البنية التحتية لجماعة الإخوان الإرهابية، قائمة على البرجماتية الشديدة، بغية تحقيق أهدافها السياسية، ووصولها للحكم، ولديها استعداد للتعاون مع الشيطان فى سبيل تحقيق ذلك، وعندما، تصطدم مصالحها مع النظام السياسى القائم، يبدأون مرحلة العنف الشديد، بتنفيذ سلسلة اغتيالات لشخصيات نافذة، وعندما يرد النظام بقوة على نهج الجماعة، تبدأ مرحلة «المظلومية والمسكنة».
وبالعودة لتاريخ الجماعة، وبعد مرحلة التأسيس والانتشار كونها جماعة دعوية، زورا وبهتانا، بدأت مرحلة التقرب من السلطة، والانخراط فى العمل السياسى، لذلك بذل حسن البنا، جهودا مضنية للتقرب من الملك والقصر، وقدم نفسه، وجماعته كسند له، ثم سعى سعيا حثيثا لمبايعة الملك فؤاد، خليفة للمسلمين، وكالوا المديح والثناء على السلوك الإسلامى، وظلوا على نفس النهج، حتى وفاته، بل وعند موته، تحدثوا عنه باعتباره خليفة المسلمين، ووصفوه بأنه كان «حامى الإسلام ورافع رايته».
وبدأت الجماعة، تمهيد الأرض للتقرب من ولى العهد الذى سيخلف والده فى ملك البلاد، وطالبته بالتمسك بالتقاليد الإسلامية التى كان يتحلى بها والده، وبدأت تصف الملك فاروق بسمو النفس وعلو الهمة وأداء فرائض الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
ولا يمكن أن ينسى المصريون يوما ما سطره، مؤسس الجماعة، حسن البنا، فى مجلة «الإخوان المسلمون» سنة 1937 عندما كتب مقالا، تحت عنوان «حامى المصحف» أظهر فيه كما رهيبا من النفاق، والتزلف من الملك، عندما قال نصا: «إن 300 مليون مسلم فى العالم تهفو أرواحهم إلى الملك الفاضل الذى يبايعهم على أن يكون حاميا للمصحف فيبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنودا للمصحف، وأكبر الظن أن الله قد اختار لهذه الهداية العامة الفاروق فعلى بركة الله يا جلالة الملك ومن وراءك اخلص جنودك».
وربما يقول قائل، وما الخطأ فى أن تدين جماعة الإخوان، بالولاء والطاعة الكاملة للملك فؤاد، ومن بعده ابنه الملك فاروق، واعتباره خليفة المسلمين، وأن 300 مليون مسلم تهفوا أرواحهم للملك الفاضل، ونقول له، إن ما أظهرته الجماعة من ولاء وطاعة للملك، أمرا يخصها، ومن يراه أمرا محمودا، فمن حقه، ومن يراه تزلفا ونفاقا للسيطرة على الملك، فمن حقه أيضا، لكن ووسط هذا التقرب والتزلف والولاء الشديد للملك، كانت جماعة الإخوان، تبحث وبنفس مد جسور الود والولاء والطاعة، لكل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وبنفس درجة الولاء والتعاطف مع الملك.
وقدم الإخوان، أنفسهم لبريطانيا وأمريكا، باعتبارهم جماعة قوية لا يمكن تجاوزها حين التعامل مع مصر والعالم الإسلامى وتوثيق المصالح معهم، ورسم السياسات حولهم، كما قدموا أنفسهم أيضا باعتبارهم جماعة تقبل الحوار والتشاور مع جميع القوى، وأنها منفتحة ولديها أرضية للمناقشة فى شتى المواضيع التى تهم حياة ومستقبل الأمة.
هنا نكتشف مدى ازدواجية الجماعة، ولعبها على كل الحبال، وتقديم الولاء والطاعة العمياء للملك، ثم وفى نفس الوقت، تمد جسور الولاء والطاعة أيضا لدولة الاحتلال بريطانيا، بجانب الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر اتفق عليه كل المؤرخين والمتابعين سواء من داخل الجماعة أو خارجها، وزادوا من الشعر بيتا، بالتأكيد على أن تاريخ الجماعة، ملىء بالمواجهة مع القوى الأخرى والعمل لحساب جهات هى التى تحركهم وتستخدمهم لمصلحتها، ومن ثم فإن الجماعة، دأبت على تنفيذ مصالح الغير وتنفيذ أهدافهم، بانتهازية ورغبة جامحة فى اللعب على كل الحبال للوصول إلى السلطة والحكم. كما أكد المراقبون والمتابعون عن قرب، لأداء الجماعة السياسى، بأن الإخوان لم تلعب سياسة يوما من منابرها المعلومة، وبشكل واضح وفى العلن، وإنما يبحثون عن مصالحهم، وتنفيذ أهداف الجهات الآخرى.
كما أبرزت كل الوثائق والمعلومات والتحليلات منذ تأسيس الجماعة وحتى كتابة هذه السطور، القدرة على صناعة المظلومية، واستثمارها بشكل جيد لإعادة الإخوان للمشهد فى الشارع، واكتساب تعاطف أكبر عدد من المصريين وغير المصريين أيضا فى الداخل والخارج، لذلك وجدناها صنعت مظلومية ضد الملك عام 1948 بعد حل الجماعة والتنكيل بها، إبان حكومة النقراشى باشا، ثم اغتالوه، وعاشوا فى مظلومية حتى عادوا من جديد بعدها بعام.
كما عاشوا مظلومية أشد، بعد عام 1954 عندما حاولوا اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، فيما يطلق عليه «حادث المنشية بالاسكندرية» التى كانت له نتائج سيئة على الجماعة، والزج بقيادتها فى السجون، ولذلك لجأوا إلى إلصاق الأباطيل والادعاءات بجمال عبدالناصر، وتأليف قصص وهمية مثل الحمامات الممتلئة «بمية النار» التى كان يلقى فيها أعضاء وقيادات الإخوان، ويخرجون جثثا متأكلة، وألفوا كتبا عديدة عن هذه المرحلة.
نفس المظلومية عاشوها عقب فض رابعة، واستحداث شارة أربعة، باليد، للتعبير عنها، كما يحاولون يوميا البحث عن مظلومية، لاستثمارها لصالحهم فى صراعهم وخصومتهم الفاجرة مع النظام الحالى، ومن قبله الشعب المصرى، وكان آخر مصنع إنتاج المظلوميات، تحويل مشاجرة بالخرابيش بين هشام جنينة ومواطنين فى التجمع الخامس، واعتباره محاولة اغتيال، وأطلقوا عليها موقعة «الركبة» ويبحثون الآن عن الترويج لشارة «المفصل» تعبيرا عن محاولة اغتيال جنينة من ركبته، ومن يريد الشهرة فليذهب و«يقرص» جنينة فى «ركبته».
ولَك الله يا مصر...!!