جيلان جبر

مصير إيران ومخاوف تركيا

الخميس، 04 يناير 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشهد البداية لعام جديد تستكمل فيه عدد من التطورات والقدرات لبعض الدول من جهة والتصعيد فى الأحداث يسمح بالتعديل من ملامح الوجه السياسى من الدول الإقليمية والعربية من الجهة الآخر، فهناك فى إيران مظاهرات شديدة الغضب قلبت الطاولة على نظام المؤسسات المذهبية، والدينية الخمينية، وهناك مخاوف فى تركيا التى مازالت تعانى من غضب مكتوم من نظام التركى الأردوغانى الذى أصابه القلق بدوره من التطورات فى الشارع الإيرانى فظهر أمامنا البيان الصادر عن الخارجية التركية الذى تؤكد فيه «أن أنقرة تولى أهمية كبيرة للسلم الاجتماعى والاستقرار فى إيران الصديقة والشقيقة».
 
وهذا الكلام والأسلوب بين السطور والصياغة المحكمة تشير إلى أن أنقرة تأمل فى أن تظل الأوضاع فى إيران الجارة والحليفة تحت السيطرة، وأن تفشل كل الدعوات إلى «ربيع إيرانى»، وهذا كلام معاكس وتناقض مع الدعوات السابقة لها بتشجيع ودعم احتجاجات «الربيع العربى» فى عدة دول، وكانت تأمل فى أن تحقق منها جماعات إسلامية المتشددة موالية لها الحكم والأمل مازال فى سوريا بعد أن أسقط شعب مصر مخطط الإخوان وكشف عن حقيقتهم أمام العالم وتحركت باحتراف الإدارة المصرية لتستعيد دورها العربى والإقليمى وتوسعت بعلاقاتها الأوروبية والروسية والأمريكية وقامت بتعيين وترسيم لحدودها البحرية فى المتوسط مع قبرص واليونان ببناء تعاون شامل وعمق سياسى واقتصادى وإزالة الشوائب فى المشهد، مما قد استفز الآخرين فى هذا الإقليم فهرول نظام أردوغان فى اتجاة طهران وأصبح زمن العلاقات الإيرانية التركية.
 
ويرى مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بالإمارات فى إحدى دراساته أن الرئيس أردوغان يتخوف من مصير مشابه لما قد يؤول إليه الوضع فى إيران فكلاهما متورط فى دعم جماعات متشددة وميليشيات مختلفة فى العراق وسوريا، فضلا عن مخاوف تتعلق بسعى الأكراد إلى الاستقلال، وغياب مناخ الحرية، وتجريم المعارضة واتهامها بالعمالة إلى الخارج.
 
فقد سعت تركيا مؤخرًا إلى تعزيز وجودها بالمنافذ البحرية المطلة على سواحل البحر الأحمر أو المحيط الهندى، وهو ما انعكس فى توقيعها اتفاقًا لتطوير وإدارة جزيرة سواكن السودانية خلال زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى السودان فى 24 ديسمبر 2017، وبما قد يمهد لبناء شراكة تجارية واقتصادية واسعة بين الدولتين خاصة مع رفع العقوبات الاقتصادية على السودان فى أكتوبر الماضى، فيما يتطلع الطرفان لتوسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات استثمار مختلفة، حيث ترغب أنقرة فى ضخ رؤوس أموال بقطاع الزراعة والصناعة والخدمات السودانى، وهو ما انعكس فى توقيع الدولتين على 21 اتفاقية تجارية واستثمارية على هامش الزيارة، وتشغيل قاعدة عسكرية بحرية على سواحل المحيط الهندى فى الصومال منذ سبتمبر الماضى.
 
وفيما يبدو، فإن منح السودان حق إدارة وتأهيل جزيرة سواكن إلى تركيا يمثل نقطة تحول استراتيجية فى الشراكة الاقتصادية بين الدولتين على اعتبار أنها ستمهد لضخ مزيد من الاستثمارات التركية فى القطاعات الاقتصادية المختلفة بالسوق السودانية، التى تصل فى الوقت الحالى إلى 2 مليار دولار فقط، تخطط الدولتان لزيادتها إلى 10 مليارات دولار.
فضلاً عن الاتفاق على تأسيس منطقة تجارة حرة فى جيبوتى التى تم تخصيص مساحة 5 ملايين متر مربع لها فى ديسمبر 2016. ويبدو أن تركيا تحاول من خلال ذلك تحقيق أهداف استراتيجية واقتصادية تتمثل فى تعزيز التجارة مع هذه الدول وتأسيس نقطة انطلاق مهمة نحو التمدد الاستثمارى فى القارة الأفريقية بشكل عام.
 
ولفت المركز إلى إلى أن معدل الخروج لاحتجاجات فى إيران من بعدها المطلبى الاقتصادى إلى مطالب سياسية قد يغرى الشارع التركى بانتفاضة واسعة أيضا على حكم العدالة والتنمية الذى يسعى بخطوات منهجية نحو تعزيز حضور تركيا بالمنافذ البحرية للبحر الأحمر أو المحيط الهندى.
 
لا تعتبر تركيا الدولة الوحيدة التى تتطلع إلى بناء شراكات بحرية مع بعض دول المنطقة، إذ إن هناك قوى دولية وإقليمية سبقت تركيا فى هذا المنحى، لكن ربما يمكن القول إن تعزيز أى طرف من حضوره فى هذه المنافذ البحرية لا يعنى بالضرورة الخصم بشكل حدى من مكاسب الطرف الآخر «على غرار نموذج جيبوتى القائم على تمركز قواعد عسكرية من جنسيات مختلفة».
 
أما بالنسبة للدول المُستقبِلة، فقد تسعى إلى استثمار السباق بين تلك القوى على الوصول لمنافذها البحرية من أجل تنويع شراكاتها الاقتصادية مع أطراف مختلفة، وبما يصب فى النهاية فى إطار تنمية اقتصاداتها والحصول على عوائد مالية متزايدة.
 
وختامًا، يمكن القول إن تركيا تتحرك تدريجيًا نحو تعزيز نفوذها فى منطقة البحر الأحمر، وهو ما تطمح فى الحصول من خلاله على مكاسب متنوعة سياسية واستراتيجية واقتصادية فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إلا أن ذلك لا ينفى أنها لن تكون الطرف الوحيد فى هذه المنطقة، على نحو سوف يضع حدودًا لمكاسبها المحتملة وذلك ما تنتهى الية دراسة مركز المستقبل.
 
ونعود لواقع هذا العام الذى يحمل معه مخططات جديدة ترسم فى الإقليم وإرادة مصرية من حديد تستطيع مع حلفائها من دول أوروبا والخليج وضع استراتيجية رد على كل هذا الطموح من التوسع والتمدد والتعديل، فمصر غالبا لن تتوقف عند التعاون مع قبرص واليونان فقط، ولكنها تملك من الأوراق السياسية الكثير والكثير، وسيكون لها تأثير فى البعد الإقليمى، لأنه من ضمن المهام فى هذا العام.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة