ما يصل إلينا من أخبار ومعلومات بشأن توجه محافظة أسيوط لإحياء مسار العائلة المقدسة، يدخل السرور على قلب كل مصرى يهمه صالح هذا البلد وتقدمه وازدهاره، فلأول مرة منذ سنوات طويلة ومع اعتماد الفاتيكان مسار العائلة المقدسة فى مصر جزءا من رحلة الحج المسيحى، تخصص إحدى المحافظات الواقعة على مسار الرحلة المقدسة ميزانيات بهذا الحجم لتطوير الطرق المؤدية إلى المزارات المسيحية، 55 مليون جنيه هى الدفعة الأولى المخصصة لتطوير الطرق المؤدية لدير المحرق ودير السيدة العذراء وإنشاء طرق جديدة وإقامة منطقة خدمية ولوجيستية لخدمة الحجاج والزائرين على مساحة 700 ألف متر.
والبداية من أسيوط مبشرة لأنها تضم نقطتين مهمتين فى مسار الحج المسيحى، الأولى دير السيدة العذراء بجبل درنكة والثانية «الدير المحرق» بالقوصية، ولعل العقبة التى كانت تحول بين زيادة عدد الحجاج وهاتين النقطتين كانت فى صعوبة ومشقة الوصول إلى مكان الديرين، ومن ثم يأتى تخصيص المحافظة لتطوير الطرق إلى هاتين النقطتين وإنشاء رابط بين الطريق الصحراوى الغربى ودير المحرق ليسهم فى ازدهار حركة السياحة الدينية وزيادة عدد الزائرين لتلك المنطقة، وهو ما يستلزم أيضا إقامة مجموعة من الفنادق والموتيلات وبيوت الشباب المتدرجة فى الأسعار والخدمات وكذا تخصيص أماكن للبازارات والمطاعم والأسواق وبيع الأنتيكات وقطع الآثار المقلدة والبوسترات ونسخ المخطوطات والكتب المقدسة، باختصار، يعنى نقل العمران إلى مناطق قاحلة وغير مأهولة بالسكان وإحداث نقلة تنموية كبرى وتوفير فرص عمل دائمة وموسمية.
بداية التنمية دائما بشق الطرق، فهى الشرايين التى تصل بين نقاط التعمير، والوسيلة التى تسهل عملية التمدد العمرانى من المناطق القديمة المزدحمة إلى مناطق جديدة، ولكم أن تتخيلوا عدد المنشآت الخدمية ومحطات الوقود والمطاعم والمنتجعات التى يمكن أن تقام بموازاة الطرق الجديدة المؤدية إلى دير السيدة العذراء بجبل درنكة و«الدير المحرق» بالقوصية، وعدد المجتمعات السكنية الجديدة التى يمكن أن تقام على جانبى الطريق حتى يمتد العمران من دير العذراء بدرنكة إلى دير المحرق بالقوصية.
وإذا كان مسار رحلة الحج المقدسة يبدأ من العريش فى سيناء ويصل إلى الفرما القديمة أو بورسعيد ومنها إلى بلبيس فى الشرقية وحصن بابليون فى مصر القديمة وسخا بمحافظة القليوبية ومنها إلى جبل درنكة بأسيوط عبر وادى النطرون، والعودة من القوصية إلى حصن بابليون وبلبيس ثم العريش وصولا إلى القدس وبيت لحم، فإن لدينا بالفعل مجموعة من النقاط الحية والمزارات والأديرة التى يمكن تحويل النطاق العمرانى لها إلى مناطق جذب للسياحة الدينية، كما يمكن أن تتحول إلى نقاط مضيئة على طريق التنمية المرجوة.
ومع ارتباط العمران الجديد برحلة الحج المقدسة يزداد الوعى السياحى بأهمية هذه الرحلة وعوائدها على البلد والمواطنين على السواء، كما تزدهر الأفكار الاستثمارية الجديدة التى تبنى على ما تحقق، وربما نجد مجموعات من الشباب أو من رجال الأعمال تبادر بإقامة مشروعات على هذه الطرق، وبالتأكيد لابد أن يحدث ذلك بحكم التطور الحتمى لحركة العمران، الأمر الذى يصب فى النهاية فى المصلحة الوطنية العليا.
أتمنى أن يحذو كل المحافظين الذين تقع المحافظات التى يتولونها على مسار رحلة العائلة المقدسة حذو جمال نور الدين محافظ أسيوط فى الاهتمام بالآثار والمزارات المسيحية التى تقع فى نطاقهم، وأن يضعوا الخطط التنموية لمحيط هذه المزارات والآثار وخيالهم على مستقبل البلد خلال العشرين عاما المقبلة، مع الوعى بأهمية اجتذاب أكبر عدد ممكن من مليار وثلاثمائة مليون مسيحى كاثوليكى فى العالم يودون لو يزورون جميع المزارات فى رحلة الحج من الأراضى الفلسطينية إلى مصر.