مع إعلان ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى 2016 عن رؤية السعودية 2030 أو خطة ما بعد النفط، شهدت المملكة تغييرات جذرية وغير مسبوقة على صعيد الانفتاح والتطور، ورأينا على صعيد حقوق المرأة، السيدة السعودية تقود سيارتها وتحضر الفعاليات الرياضية والفنية، كما تم تدشين الهيئة العامة للترفيه بميزانية تتجاوز 64 مليار دولار على عشر سنوات لتتصدى لتنشيط مجالات السينما والدراما التليفزيونية والمتاحف المتنوعة والفرق الموسيقية والأوبرا ومعاهد التمثيل بشعبها المختلفة وتنظيم الحفلات الفنية الجماهيرية والملتقيات الثقافية ودعم صناعة الأزياء والتوسع فى إنشاء ستوديوهات ودور السينما والمعارض الفنية والتجارية ومدن الملاهى، الأمر الذى يستطيع تحويل المزاج العام المنغلق والمتحفظ إلى الانفتاح على العالم والإسهام الفعال فى المنجز الحضارى الإنسانى.
وإذا كنا بدأنا برغبة القيادة السعودية فى التحول بالبلاد إلى الانفتاح على العالم وبدء عصر ما بعد النفط وإعادة تقييم الأصول المالية والاستثمارية الضخمة التى تمتلكها المملكة وإعادة توجيهها لضمان استمرار الازدهار الاقتصادى والاجتماعى لعموم السعوديين، فهل يمكن أن يمر هذا المشروع السعودى الطموح للغاية بدون محاولات لوضع العقبات فى طريقه، أو محاولات تحطيمه وتأجيله إلى ما لا نهاية لمصلحة الراغبين فى إبقاء السعودية كما تصورها الصورة النمطية الغربية على أنها محطة وقود ضخمة ينبغى لواشنطن احتواؤها للتحكم فى مصادر الطاقة بالعالم!
الواضح من خلال قراءة الأحداث الأخيرة التى تمر بها السعودية، أن الأطراف الغربية الشرهة للاستيلاء على الثروات العربية، التفتت بقوة إلى مشروع القيادة السعودية لتجاوز عصر النفط وتنويع مصادر الاقتصاد وإعادة تقييم شركة النفط العملاقة أرامكو بما يتجاوز 2 تريليون دولار، وقررت أن تضع شروطا مسبقا لتنفيذ رؤية السعودية 2030 أو تضمن لنفسها نسبة من الأرباح المؤكدة، وهنا لابد أن نعود إلى خطة 2030 من جديد لنعرف لماذا أثارت كل هذا الغضب من القوى الغربية الكبرى.
رؤية السعودية 2030 تقوم على مجموعة من عشرة عناصر أساسية، فى مقدمتها تحويل صندوق الاستثمارات العامة السعودى إلى صندوق سيادى بأصول تقدر قيمتها بـ 2.5 تريليون دولار ليصبح بذلك أضخم «الصناديق السيادية عالميا ويستهدف الاستحواذ على أكثر من %10 من القدرة الاستثمارية العالمية وامتلاك أكثر من %3» من الأصول العالمية، والتحرر من النفط بحلول عام 2020، حتى لو كان سعر النفط ثلاثين دولارا أو أقل، من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية ستة أضعاف من نحو 43.5 مليار دولار سنويا إلى 267 مليار دولار سنويا، كما تهدف إلى زيادة حصة الصادرات غير النفطية من %16 من الناتج المحلى حاليا إلى %50 من الناتج المحلى.
وفى إطار رؤية 2030 من المقرر أن تطرح السعودية أقل من %5 من شركة النفط العملاقة أرامكو للاكتتاب العام فى البورصة على أن تخصص عائدات الطرح لتمويل الصندوق السيادى السعودى، الأمر الذى يمكن أن يؤدى إلى تقييم أرامكو بأكثر من تريليونى دولار، وإعلان تطبيق نظام البطاقة الخضراء خلال خمس سنوات من أجل تحسين مناخ الاستثمار، بما يمكن الأجانب من العيش طويلاً فى السعودية، وأن المملكة ستفتح السياحة أمام جميع الجنسيات، والتخطيط لزيادة عدد المعتمرين سنويا من ثمانية ملايين إلى ثلاثين مليونا بحلول عام 2030 مع الانتهاء من إنشاء مطار جدة الجديد ومطار الطائف إضافة إلى تطوير البنى التحتية فى مكة واستثمار الأراضى المحيطة بالحرم المكى.
وللحديث بقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة