تأبى تونس الهدوء، فأحداثها المتتالية لا تعرف السكينة ففى الوقت الذى تتصاعد فيه وتيرة الشد والجذب بين الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى ورئيس وزرائه يوسف الشاهد بعد تقدم الأخير بعدد من التعديلات الوزارية قوبلت بالرفض من السبسى ما جعل البعض يذهب بتأكيدات حول صراع محتدم بين رأسى السلطة.
صراعات السر التى انتقلت إلى العلن تزامنت مع إعلان أكثر من 650 ألف موظف حكومى الدخول إضراب عام وطنى الخميس، ما أرجعه الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل إلى رفض الحكومة مطالب الاتحاد برفع أجور الموظفين، فى خطوة من شأنها زيادة التوتر ، لتزيد بذلك الضغوط على الحكومة التي تعهدت بتنفيذ حزمة إصلاحات تهدف لخفض عجز الموازنة، حيث تخضع تونس لبرنامج تقشف طبقا لاتفاق مبرم مع مانحين دوليين فى مقدمتهم صندوق النقد الدولى وترفض الحكومة مطالب الاتحاد لزيادة الأجور فى ظل ضغوط صندوق النقد بخفض أعداد العاملين في الجهاز الإداري المتضخم للدولة.
السبسى والشاهد
وشمل الإضراب المدارس والجامعات والمستشفيات العامة إضافة للوزارات، والموظفين الحكوميين العاملين في الإدارات المركزية والجهوية التابعة لها، والمؤسسات الخاضعة لأحكام القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.
وحافظت بعض الخدمات على الحد الأدنى لتسيير العمل، ومن المتوقع أن يحتج فى وقت لاحق من عصر الخميس الآلاف فى تونس العاصمة وعديد المدن التونسية ضد قرار الحكومة تجميد الزيادات فى الأجور.
ويشارك مئات الآلاف من الموظفين في إضراب هو الأول من نوعه في تونس استجابة لدعوة الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في تونس، للاحتجاج على خطط حكومية تستهدف تجميد الزيادة في الرواتب.
وقال الاتحاد العام التونسي للشغل، إنه قرر رسمياً تنظيم الإضراب بقطاع الوظيفة الحكومية بعد انغلاق باب التفاوض مع الحكومة التي يقودها يوسف الشاهد، واحتجاجاً على "تملصها" في تنفيذ التزاماتها، بالزيادة في أجور الموظفين، وعجزها عن معالجة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع التضخم، إلى جانب خضوعها لإملاءات صندوق النقد الدولي".
وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل إنه سبق أن ألغى إضرابا لعمال وموظفي ديوان الطيران المدني والمطارات كان مقررا فى يوليو الماضى بعد أن توصل لاتفاق مع الحكومة لتفادي تعطيل حركة السياحة التي تشهد انتعاشا، حرصا منهم على مصلحة البلاد.
تزايد التوتر
ويأتي إعلان الإضراب، بينما تواجه الحكومة ضغوطاً قوية من المانحين الدوليين لخفض الإنفاق وتجميد الأجور، ووقف الانتدابات، من أجل التقليص من عجز الميزانية والحد من التداين.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر، الأسبوع الماضي، الحكومة التونسية من الزيادة في أجور القطاع العام التي وصفها بـ"الرواتب الأعلى في العالم" مقارنة بحجم الاقتصاد، وذلك "من أجل تجنب مشاكل خطيرة متعلقة بالديون"، حسبما نشرت العربية .
وأظهر مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، الذي سيشرع البرلمان في مناقشته قريباً، أن تونس تتوقع قروضاً أجنبية بقيمة 7.792 مليار دينار، أي حوالي 2.5 مليار دولار، للمساعدة في تغطية عجز الموازنة العامة، التي تطمح الحكومة لحصرها عند 3.9%.