة فى أقرب سلة قمامة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة