التصميم الشيطانى لتنظيم داعش حوله فى سنوات قليلة إلى أكثر التجمعات أو التنظيمات الوحشية فى تاريخ الدول الإسلامية، ليس فقط لأنه يعتمد الطرق البائدة للقتل باسم الدين والقهر باسم الدين وتقنين التخلف باسم الدين، ولكنه يفتح الباب واسعا أمام إطلاق أكثر النوازع شرا فى النفس الإنسانية، ففى المجتمع الداعشى يتصاعد الجهل حتى يصل إلى قتل كل من يحاول التعلم، ويرتفع العنف حتى يصل إلى دفع الأطفال لقتل ذويهم بعد اتهامهم بالكفر، ويتواصل التشويه حتى يحول المرأة إلى مجرد جسد للتمتع على غرار بيوت الدعارة فى الجاهلية أو صاحبات الرايات الحمراء.
عندما كنا نبحث فى هذا الموضوع، موضوع تجنيد الشباب الغر والفتيات المراهقات من الدول العربية والأجنبية للوصول إلى مناطق الصراع فى سوريا والعراق، كان البعض يتهمنا بأننا نعادى المد الثورى وفكرة الثورة الشاملة والأقواس المفتوحة لتحرير البلدان العربية التى ترزح تحت نير الاستبداد منذ عقود، ومع الوقت تكشفت الحقائق حول هذا التنظيم الشيطانى ورعاته فى قطر وتركيا ومن وراءهم من الدول الغربية، كما تكشفت حقائق مرعبة عن تعامل إرهابيى التنظيم مع النساء والأطفال
الإرهابيين المأمورين بتفتيت الدول العربية والعودة بها مئات السنين إلى الوراء، استحضروا أكثر الممارسات عنفا وتخلفا تجاه الأطفال والنساء، فاتخذوا الأطفال غلمانا يمارسون معهم الجنس، وأجبروهم على ارتكاب القتل والذبح والتفجير عن بعد أو باستخدام الأحزمة الناسفة، كما أعادوا استعباد النساء فى ردة حضارية وإنسانية غير مسبوقة، وشهدنا معسكرات السبايا من صاحبات الأديان الأخرى يغتصبن ويبعن فى الأسواق على أنهن جوارٍ وملك يمين،
كما عمد هؤلاء الإرهابيون إلى إنشاء كتائب خاصة من النساء وظيفتها اجتذاب الفتيات من شتى البلدان وغسل أدمغتهن بفكرة الجهاد، حتى إذا وصلن إلى معسكرات التنظيم يدخلن فى زمرة الجوارى ودورهن تحفيز المقاتلين وإرضاء نزواتهن، خصوصا المقدمين على العمليات الانتحارية، تماما كما كان يفعل الحسن الصباح فى قلعة الموت عندما كان يخدر الرجال ويدفع بهم إلى أحضان النساء ثم يأمرهم بارتكاب الجرائم حتى يعدن إلى جنته المزعومة
كتيبة الخنساء، من أشهر كتائب النساء التى أنشأها تنظيم داعش فى محافظة الرقة السورية التى يصفها البعض بأنها معقل التنظيم الإرهابى وعاصمته، والنساء فى هذه الكتيبة يقمن بدور مفتشات الأخلاق على عموم السوريات، كما يقمن بأعمال التعذيب والترويع للنساء اللاتى يقعن فى أسر التنظيم، كما يعملن على استقبال الفتيات الوافدات وإعدادهن لأداء الخدمات الجنسية للمقاتلين وأصول الهنك والرنك، وقد استنسخ التنظيم كتيبة الخنساء فى جميع الأراضى التى يبسط سطوته عليها سواء فى العراق أو ليبيا أو الصومال.
المرأة التى تحمل بندقية فى النهار وتقضى الليل فى إرضاء نزوات المقاتلين، كانت إحدى الصور النمطية الشائعة التى أثارت خيال المراهقات الغربيات اللائى يعانين الفراغ السياسى ويتقن إلى حياة المغامرة، ومن ثم تدفقت مئات الفتيات الغربيات من روسيا إلى بريطانيا على معسكرات التنظيم فى تركيا والعراق وسوريا، وأصبحن علامات مميزة فى الكتائب الجنسية للتنظيم، وبعض هذه الفتيات استعرضن حياتهن داخل معسكرات التنظيم بالصوت والصورة وبالتفصيل الممل بفضل وسائل التواصل الاجتماعى
بالقطع لا تمثل كتيبة الخنساء النساء العربيات، ولكنها ومن ورائها التنظيمات الإرهابية أحدثت أضرارا بالغة فى تراث تمكين المرأة واكتسابها حقوقها على قدم المساواة مع الرجل، فهل تفطن النساء العربيات إلى التحديات التى تواجههن ويترفعن عن القضايا الهامشية والمفتعلة؟!