لا أعرف إن كان المؤرخون المصريون يتفقون معى أم لا، لكن أعتقد أن التاريخ بيننا وبين آسيا بكل قومياتها وأجناسها هو جزء مهم من التاريخ الحقيقى لمصر فى شأنها الخارجى، ربما أكثر حتى من علاقتنا بأفريقيا وبالطبع أكثر مرات ومرات من علاقتنا بأوروبا والأمريكتين.
طرأت هذه الفكرة فى ذهنى بعدما شاهدت السائحين الآسيويين وهم يتحركون بكل طمأنينة وحب فى شوارع المحروسة، رأيتهم فى الشمال والجنوب وقابلتهم فى المساجد والمناطق الأثرية.
بالتأكيد عبر التاريخ كان بيننا وبين آسيا سلام وحروب وتجارة، أى أنه كانت بيننا حياة بكل ما فيها، وحاليا يجمعنا تشابه فى إحساسنا بالعالم، فنحن وهم لدينا معرفة مؤكدة بأن الغرب بكل أنظمته يحاول أن استغلالنا، وأن يحولنا إلى مجرد سوق لمنتجاته، وأنه لا يريد لنا تقدما ولا حتى وجودا، ربما الفارق الوحيد بيننا وبينهم هو القتال من أجل الأفكار.
لذا فإننى عندما كنت، مؤخرا، فى مدينة الأقصر، كان السائحون من الدول الآسيوية خاصة الصين واليابان يمثلون الأغلبية هناك تراهم منتشرين بصورة ملفتة، كانوا يستيقظون مبكرا جدا، ويتحركون قبل شروق الشمس يذهبون إلى البر الغربى ويركبون القوارب النيلية، وبينما الشمس الدافئة تتسع دائرتها يعودون إلى الفندق، فى حالة عظيمة من البهجة.
عندما تشاهد الآسيويين هناك عليك أن تنسى تماما الصورة النمطية التى تقدمها لك الصحف والبرامج التليفزيونية أو تلك التى تراها فى المصانع والشركات أو حتى التى تقدمها لك لقطات الفيديو المتداولة على الإنترنت، ففى الأقصر سوف تراهم بشكل مختلف مرحين ومحبين للحياة يتحركون فى جماعات يعلو صوتهم أحيانا لدرجة الصخب الجميل.
هذا المرح والتقارب مع الناس جعلهم يدركون ما يملكه صديقى الصحفى الجميل سعد نبيل من روح مرحة ومحبة، لذا فى مشهد يثير البهجة تحاوروا معه هو لا يفهم لغتهم وهم لا يعرفون ما يريد قوله، لكنهم التقطوا معه الكثير من الصور والفيديو بينما الضحك يمثل خلفية المشهد.
ما أريد قوله إن مصر كما هى مطالبة بالحركة بقوة ناحية أفريقيا، هى مطالبة أيضا بالحركة ناحية آسيا، ناحية التجارب الناجحة هناك، ناحية الشعب الذى لا يتعالى علينا، علينا أن نتنبه بقوة إلى التشابه الذى يجمعنا، وأن تصبح أصدقاؤنا هى البلاد التى تملك أحلاما التى تسعى لتحققها.