وائل السمرى

حكايتى مع أبوبكر الصديق وصلاح الدين الأيوبى

الخميس، 25 أكتوبر 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت مولعاً بالله، بالدين، بالحب الإلهى، بالعشق المثالى لكل المثاليات، أتمنى الشهادة فى سبيل الله وأبكى كلما ذكر الشهداء والقديسون، عشقت أبو بكر الصديق حينما سمعت أن إيمانه يعادل إيمان أمة بأكملها، عشقته واصطفيته من بين الصحابة حينما علمت أن رسول الله «ص» اصطفاه فى رحلاته ومسراته وأزماته، وعشقته أكبر حينما علمت أنه بطل حرب الردة الذى قاتل المشركين الذين أرادوا الانقلاب على دين الله، مرت الأيام، وعلمت أن الكثيرين من «المرتدين» لم يرتدوا أصلا، لكنهم منعوا توصيل الزكاة إلى أبى بكر، وقالوا أهلنا أولى بها، فلماذا أنفق أموال قبيلتى على «قريش» وأهلى يعانون من الفقر والحاجة، وحزنت حينما علمت أن الكثيرين ممن ماتوا فى حرب الردة كانوا ينطقون الشهادة وقت الوقت الموت، وأن عمر ابن الخطاب كان يبكى بعضهم، مؤكدا أنهم مسلمون، واختلفت مشاعرى تجاه «الصديق» فترة ليست بالقليلة، حتى نما وعيى وتفتح أكثر فأدركت أن ما فعله أبو بكر فى تاريخ الدولة الإسلامية شىء عظيم، فقد ترك الرسول «ص» مجتمعا إسلاميا مترابطا «روحيا» وليس «مؤسسيا»، لكن أبو بكر الصديق هو الذى ربط هذا المجتمع ووضع اللبنة الأولى للدولة الإسلامية، فحل محل الحب الساذج لرجل الدين احترام وإجلال لرجل الدولة.
 
أحببت أيضا صلاح الدين الأيوبى، كنت أبكى حينما أسمع الخطباء فى المساجد يستدعونه لتحرير القدس، وحينما دخلت كلية الآثار وتخصصت فى الآثار الإسلامية وقرأت أكثر فى التاريخ الإسلامى علمت أن صلاح الدين ارتكب من المجازر ما يلطخ هذه الصورة المثالية التى كانت فى ذهنى عنه، ومثلما كنت مندفعا فى الحب صرت مندفعا فى الكراهية، لكنى فوجئت بعد اضطلاعى على عشرات القصص التاريخية بأن القتل والذبح والصلب والتعذيب كان عادة متأصلة فى كل الدول الإسلامية، وأنه لولا هذه الشدة لما استطاع صلاح الدين أن يؤسس شيئا أو يحرر شيئا، ثم بدأت فى محاكمته وفقا لقوانين عصره وليس وفقا لمثاليتى، فاكتشفت أنه رجل تاريخى بمعنى الكلمة، لكن له ما له وعليه ما عليه.
 
هذه قصة مشاعرى مع اثنين من أكبر رموزنا الدينية، انفعال فى الحب، وانفعال فى الإدانة، ثم إدراك أكبر وتقدير مختلف، حدث هذا أيضا مع الكثير من الرموز الدينية والتاريخية، لذلك فإننى أرى أن رغبة اللجنة الدينية لمجلس الشعب فى سن قانون يعاقب على الإساءة إلى الرموز الدينية أشبه بمن يريد أن يقطع الطريق على الوعى والتعقل، فاتحا الباب للتعصب والتعصب المضاد، للتحزب والتحزب المضاد، للتكفير والتكفير المضاد، أراه قانونا فاسدا، يحرم العالم من الفضائل، يبطل فضيلة محاكمة التاريخ لرجاله، فما نعده رمزا الآن من الممكن أن نعده خائنا غدا، وما نعده خائناً اليوم قد نراه فى يوم الأيام بطلاً، ألا ليت أعضاء «دينية البرلمان» يعلمون.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة