د.محمد عبد اللطيف

عدم دستورية امتداد عقود إيـجار الأماكن بقوة القانون

الإثنين، 12 نوفمبر 2018 11:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الهوية الاقتصادية للدولة المصرية تعمل على تحرير العلاقات الاقتصادية بين أطرافها وتشجيع الاستثمار، وتعتمد آليات السوق الحرة والعرض والطلب وتطبيق معايير الشفافية والحوكمة ودعم المنافسة، كل ذلك يناقض الوضع الشاذ فى بقاء مستأجرين أو ورثتهم انتهت مدد عقود الإيجار الخاصة بهم وظلوا محتلين لأماكن سكنية وغير سكنية، استناداً إلى نصوص تنطق صراحة وبكل فجاجة بعدم دستوريتها.

إن ملاك تلك العقارات يشعرون فى حقيقة الأمر أن أملاكهم مغتصبة، وأنه لا أمل لهم فى استرجاعها، ويشعر الممتد لهم تلك العقود أنهم الملاك الحقيقيين لتلك الأماكن.

يجب على الحكومة أن تتحلى بالشجاعة وتعد مشروع قانون ينهى تلك الأوضاع غير الدستورية ويعيد الحقوق لأصحابها، مع مراعاة البعد الاجتماعى والسياسى لذلك الوضع بأن يكون الإنهاء خلال مدة زمنية تتراوح مثلاً من خمس إلى عشر سنوات، تكون بمثابة فترة انتقالية لحائزى تلك الأماكن فى توفيق أوضاعهم، فى تكرار لسيناريو عام 1992 عندما صدر حينها قانون نظم العلاقة بين ملاك ومستأجرى الأراضى الزراعية، وأعاد بموجبه الأراضى إلى حيازة ملاكها وأعطى للمزارعين مهلة خمس سنوات لتوفيق أوضاعهم.

فمن الناحية القانونية ينص القانون المدنى على أن (لمالك الشىء وحده فى حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه م 802 ).

وعقد الإيجار، طبقاً للقانون ذاته، هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يٌمكن المستأجر من الانتفاع بشىء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم . ( م 558 ).

ويتضح من هذا التعريف أنه بانتهاء المدة المتفق عليها بين المؤجر والمستأجر ينتهى عقد الإيجار ولا يجوز امتداده إلا باتفاق جديد بينهما، فرضاء الطرفين أو ورثتهما فى حالة وفاتهم أو وفاة طرف منهم شرط أساسى وجوهرى لامتداد العلاقة الإيجارية وهذا ما يتوافق مع المواثيق الدولية والدستور المصرى والشريعة الإسلامية فى حمايتهم للحرية الشخصية وحق الملكية إلا أنه منذ عام 1947وحتى عام1996 - بدأ العودة للعمل بأحكام القانون المدنى مرة أخرى بإعتباره الأصل – صدرت مجموعة تشريعات استثنائية تضمنت نصوصاً اعتبرها المشرع من النظام العام أى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، وفى حال مخالفتها يقع الاتفاق باطلاً ولا ينتج أثره ومن ضمن هذه النصوص خضوع عقد إيجار الأماكن للأجرة القانونية التى تتضمن تلك التشريعات عناصر تقديرها وامتداد تلك العقود تلقائياً وبحكم القانون لمدة غير محدودة وتحديد أسباب الإخلاء على سبيل الحصر .

وبتلك النصوص أصبحت العلاقة الإيجارية للأماكن فى حكم التأبيد طالما نشأت فى ظل تلك القوانين الاستثنائية.

وحاولت المحكمة الدستورية تخفيف حدة هذا الوضع الشاذ على العلاقات الإيجارية التى نشأت فى ظل هذه القوانين وما زالت مستمرة حتى الآن فى عدد من أحكامها الصادرة حتى عام 2002 بشأن عدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وحكمها هذا العام بشأن عدم دستورية امتداد العلاقة الإيجارية بقوة القانون للأشخاص الاعتبارية إلا أن الأمر لم يتغير جذرياً حتى فى ظل صدور القانون رقم 6 لسنة 1997بخصوص زيادة أجرة الأماكن غير السكنية والحد من الامتداد القانونى بخصوصها.

ومن الناحية الدستورية فإن امتداد عقد الإيجار فى ظل تلك القوانين الاستثنائية غير دستورى على الإطلاق سواء فى ظل الدساتير السابقة أو الدستور الحالى ومخالف لقواعد الشريعة الإسلامية وللهوية الاقتصادية للدولة المصرية.

فالدستور المصرى ينص على حماية الحرية الشخصية وصيانتها، وأن التعدى عليها جريمة ويكفل حماية الملكية الخاصة والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة (المواد 27/2، 33، 35، 54، 99 ) كما نص أيضاً فى مادته الثانية على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع والتى بدورها تحمى الملكية الخاصة وتمنع التعدى عليها أو عدم الوفاء بالعقود وذلك فى قوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود).

امتداد عقود الإيجار بقوة القانون يمكن تبريره فقط فى الظروف الاستثنائية مثل أوقات الحروب والتى يتم فيها تعطيل الدستور وإعلان حالة الأحكام العرفية، أما فى غير تلك الظروف فلا يوجد مبرر شرعى أو دستورى لها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة