فى عام 2011 لاحظ المهندس الزراعى "محمد عزام" الارتفاع المطرد فى أسعار اللحوم الحمراء، ولاحظ أن السبب وراء هذا الارتفاع المتصاعد يرجع إلى الأعلاف التى ترتفع أسعارها فى العالم كله، ومن ثم ترفع أسعار اللحوم، فبدأ البحث عن بدائل للأعلاف التقليدية، ما قاده إلى عالم "الأزولا" ذلك النبات السرخسى (نبات أخضر بسيط التركيب)، الذى يحتوى على نسبة عالية من البروتين، ويمكن استخدامه كمكون مهم فى أعلاف الدواجن والأسماك والحيوانات.
ويقول "عزام" لـ"اليوم السابع": "يتميز الأزولا بسهولة استزراعه دون تكاليف تذكر فى مقابل الإنتاج الوفير منه، ورغم ذلك لم ينتشر بالشكل الكافى فى مصر لأنه لم يحظ بالتسويق اللازم من المركز القومى للبحوث أو الحكومة بشكل عام.
فى مقابل هذا الغياب للتسويق، بدأ "عزام" الاعتماد على الإنترنت من أجل تسويقه وأسس صفحة على "فيس بوك" لنشر ثقافة استزراع الأزولا فى مصر ويقول: أبذل الكثير من المجهود لإقناع الناس باستخدامها كأعلاف بديلة، وبالفعل نجحت فى تسويق الأزولا ليس فقط داخل مصر وإنما أيضًا فى العالم العربى، وحتى من لا يشترونها منى أساعدهم بالمعلومات على كيفية إنجاح مشروعهم وأقدم لهم المعلومات التى يحتاجونها.
بط يتناول الأزولا الطازجة
ويضيف قائلًا: المبيعات خلال عام 2017 ازدادت بشكل كبير بعد أن بدأت الناس تبحث عن بدائل أرخص ثمنًا للأعلاف وبدأنا ننشر هذه الثقافة بشكل أوسع على الإنترنت حتى أن 70% من مبيعاتى منذ بدأت العمل فى الأزولا كانت فى هذا العام.
ويأمل "عزام" أن ينتشر استخدام الأزولا فى مصر، مؤكدًا أنه سيساعد كثيرًا فى خفض أسعار اللحوم الحمراء، ويقول: لو انتشرت بالشكل الكافى يمكن أن ينخفض سعر اللحوم الحمراء من جديد إلى 50 جنيهًا للكيلو، وأسعار البروتينات بشكل عام ستنخفض.
ومن جانبه، يقول شريف صابر المهندس بالإرشاد الزراعى فى مديرية الزراعة بالشرقية، إن الأزولا هو نبات سرخسى صغير يعيش طافيا على أسطح المجارى المائية وهو مرتبط بنوع من الطحاب فتحدث معيشة تكافلية مع الأزولا، وتحتوى الأزولا على نسبة عالية من البروتين تتراوح بين 25-30% من وزنها الجاف، كما تعمل على تثبيت الأزوت الجوى ولذلك تستخدم أيضًا فى التسميد.
ويضيف: الأزولا موجودة فى مصر من عام 1998 ولكنها لم تنتشر بالشكل الكافى لغياب التوعية حولها فى حين أنها تنتشر بشكل كبير فى الهند والصين ونتائجها جيدة جدًا، موضحًا أن استخدام الأزولا منتشر أكثر بين الشباب الذين يبحثون عنها ويعرفون عنها من خلال الإنترنت، مشيرًا إلى أنها كانت موجودة قديمًا فى مصر وكان أجدادنا يجمعونها من على الترع فى حين يتغذى عليها البط داخل الترع.
ولاستغلالها اقتصاديًا يقول المهندس الزراعى: تحتاج لعمل أحواض مائية غير عميقة مبطنة بالبلاستيك، ويمكن إنتاج حتى 8 أطنان من الأزولا من الفدان شهريًا.
