هذا مقال قديم يتجدد للأسف فى الصحافة المصرية، نشرته من قبل بتاريخ 15 ديسمبر 2015، قبل 3 سنوات ولا تزال أزماتنا فى الصحافة المصرية كما هى، وقتها كانت تتصدر مانشيتات الصحف المصرية نتائج تحقيقات الطائرة الروسية وأزمة رئاسة البرلمان واعتذار المستشار عدلى منصور عن عدم قبول التعيين فى مجلس النواب، وورطة قائمة «حب مصر» بعد فشل مفاوضات ائتلاف الدولة المصرية والوثيقة التى تلزم أعضاء المجلس بالتخلى عن أفكارهم، قفز وقتها لصدارة العناوين، خبر القبض على الممثلة المغمورة حنين ليحتل المرتبة الأولى فى قائمة الأخبار الأكثر قراءة على المواقع الإخبارية وقائمة الكلمات الأكثر بحثا على محرك البحث «جوجل».
«حنين» فى حد ذاتها ليست مهمة فيما أطرحه بالمقال، ولكن الأهم ما وراء حنين، الأهم قضية الآداب المتهمة فيها، الأهم هو إقبال المصريين لقراءة الخبر والبحث عنه بشكل يضاعف عدة مرات البحث عن خبر مستقبل الاقتصاد المصرى أو الحياة السياسية أو حتى تحركات الحكومة فى القطاعات المختلفة.
خبر حنين، كشف تغير مزاج القارئ المصرى، القارئ الذى كره السياسة ويمتنع عن متابعة تفاصيلها باعتبار أن كل ما وقع فيه المجتمع المصرى من أزمات فى السنوات الخمسة الأخيرة بسبب السياسة وحالها، خبر حنين يكشف أيضا ميول القارئ المصرى إلى الأخبار الخفيفة التى تبتعد عن الجدية، وبالتحديد أى أخبار تتعلق بالفن أو الرياضة أو حتى خطوط الموضة فى العالم، على نفس شاكلة أخبار «كيم كارديشيان».
الجانب الآخر، هو كيفية تعامل المواقع الإخبارية مع تلك الظاهرة، المواقع تتعرض كل يوم إلى ضغط، تقدم كل يوم وجبات إخبارية متميزة، تغطيات هنا وهناك، مراسلون فى قلب الحدث، وتكليفات يومية نحو مزيد من التغطية المثالية لكل الأحداث الخبرية، غير أن الجمهور نفسه يتجه لخط أخبار مختلف تماما، وهو ما يجعل المواقع فريسة لتلك النوعية من الأخبار، تعمل وفق تطلعات ورغبات جمهور الباحثين على «جوجل» لا وفقا لألويات ومفاهيم وقواعد المدارس الصحفية، وبالتالى لا يكون أمام المواقع غير ترتيب قضية مثل «حنين» فى المرتبة الأولى لاهتمامات صحفييها ضمانا لجمهور القراء، وبالتالى لا تستغرب إن وجدت تقريرا صحفيا عن حياة حنين أو 5 معلومات لا تعرفها عن حنين، أو شاهد أول صورة لحنين بالكلبشات أو نص التحقيقات مع حنين أو اعترافات حنين أو قرار حبس حنين أو 6 صور لحنين فى الطفولة لم ترها من قبل.
حنين هى عنوان لأزمة صناعة الأخبار فى مصر، لأن الأرقام تقول إن كلمة حنين جرى البحث عليها بواقع 120 ألف مرة، أى أن 120 ألف مواطن حاول عبر شبكة الإنترنت بشكل مباشر الوصول إلى أى معلومات عنها، حتى وصلت لأن تكون الكلمة الأكثر قراءة والأعلى بحثا، وكل هذا يحدث رغم أن حنين ممثلة مغمورة، فتخيل إذا لو كانت تقوم بدور بطولة فى فيلم واحد فقط.
طرحى لقضية حنين وربطها بصناعة الأخبار فى مصر، هو رصد لظاهرة، تكررت وما زالت تتكرر، شاهدناها فى رقصات صافيناز وكليب سيب إيدى وخطأ سمية الخشاب عندما تحدثت عن حياة فاتن حمامة رغم وفاتها، الظاهرة تتكرر وما زلنا كمواقع إخبارية نقع كل يوم فريسة، فى نفس المصيدة، ننساق وراء أخبار الترافيك، لا أخبار المواطن البسيط الذى تشققت يده فى دلتا مصر من كثرة إمساكه بالفأس أو العامل الذى تتساقط قطرات عرقه عن كل مجهود حقيقى فى بناء دولة.. هؤلاء هم أولى لنا بالاهتمام، هم أولى بأن يكونوا هدف صانعى الأخبار، لا حنين ولا غيرها.
نهاية، آسف لأنى أستخدم طريقة الترافيك فى عنوان المقال، أردت فقط أن أختبرك.. اسأل نفسك، هل أنت من الـ120 ألف مواطن الباحثين عن أخبار حنين، فقرأت المقال لمعرفة المزيد أم لا؟
3سنوات على المقال، ولا يزال الإعلام المصرى يقع فريسة أسبوعيا لأخبار «حنين»، ولكن بأسماء وصياغات مختلفة تكشف أزماتنا فى صناعة المحتوى التى كثيرا ما نتحدث عن مواصفاته وشكله وملامحه، حتى أصبحنا جميعا متحدثين باسم المحتوى لا منتجين له.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
السيل يحمل الماء وكذلك الضرر
استاذي الكاتب المحترم : دي اعمال تابعه لمجال الصحافه انا كقارىء ومتابع اعمل ايه ما تنشرونه يقرا وما تقومون به هو حسب المقاال( صالح الاعمال ) انتم كهئيات ومؤسسات صحفيه واعلاميه مسؤلون عن المحتوي والطريقه والاخراج والصياغه واختيار الكلمات والنشر وكل شىء انا كمتلقي اجد كل شىء فهل سيتم الاختيار وكيف اذا كان مسموعا او مرئيا او مقرؤا والامر غزير ويعترف الجميع ان كل جهه لها غايه الا وهو الربح كما ان كل جهه بها الصاح وغير الصالح وكل يمسك قلم او لسان او قناه فماذا نحن فاعلون اصبح الامر كالسيل يحمل الماء وفي نفس الوقت يحمل الضرر