إذا تناولت قضية اختفاء الكاتب الصحفى الإخوانى جمال خاشقجى، تنفجر فى وجهك مئات الأسئلة، الباحثة عن إجابات شافية وواضحة، والبديهى فى أى قضية من القضايا أنه عندما ينفجر بركان الأسئلة، ينسف القضية برمتها، حتى ولو حاول مفجر القضية تحويلها إلى لغز، وتوظيفها واستثمارها لخدمة أهدافه..!!
وقضية اختفاء الكاتب الصحفى جمال خاشقجى، فجرت بركانا من الأسئلة، وجميعها تنسف الرواية المنسوجة من خيال مريض، غير قادر على التوصل لحبكة درامية وبوليسية قوية، تبهر من يشاهد «المسلسل» أو يقرأها فى رواية، وتثير شغفه وتستحوذ على قناعاته بوقوع الجريمة، دون التشكيك فى الجناة..!!
وما زاد من تسفيه القضية برمتها، المعالجة الدبلوماسية والإعلامية الفوضوية للقضية، ما بين قنوات الجزيرة والعربى وجماعة الإخوان، والواشنطن بوست والنيويورك تايمز، ثم دخول الصحف المقربة من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، على الخط، فى نشر تقارير تهاجم المملكة العربية السعودية، على ألسنة مصادر مجهلة..!!
وعلمتنا التجربة المصرية، وطوال السنوات السبع الماضية، أن تابوهات الإعلام، خاصة الأمريكى والغربى والجزيرة الحقيرة، تحطمت، وتكشفت حقيقة أن هذا الإعلام موجه، ولا ينطق بكلمة حق، وإنما يأخذ الناس إلى ناصية مصلحته، ومن ثم لا تنطق قناة، أو تكتب صحيفة أمريكية وغربية، كلمة، إلا إذا كانت مدفوعة، أو بتوجيه استخباراتى.
نفس الأمر، وأكثر، تفعله المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، فلا تصدر تقريرا إلا إذا حصلت على مقابل سخى، أو بتوجيه استخباراتى للانقضاض على الدولة المراد إسقاطها أو التنكيل بها، أو على الأقل إحراجها أمام المجتمع الدولى، ومن ثم الرضوخ والإذعان لما يملى عليها من أوامر وتوجيه وطلبات..!!
وبما أن قطر وتركيا لديهما غصة شديدة من المملكة العربية السعودية، نظرا للانهيارات الاقتصادية التى تتعرضان لها، والمشروع التنويرى والإصلاحى الذى يتبناه ولى العهد محمد بن سلمان، الذى يضرب بعنف فى عصب البنية الفكرية للتنظيمات المتطرفة خاصة، جماعة الإخوان الإرهابية، التى تستمد منها شهرتها ووجودها من الأساس، فإنهم يتبنون حملة مسعورة، محليا وإقليميا ودوليا، لإلصاق جريمة اختفاء هذا الـ«خاشقجى» بها، وما يمثله ذلك من ضغوط دولية كبيرة، وإعاقة إلى حد الشلل لثورة الإصلاحات الاقتصادية والثقافية بالمملكة..!!
خذ عندك صحيفة «ينى شفق» المقربة من الحكومة التركية، تحدثت وبصفاقة وتجاوز للأعراف المهنية، عندما ذكرت، أمس الأحد، أن أنقرة أمهلت الرياض حتى أمس، بعدما رفضت الأخيرة السماح بتفتيش القنصلية السعودية ومقر إقامة البعثة الدبلوماسية فى إسطنبول.
وقالت الصحيفة بوقاحة: إذا لم يقبل السعوديون طلب تفتيش الأماكن التى يُعتقد أنّ جثة الصحفى جمال خاشقجى قد مزقت ودفنت بها، فإنّ أفراد البعثة الدبلوماسية فى الرياض سيرحلون إلى بلادهم.
واسترسلت فى وقاحاتها، عندما أكدت أن الوحدات الأمنية فى إسطنبول لديها شكوك قوية بأن جسد خاشقجى، الذى اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية يوم 2 أكتوبر الجارى، قد دفن بعد قتله، ولهذا السبب، فقد وجهت الأنظار صوب مبنى القنصلية ومقر إقامة القنصل العام محمد العتيبى الذى يقع على مسافة 300 متر من القنصلية، مشيرة إلى أنه مازالت المفاوضات مستمرّة مع الرياض لدخول هذين المبنيين وتفتيشهما.
ثم انتقلت الصحيفة لتصوير مشهد خزعبلى يفوق مشاهد الأفلام الهندية، التجارية، عندما قالت: إن التحريات كشفت النقاب عن أن حافلة صغيرة تابعة للقنصلية السعودية عبرت إلى الجانب الآسيوى من إسطنبول مباشرة عقب اختفاء خاشقجى، وأجرت جولة فى الأحياء الخلفية لمقاطعة «بنديك» إلى أن عادت إلى حى «ليفنت» بعد رحلة استغرقت 6 ساعات ونصف الساعة، ومن ثم يتوقع أن تبادر السلطات التركية إلى إصدار أمر بالحفر فى أماكن ستحدد نتيجة التحريات المفصلة حول تحركات السيارة أو السيارات التابعة للقنصلية، كما ستبحث الشرطة خلال عمليات الحفر هذه عن جثة خاشقجى.
كل هذه السيناريوهات الوهمية تهدف إلى محاولة توريط المملكة العربية السعودية، مستخدمة «كارت» الولايات المتحدة الأمريكية، الباحثة عن جمع المغانم حاليا بكل الأشكال والصور، وفى مقدمتها الابتزاز السياسى والاقتصادى، واعتبار أن دول الخليج مجرد خزائن ومغارات على بابا، تزخر بأموال الدولارات واليوروهات والريالات والدرهمات بجانب المعادن النفيسة من ذهب وألماس وأحجار كريمة، وأنه حان الوقت للاغتراف من هذه المغارة، وللأسف الشديد أن قطر سلمت مفاتيح «مغارة الخليج» لكل الأعداء والطامعين من أمريكا لإيران وتركيا.
وعلى كل عربى يتمتع بخصال المروءة، وتجرى فى دمائه الأصالة والكبرياء، ألا يقف متفرجا على ما يحدث مع السعودية من ابتزاز رخيص، وإذا تقاعس العرب جميعا، تبقى مصر الأبية والأصيلة والنبيلة والمترفعة بشعبها وجيشها العظيم، خير أجناد الأرض، ستطبق عمليا ما وعدت به على لسان رئيسها عبدالفتاح السيسى «مسافة السكة»، ولن نترك الأشقاء السعوديين يتعرضون لأبشع عملية ابتزاز وتشويه فى تاريخها..!!