خلال الكلمة الافتتاحية للرئيس عبد الفتاح السيسى فى منتدى شباب العالم الذى انتهت فعالياته الأسبوع الماضى قال الرئيس إنه ينحاز للشباب فى الدولة المصرية والعالم، وأنه يرى أن حماس الشباب ووعيه هو الذى يبنى المستقبل ويعبر بالأوطان إلى المستقبل.
البعض قد ينظر إلى الكلمة باعتبارها كلمة بروتوكولية لافتتاح منتدى شباب العالم فى دورته الثانية، وأن الحديث عن ثنائية الشباب والمستقبل حديث مستهلك ويتم استخدامه منذ ستينيات القرن الماضى، لكنى أعى جيد وأدرك صدق الكلمة، وأرى فى كلمة الرئيس بعدا مختلفا ورسالة مهمة لدول العالم والمنطقة.
إن دول العالم الأول - إذا جاز التعبير - الذى بناها هم الشباب وحماسهم وتطلعاتهم وأحلامهم، وللأسف الشديد أن من هدم أوطانهم فى المنطقة العربية وغيرها من دول العالم هم شباب هذه الأوطان وبنفس الحماس الذى بنى الغرب المتقدم، هدم الشباب المغرر بهم أوطانهم.
فعندما يسعى الشباب وراء أحلامهم بإخلاص وإرادة حقيقة فهم يبنون أوطانهم، عندما يبحث الشباب عن كيف يتشاركون فى البناء وتحقيق أحلامهم، فهم يبنون أوطانا قوية قادرة على التعامل مع المتغيرات العالمية والظروف التى تمر بها بلادهم، وتزيدهم التحديات صلابة وقدرة على التكيف والتعامل المرن مع الصعوبات والتحديات التى تواجه أوطانهم، لكن عندما يتبنى الشباب مشروعات متطرفة وفردية ويعطونها حماسهم، فهم يسعون إلى التخريب والهدم ويفقدون أوطانهم وأهلهم وكل ما يحبونه وما تربوا عليه، ولا يدفعون ثمن ذلك وحدهم بل تدفع شعوبهم بالكامل ثمن هذه الحماسة للمشروعات المتطرفة.
كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذه المناسبة هى رسالة لدول العالم أجمع وليس للمصريين فقط، لأنه يعى تماما أن هناك قوى عالمية كبرى لا يزال ليدها ميول استعمارية، تسعى إلى نشر بذور التطرف فى المنطقة وتسعى لأن يظل الوضع على ما هو عليه، وأن يظل أعداء الأوطان هم شبابها حتى لا تحظى هذه الدول بأى فرصة للنهوض من كبوتها، حتى وإن كان ذلك على حساب الأبرياء من أطفال ونساء وعجائز.
عندما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن شباب جمهورية مصر العربية استطاع أن يجابه الإرهاب بالفن والثقافة قبل أن يواجهه بالسلاح، كان يسعى إلى أن يشير إلى معركة الوعى فى المنطقة العربية، فلولا أن هناك عملية تشويه وعى الشباب على مدار عقود طويلة انتهت الى تبنيهم مفاهيم مغلوطة وعزوفهم عن العمل الجماعى والاغتراب داخل أوطانهم، لما شهدت المنطقة ما شهدته من أزمات على مدار العقد الماضى.
معركة الوعى هى مستقبل الأمة العربية والأفريقية، وهى التى تستحق بالفعل تكاتف كل الجهود فى المنطقة ليعود الشباب إلى وضعهم الطبيعى، كمسئولين عن بناء المستقبل فى أوطانهم وليس هدمها.
معركة استبدال ثقافة الخلاف والصدام فى عقول شبابنا بثقافة التسامح البناء والتعاون والتكامل والبحث عن الأرضيات المشتركة.
فى رأيى أن هذه المعركة فى اللحظة الحالية تتقدم من حيث الأهمية على معركة التنمية ليس لأن التنمية أقل أهمية، لكن لأننا اتخذنا خطوات واسعة فى التنمية فى السنوات الماضية ونحتاج أن نخطو على نفس المستوى فى معركة الوعى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة