كان الجمهور يحتشد أمام شاشات التليفزيون أثناء إعلان نتائج الأفضل فى أفريقيا، مثلما يتفرج على نهائى الفريق الوطنى، وبالرغم من إعلان تتويج المنتخب والمدير الفنى هيكتور كوبر، وفرح الجمهور، وانتظروا تتويج صلاح بعد أن صوتوا له.
كان محمد صلاح أهم صناع الفرح فى عام 2017، واستمر ليفرض نجوميته فى العام الجديد بحصوله على جائزة أفضل لاعب فى أفريقيا، نجومية صلاح لم تصنعها موهبته الاستثنائية فقط، ولديه منها الكثير، لكن أيضا بلمساته الإنسانية وخطوط روحية أقرب لحبل سرى تربطه بجمهوره فى مصر وأفريقيا وأوروبا والعالم.
محمد صلاح يمتلك خيوطا دقيقة مع الجمهور، لم تتوفر للكثير من اللاعبين فى تاريخ اللعبة الأكثر شعبية فى العالم، وأبرز هذه الخطوط فطريته، وإيمانه بموهبته وأهله وجمهوره، ويحتفظ بالكثير من الطفولة، والبهجة وهو يتعامل مع جمهوره فى المدرجات.
وقد كشفت كلمة صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب أفريقى كاشفة عن فطريته وتواضعه، حرص على وصف اللاعبين المنافسين له متفوقًا على النجمين لاعب الجابون بيير إيمريك أوباميانج، والسنغالى ساديو مانى بأنهما «لاعبين عظيمين»، والإشارة للفرق التى لعب لها، روما وليفربول ومنتخب مصر الوطنى، شاكرا عائلته على دعمها المتواصل له. ثم أهدى الجائزة لأطفال أفريقيا وأطفال فى مصر وقال لهم «لا تتوقفوا عن الحلم»، وبالرغم من قصر كلمة صلاح عبرت عن مشاعر إنسانية، وتحدث صلاح بإنجليزية بسيطة لا شك أنه اجتهد فى تعلمها، ليعبر حواجز اللغة وهو اجتهاد إضافى يضاف إلى إخلاص اللاعب للعبة ولنجوميته، فهو لا يتواكل فقط على موهبته، لكنه يحرص على بذل المزيد من الجهد لخدمة صورته أمام الجمهور.
يعرف محمد صلاح ابن قرية نجريج التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، بالتواضع، فلم تغيره النجومية كثيرا، وما يزال ثابتا على طقوسه أثناء زياراته لقريته، وفيا لأصدقاء طفولته وشبابه، لا يتأخر فى تقديم ما يستطيع من جهود مادية ومعنوية لإسعاد أهله فى قريته وبلده بسيون، حيث كان سباقا بالتبرع لمستشفى بسيون، ومركز شباب قريته، ومبادرات خيرية كثيرة.
أما علاقته بجمهوره فى روما وليفربول نسجت علاقة بين صلاح وجمهوره، وقبل جائزة أفريقيا توج صلاح بجائزة الجمهور فى استطلاع الـ«بى بى سى»، بعد بداية مذهلة مع ليفربول بعدما سجل 23 هدفاً مع الفريق بجميع المسابقات الإنجليزية والأوروبية، ونجح فى قيادة منتخب مصر للصعود إلى بطولة كأس العالم 2018 فى روسيا، بعد غياب دام 28 عاماً، وساهم صلاح ونجوم المنتخب فى إعادة الجمهور لكرة القدم، والاحتشاد وراء المنتخب الوطنى وأيضا الاحتشاد وراء صلاح فى روما وبعدها ليفربول، ضمن مانسميه «عولمة كرة القدم»، حيث تجاوز التشجيع الفرق المحلية والوطنية، وأصبح الدورى الإنجليزى وكأس الأمم الأوروبية جزءا من عالم الكرة فى مصر وغيرهاو وأصبح ريال مدريد وبرشلونة من ضمن المقررات المحلية التى ينقسم حولهما الجمهور، لدينا عدد كبير من نجوم الكرة المحترفين فى نوادى العالم، على رأسهم صلاح الذى يصنع أسطورته كل يوم بدأب وإصرار وحلم.