نشر موقع فرانس 24 تقريرا مفاده أن طلاب ثانوية بشمال فرنسا تسمى «بيير مانديس فرانس» ببلدة «بيرون» الواقعة فى منطقة «بيكاردى» رفضوا دراسة نص أدبى لكاتب جزائرى يدعى أكلى طاجير، بحجة «أن الكاتب ليس فرنسيا، وأن الرواية لا تخص فرنسا، فضلا أن النصوص تتضمن مصطلحات وأسماء عربية.
وأثار هذا الرفض استياء واستغراب الأستاذة التى تقوم بتدريس مادة الأدب والتاريخ فى هذه الثانوية، ما جعلها تقرر فى نهاية شهر سبتمبر الماضى إرسال رسالة للكاتب الجزائرى لتخبره بما وقع لها عندما اقترحت دراسة نص من كتابه «حامل المحفظة» الذى أصدره فى 2002 من دار نشر «كلود لتيس».
ويروى هذا الكتاب قصة لقاء بين طفلين، وهما رفاييل وعمر فى باريس فى 1962، الأول ينحدر من عائلة من «الأقدام السود» التى عاشت فى الجزائر خلال الاحتلال الفرنسى «1830-1962» لهذا البلد والثانى ابن مهاجر جزائرى لا يعرف الجزائر، لكنه كان يساند حزب جبهة التحرير الوطنى.
واستنكرت المدرسة فى رسالتها «التعليقات العنصرية التى قام بها بعض الطلبة» خلال حصتها، موضحة أنها «استبعدت طالبا من المدرسة كونه رفض أن ينطق اسم مسعود» الذى كان واردا فى النص.
وبعد تلقيه الرسالة، قرر الكاتب أكلى طاجير نشرها على صفحته على فيس بوك، معلقا «يا حسرتاه على مدرسين بؤساء من قطاع التربية».
وفى رأيى الأمر ليس سهلا، فهو يحمل مؤشرات مستقبلية خطيرة، ويؤكد لنا أن المستقبل فى الغرب سيكون أكثر ارتباكا وتوترا ورفضا للآخر، لأن هؤلاء المراهقين غير قادرين على قبول ثقافة مغايرة حتى إن كانت تدور فى عالمهم، فما بالك بالثقافة المختلفة تماما والقادمة من وراء البحر.
لكن رغم اعترافى بوجدود خطأ ما، لكننى لا أعرف بالتحديد من الذى ارتكبه، فالطلبة معذورون كثيرا، لأن السياق العام لا يشعر بالأمان، ففى السنوات الأخيرة عادت العنصرية تنتشر فى كل مكان بعدما صار اليمين المتطرف يمد يده بقوة فى السياسة الغربية مرة أخرى، وفرنسا نفسها تعانى من ذلك الفكر السياسيى الذى كاد أن يحكمها فى الانتخابات الأخيرة، كما أننا، نحن العرب والمسلمين، مسؤولون أيضا عما حدث فى هذه المدرسة، لأننا عاجزون عن تقديم صورة إيجابية لأنفسنا.
البيئة الغربية تشعر بالخوف ونحن نشعر الخوف أيضا، والأجيال المقبلة هى التى تدفع الثمن، وتخشى مجرد قراءة كتاب، لأن صاحبه ليس فرنسيا، ولأن به كلمات عربية.