أما تجربة "محمد على" المهندس الزراعى فى المنصورة مع الأزولا فترجع إلى العام 2008، ويقول: سافرت فترة خارج مصر وعرفتها من هناك لأنها وقتها لم تكن معروفة فى مصر، فزرعتها بشكل خاص من أجل مزارعى، وبعد أن وجدت إنتاجها جيد بدأت أسوق للفكرة لأننى كنت أخطط لإنشاء مصنع لإنتاج الأعلاف من الأزولا، وكنت بحاجة لمن يورد لى المادة الخام.
من أجل تسويق الفكرة أنشأ "محمد" مجموعة على "فيس بوك" فى عام 2014، ويقول: هى أكبر وأول مجموعة تنشر الفكرة فى مصر، وبدأت أعرف الناس بها، وبالفعل جربها الكثيرون، ولكن للأسف لم تنجح فكرة المصنع لأن من يجربها بنية توريدها يرى أنه سيستفيد بشكل أكبر إن استغل هو الإنتاج وربى دواجن وحيوانات، بالتالى صرفت نظر عن فكرة المصنع.
حوض ازولا
ويرى "محمد" مشروع استزراع الأزولا استثمارًا ناجحًا وغير مكلف ويقول: لا يحتاج أكثر من 200 جنيه رأس مال ومكان مناسب، وهو نبات تزرعه مرة واحدة فى العمر ويقدم فى المقابل إنتاج وفير جدًا مدى الحياة.
وعن مواصفات المكان المناسب لعمل أحواض الأزولا يقول: يجب أن يكون مكان مفتوح تصله الشمس ولكن يفضل أن يكون نصف ظليل ليقدم إنتاج أكثر، ويجب أن تتم زراعتها بطريقة صحيحة لتكون أزولا غذائية خالية من السموم وليس تسميدية.
ويضيف: يمكن استخدام الأزولا كمكون فى أعلاف السمك والمواشى والدجاج والخيول والأغنام وحتى طيور الزينة، ولكن لكل استخدام لها إضافات معينة لأنها لا تصلح كعلف وحدها وهى تحتوى على نسبة عالية من البروتين وتوفر ما يقرب 50 إلى 60% من العلف ويمكن إذا تم الاهتمام بها بشكل جيد أن تصبح مصدر دخل أساسى للأسرة وليس مجرد مصدر دخل فرعى، لذلك نفذناها كمشروعات خيرية فى بعض قرى الصعيد.
إلى جانب الإنتاج الوفير للأزولا وتوفيرها الكثير من تكلفة الأعلاف يرى "إكرامى صبحى" الذى يعمل فى مجال الأعلاف البديلة من 10 سنوات أنها تساعد كثيرًا فى تحسين إنتاج الدواجن والألبان ويقول لـ"اليوم السابع": تساعد فى زيادة إنتاج بيض الدواجن بنسبة 24% وتزيد إدرار الأبقار والجاموس للبن، أما أسماك الزينة فهى تساعد فى زيادة إفراز الميلانين مما يجعل لون الأسماك زاهيًا وجميلاً بالتالى هى علف واعد جدًا ولكن لا يتم تسويقها فى مصر بشكل كافٍ لأنه لا يوجد دعم مادى لها وأصحاب مصانع الأعلاف يحاربون هذه الفكرة.
إكرامى صبحى فى مزرعة للأزولا
الأزولا علف صديق للبيئة
بعيدًا عن الفوائد الاقتصادية للأزولا تشير الأبحاث العلمية إلى أن الأزولا تعد من الأعلاف الصديقة للبيئة لأنها تمتص الملوثات البيئية كالمعادن الثقيلة والمركبات الهيدروكربونية، وينظر لها عالميًا كخيار واعد لتنظيف مياه الصرف الصحى.
وحسب مقال نشره موقع "شيرأميركا" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية فإن المزارعون فى آسيا استخدموها لسنوات طويلة كنبات رفيق أو قرين فى الحقول لتوفير السماد الأخضر الطبيعى فى حقول الأرز، ووصفه الموقع بأنه "علف صديق للبيئة يجذب الكربون ويمتص الملوثات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة