تغريدة على حسابها الخاص بموقع تويتر، قالت فيها نصا: «من يوم الثلاثاء الماضى وحتى هذه اللحظة، جمال خاشقجى، مفقود، وأنا الوحيدة كنت أصاحبه قبل دخوله القنصلية».
هذه التغريدة التى كتبتها، سيدة تركية تدعى، خديجة جانكيز، وتؤكد أنها خطيبة الصحفى الإخوانى، الهوى والعقيدة، والسعودى الجنسية، جمال خاشقجى، أحدثت صدى صاخب، تجاوز حدود «تويتر»، ليخترق أذان ساكنى قصور السلطة، خارج الحدود، رغم أن هذه المدعية، شخصية نكرة، لا يعرفها حتى الأوساط التركية ذاتها، وأن المعلومات عنها، لا تتجاوز أنها تتقن اللغة العربية، وباحثة فى الشأن العمانى، فقط.
المعتاد فى العمل الاستخباراتى، عند اصطياد هدف مطلوب، دائما، ما تكون، السنارة، أو الشبكة، أو حتى الفخ، سيدة، يتم الدفع بها، لتلقى بشباكها حول الهدف، والإيقاع، به، وبمجرد أن تسقط أقدام الهدف، داخل الشبكة، يتم اصطياده، ثم يبدأ تطبيق السيناريو المحدد سلفا، سواء بتجنيده، أو ابتزازه وتهديده لتنفيذ ما يطلب منه نصا، أو التخلص منه.
لذلك، ليس بمستبعد على الإطلاق، أن تكون «خديجة جانكيز»، هى «شبكة الصيد» المدفوعة من جهاز استخباراتى، سواء قطرى أو تركى، بهدف التخلص من جمال خاشقجى، للإنقضاض على المملكة العربية السعودية، وإحراج نظامها، وتشويه صورته أمام المجتمع الدولى، وإظهاره على أنه نظام مجرم، بما يَصْب فى مصلحة ثلاثى الشر الذى تحركه الولايات المتحدة الأمريكية من خلف الستائر، وهو تركيا وقطر والإخوان ورفاقها من التنظيمات الإرهابية.
وربما يطرح البعض هنا، سؤالا جوهريا مفاده: لماذا جمال خاشقجى الذى تم رسم سيناريو اختطافه وربما قتله؟! وهو سؤال منطقى، وربما يتبادر على أذهان الكثيرين من المحيط إلى الخليج، من المتابعين والمهتمين بقضايا الشأن العربى، بشكل عام، والخليجى بشكل خاص.
والإجابة عن السؤال، تتلخص فى عدة أسباب مهمة، أبرزها أن جمال خاشقجى، إعلامى معروف، واختار أن يغادر المملكة السعودية بكامل إرادته، ويرتمى فى أحضان الإخوان، ويسخر قلمه الممتلئ بمداد سم زعاف، للانقضاض على خصوم الجماعة الإرهابية، واتخذ من أمريكا، كونه عميلا للمخابرات الـ«سى آى إيه»، مقرا له.
وفى الفترة الأخيرة، شعر جمال خاشقجى بالندم، وأنه اختار المسار الخطأ، فألمح للمقربين منه أنه يريد العودة لموطنه، ويطلب السماح، ويترك الجماعة الإرهابية وحلفائها، تركيا وقطر، بعدما تأكد عن قرب، أنهم على باطل، فقرر الاتصال بدبلوماسى سعودى، والتقاه، وطلب منه مساعدته للعودة لوطنه، وإعلان ندمه، وتجديد مبايعته علنا لجلالة الملك سالمان، وولى عهده، محمد بن سلمان، واتفق على ترتيب كل أمور العودة.
المقابلة، والإرهاصات التى ألمح بها جمال خاشقجى، وصلت لقيادات التنظيم الدولى، والمخابرات القطرية والتركية، فقرروا التخلص منه، لضرب عصفورين بحجر واحد، الأول، تدبير سيناريو إخفاءه وإلصاق الاتهام لسلطات بلاده، لإحراج المملكة أمام المجتمع الدولى، وما يستتتبع ذلك من إجراءات خطيرة، تتعلق باتخاذ جملة من العقوبات، والثانى، أن جمال خاشقجى، استطاع أن يعرف الكثير عن مخططات الاستخبارات التركية والقطرية، ونهج الجماعات المتطرفة، وفى القلب منها، جماعة الإخوان، ومن ثم يمثل بما يعلمه، خطرا داهما، على الجميع.
وألف باء عمل استخباراتى، أنه إذا كان هناك هدف مطلوب اصطياده والإيقاع به اتخذ من سنارة، أو فخ، امرأة، فهى الطريقة الناجعة التى تؤتى ثمارها بقوة، فكانت خديجة جانكيز ولا نعرف اسم جانكيز هذا نسبة إلى القائد التتارى جانكيز خان أم لا التى ألقت بشباكها عليه، وطلبته على عجل بضرورة الحضور سريعا من أمريكا إلى تركيا، وعند وصوله ظهرت معه فى أمسية غنائية قبل اختفائه بساعات، وهو ما كتبه خاشقجى بنفسه على حسابه الخاص على تويتر، ونشر صورة للحضور من بينهم، خديجة..؟!
يعزز أيضا اختفاء جمال خاشقجى بهذه الصورة، فى تركيا، ما حدث منذ سنوات، مع السعودى محمد المفرح الذى كان يتزعم ما يعرف بحزب الأمة الإخوانى، وكان يقيم فى تركيا، حيث تم التخلص منه، عندما ألمح أيضا أنه يريد العودة لوطنه، وإعلان ندمه الشديد، على معارضته غير المنطقية لبلاده.
وتأكيد المؤكد أن المملكة العربية السعودية لا تتخلص من معارضيها بهذه الطريقة نهائيا، ما دونه المعارض السعودى الشرس الدكتور كساب العتيبى، على حسابه الخاص بتويتر الذى ظل يهاجم وطنه طيلة 20 سنة وبقسوة مفرطة، وأساء لكل رموز بلاده، ولم يقترب منه أحد، إذ قال نصا: «إلى مروجى الكذب والوهم.. أنا عارضت 20 عاما، قسوت فيها على وطنى، وأسأت لبعض رموزه، ولا يمكن مقارنة خطابى بخطاب خاشقجى، وعندما أدركت خطأى وثمنت قدسية الوطن، فأعادنى وطنى لحضنه، واحتوتنى قيادته، اعتذرت لكل من أخطأت فى حقه، وعدت لوطنى ولم أقتل، السعودية لا تغتال.. أنا النموذج فاصمتوا».
وهنا لدينا بعض الأسئلة الرفيعة اللوذعية، أولها، طالما التركية خديجة جانكيز «خان» الخطيبة المزعومة لجمال خاشقجى، قد ذهبت معه إلى القنصلية السعودية، لماذا لم تصحبه إلى داخل القنصلية؟، وإذا كان الحرج قد أصابها وانتظرته فى الخارج، فلماذا لم تتحدث معه هاتفيا؟ أو تطلب الشرطة فى نفس اليوم طالما شكت فى الأمر؟! ولماذا انتظرت ثلاثة أيام كاملة لتخرج بتغريدة ساذجة تبلغ فيها عن اختفاء خطيبها..؟! ولماذا لم يخبر خاشقجى أسرته أنه غادر أمريكا متوجها لتركيا؟! ولماذا أنكر جميع أسرة السعودى المختفى معرفتهم بالمزعومة خليفة «جانكيز خان»..؟! وهل للصمت ثلاثة أيام هدف ضمن أهداف سيناريو اختطاف خاشقجى على يد الاستخبارات التركية القطرية وبمعاونة إخوانية ليتمكنوا من تدبير أمورهم جيدا؟!
السؤال اللوذعى الأهم، لماذ قرر أيمن نور وعبدالرحمن يوسف القرضاوى وتوكل كرمان، تنظيم مظاهرة أمام القنصلية السعودية، تنادى بمعرفة مصير جمال خاشقجى وتؤلب تركيا ضد السعودية، باعتبار ما حدث بخصم من رصيد السيادة التركية على أراضيها..؟! وهل المظاهرة استنساخ لمظاهرة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين والإخوان بالشموع أمام السفارة الإيطالية بالقاهرة، تضامنا مع الشاب الإيطالى المقتول «جوليو ريجينى»، لتأليب الغرب واستدعائه للتدخل فى الشأن المصرى الداخلى، ومن ثم المطالبة بتدخله أيضا فى الشأن السعودى..؟!
سيناريوهات متطابقة، وغبية، وساذجة، تكشف أن الجماعة الإرهابية ورفاقهم من الحركات الفوضوية وبدعم استخباراتى تركى قطرى، لهم اليد الطولى فيما يحدث من تخريب وتدمير وتنفيذ مخططات إرهابية فى مصر وعدد من الدول العربية والإسلامية التى لهم أطماع فيها..!!