قد يبدو خبرا عاديا لكثير من القراء، خاصة فى الأجواء الاحتفالية بعيد الميلاد المجيد، لكنه ليس خبرا عاديا بأى صورة من الصور، بل هو دليل على قدرة الدولة المصرية على بسط سيادتها على كل حبة رمل من أراضيها وفشل الجماعات الإرهابية ومن وراءها من أجهزة استخباراتية دولية، فى تخويف الأقباط ودفعهم للرحيل ومغادرة شمال سيناء.
الخبر، يتعلق باحتفال المسيحيين فى شمال سيناء بعيد الميلاد المجيد بمقر المطرانية بحى عاطف السادات بشرق مدينة العريش، وكيف استقبل الأنبا قزمان أسقف شمال سيناء المصلين وكبار الضيوف من ممثلى الوزارات ومديرى الأمن وكبار العائلات للتهنئة بالعيد، وتناقلت وكالات الأنباء على استحياء صور الأطفال والشباب فى ساحة المطرانية بعد إقامة الصلوات وكذا صور التهانى من المسؤولين وكبار العائلات.
قد يبدو غريبا، أن وسائل الإعلام لم تسلط الضوء الكافى على حالة التسامح والتعايش بين المسلمين والأقباط فى شمال سيناء، وكأن هناك رغبة فى إظهار وجه واحد للأخبار، فيها ما هو محزن أو محبط أو كارثى فقط، لكن الأخبار ذات الطابع الإيجابى أو التى تعكس جهدا ونجاحا للمنظومة الأمنية أو للدولة المصرية فى مواجهة عصابات الإرهاب، فهذه الأخبار يجرى التعتيم عليها وكأنها غير مرغوب بها، فى انتظار أى خبر سيئ ولو تافه حتى يغطى الصراخ والزعيق والنحيب على ما يتم إنجازه.
بالفعل، لم يكن يمكن أن تمر الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد فى العريش وفى غيرها من المدن المصرية، بأجواء السلام والتعايش والتسامح، لولا الجهود الجبارة لأجهزة الأمن المصرية، التى استطاعت أن توجه ضربات استباقية عنيفة للفصائل الإرهابية وتكشف معسكراتها فى الخارج والداخل وتنتظر من هم خارج الحدود حتى يعبروا للداخل وتصطادهم جميعا.
تذكرون بالطبع الخلية الإخوانية التى سقطت منذ أيام فى قبضة الأجهزة الأمنية، بعد أن تلقت تدريبات عسكرية على استخدام أنواع الأسلحة فى صحراء السودان، كما تدربوا على زرع المتفجرات والاغتيالات واستهداف دور العبادة وفق مخطط شامل لاستهداف عدد من الكنائس الكبرى فى عدة محافظات خلال الاحتفال بعيد الميلاد.
وتذكرون كيف أدلى هؤلاء الإرهابيون باعترافات تفصيلية عن تلقيهم التمويل والتدريب من العناصر الهاربة فى السودان، وعن العمليات التى كانوا ينوون القيام بها والكنائس المزمع استهدافها وكذا ارتباطهم بعناصر من خلايا الحراك المسلح والجماعة الأم ومكاتبها الإدارية بالمحافظات.
هذه المعلومات القيمة ساعدت كثيرا فى إحباط كافة محاولات استهداف الكنائس خلال أعياد الميلاد، ومكنت الأجهزة المعنية من رصد عناصر إرهابية لم تكن مسجلة فى القوائم التنظيمية لعدم وجود سوابق لها ولبقائها خلال الفترة الماضية ضمن الخلايا الكامنة لجماعة الإخوان الإرهابية، بل وكشفت عن المجرمين مرتكبى عدة حوادث إرهابية سابقة.
إجمالا، تحية كبيرة للجنود المعلومين من رجال الجيش والشرطة الذين يصلون الليل بالنهار، حتى تبدو أعيادنا مناسبات سعيدة يعمها السلام والتسامح ويرفرف عليها الأمن والطمأنينة، فلولا هذه الجهود الشاقة فى مواجهة خلايا الإرهاب والعصابات المأجورة من الخارج، ما كنا لننعم بهذه اللحظات الجميلة وما كنا لنعرف معنى الأعياد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة