يبث التليفزيون الإسرائيلى هذه الأيام مسلسل الدولة the state ويلعب دور البطولة فيه عدد كبير من كبار الفنانين فى العالم.. إلى هنا الأمر عادى، لكن غير العادى، هو مشاركة فنان مصرى يدعى «كريم قاسم» فى بطولة المسلسل أمام الإسرائيلية العربية أيضا «ميساء عبدالهادى» فى مشهد إضافى من التعاون الفنى بين العرب والإسرائيليين..!!
لم يكتف «كريم قاسم» بالمشاركة فى المسلسل الإسرائيلى «الدولة» فى تطبيع فنى يتقاطع مع آراء ومشاعر المواطن المصرى البسيط، وإنما زاد الفنان المصرى من الشعر بيتا عندما عبر عن سعادته البالغة بالمشاركة فى المسلسل، خاصة أنه يؤدى دور الإرهابى أبو أكرم والذى يهتم بتوفير الخدمات الطبية واللوجستية لعناصر تنظيم داعش الإرهابى...!!
الفنان كريم قاسم والذى لا يجد غضاضة فى المشاركة فى أعمال سينمائية وتليفزيونية إسرائيلية، ما هو إلا حالة، دشنها الناشط الثورى الكبير، وأحد أبطال مشهد خراب 25 يناير 2011، الفنان عمرو واكد.
وسائل الإعلام الإسرائيلية احتفت بهذا الحدث، وألمحت بقوة إلى دور الفنان المصرى «عمرو واكد» فى مشاركته فى مسلسل بيت صدام «House Of Saddam» وهو المُسلسل التاريخى الذى يُوثق الأحداث الداخلية لمنزل الزعيم العراقى صدام حسين، وأُسرته، وعلاقاته بالمستشارين المقربين منه، وتم عرضه فى التليفزيون الإسرائيلى أيضا. كما ألمحت أيضا إلى إشادة عمرو واكد بقدرات الفنانين الإسرائيليين الذين شاركوه البطولة وهم «أورى جبرائيل» و«يجئال نائور»، وأنه انبهر بأداء «أورى جبرائيل» تحديدا وقال عنه نصا: «لن يجسد ممثل عربى هذه الشخصية أفضل من هذا الرجل».
وسائل الإعلام الإسرائيلية ألمحت جميعها إلى خلاصة مهمة من وجهة نظرها تتمثل فى أنه من الصعب حجب الأفلام والمسلسلات عن الجمهور فى أيامنا هذه، كما أن الانفتاح فى العالم على الشراكات ودمج الكفاءات من مختلف العالم بات محورا مهما فى المشهد السينمائى العالمى لا يمكن غض الطرف عنه، وفى نهاية المطاف فإن الفنان يسعى لتحقيق ذاته والتألق فى أدواره باحثا عن فرص حقيقية تعرض عليه.
الخلاصة الإسرائيلية هنا، هو الهدف الأسمى لتل أبيب ووسائل إعلامها بمختلف ميولها وتنوعاتها، أن يكون هناك تطبيع فنى وأدبى على أعلى مستوى، وأن الفن الإسرئيلى يخترق البيوت المصرية، وبواسطة فنانين مصريين، مثل عمرو واكد وخالد أبوالنجا وبسمة وكريم قاسم، وياللغرابة، أن هؤلاء الفنانين يرتدون أقنعة الثورة والثوار، ومن داعمى 25 يناير، ويهاجمون الدولة المصرية، فى الوقت الذى يطنطنون فيه بالتطبيع مع إسرائيل، ويرون فى فنها وفنانيها عباقرة، فى مشهد غريب وعجيب.
اللافت أيضا أن الناشط الثورى وأحد أبطال مشهد 25 يناير علاء الأسوانى قاد حركة التطبيع الأدبى، وترجمت له روايات «عمارة يعقوبيان» و«نادى السيارات» إلى اللغة العبرية، وشهدتا توزيعا ذريا فى إسرائيل..؟!
وسائل الإعلام الإسرائيلية، والمراكز البحثية، كشفت النقاب أيضًا فى أكثر من موضع، ومناسبة، عن مدى اهتمام إسرائيل شعبًا وحكومة، بقراءة روايات علاء الأسوانى فى نسختها العبرية، كونها تعطى نظرة توثيقية لعهود سياسية سابقة، وحاليًا، ومنها على سبيل المثال، عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذى أطاحت به ثورة 25 يناير 2011، وأظهرت حجم فساد النظام، وأعضاء البرلمان، وسيطرة الحزب الوطنى الحاكم فى ذلك الوقت على كل شىء فى مصر، وأظهرت وجه مصر الفقير والعشوائى والجائع بجانب فساد أجهزة الأمن.
كما ينظر الإسرائيليون إلى الأسوانى ليس باعتباره روائيًا عاديًا.. بل شخصية سياسية ذات طابع خاص.. وهنا مربط الفرس الكاشف لسر اهتمام إسرائيل المبالغ فيه بروايات الأديب الذى أصبح ناشطا سياسيا، ويدعو دائمًا للثورات، ويهتف ضد جيش بلاده «يسقط يسقط حكم العسكر»، ويحمل من العداء والكراهية لمؤسسات وطنه، خاصة المؤسسات الأمنية، ما ينوء عن حمله الجبال، ومن ثم فإن إسرائيل تتعامل بالمبدأ الشهير «عدو عدوى.. صديقى»، وبما أن علاء الأسوانى ورفاقه أعداء القوات المسلحة المصرية، والنظام السياسى الحالى الذى أحبط مخطط إسقاط مصر، فإنه يصبح صديقها «الوفى».
علاء الأسوانى، الأديب، والناشط السياسى والثورى، والنخبوى، والوصى على شعب مصر، والمتحدث الرسمى باسم مرتادى مقاهى وسط القاهرة، والمالك الحصرى لصكوك الوطنية، يمنحها لمن يشاء، وينزعها ممن يشاء، أصبح النجم المفضل للقارئ الإسرائيلى، إذن لا يمكن أن ينتظر منه المصريون أن يسطر قلمه ما يخدم بلاده، أو يدعمها، ولا ننتظر أيضًا أن تتسق مواقفه مع ما يكتبه، فسيستمر فى الدعوة لإثارة الفوضى، وطرح كل ما يثير البلبلة، ويقدم أفكارًا تحث على الهدم، وكلما زاد من جرعات الأفكار الهدامة، كان صداها كبيرا وعظيما فى تل أبيب، وحيفا ويافا، وباقى المدن الإسرائيلية!!
والسؤال اللوذعى، ما السر وراء اهتمام إسرائيل بالفنانين والأدباء الداعمين ثورة الخراب 25 يناير 2011، وفتح أذرعها لهم؟! ولماذا يستأسد هؤلاء ضد مصر ويدعون للفوضى والخراب بينما يتعاملون مع إسرائيل مثل النعام..؟!
ولك الله.. ثم جيش قوى.. وشعب صبور يا مصر...!!