افكر، مؤخرًا، فى رواية الأمير الصغير، وهى رواية صغيرة للكاتب الفرنسى أنطوان دو سانت-أكزوبيرى «1900-1944» التى كتبها فى لحظة غريبة من حياته، حيث كان منفيا فى نيويورك عام 1942 ولم يشهد نجاحها الكبير، حيث اختفى 1944 ولم يتأكد من موته إلا بعد أربعين عاما. وأتمنى من الكبار والصغار أن يقرأوها لأنها سوف تغير حياتهم بالتأكيد.
المهم أنه فى تصويت قامت به صحيفة لوموند تم اختيار الرواية كواحدة من بين أفضل كتب القرن العشرين فى فرنسا، كما أن هذه الرواية تحافظ على نسبة مبيعاتها فى جميع أنحاء العالم، حيث تحقق أكثر من مليون نسخة سنويًا، وقد ترجمت إلى أكثر من 230 لغة ولهجة وباعت فى مجملها أكثر من 80 مليون نسخة فى جميع أنحاء العالم، مما يجعلها واحدة من أفضل الكتب مبيعًا من الكتب المترجمة من الفرنسية.
فى 28 فصلًا تتراوح بين الوسط والصغر والصغر المتناهى، تدور القصة عن القيم وعن رمزية الأخلاق فبطل الرواية طفل بقدرات خارقة يترك الكوكب ويرتحل عبر الكون بمغامرات طريفة بريئة ينقل من خلالها أهمية أن تكون متفائلًا تحمل حلمًا ومفاتيح للكون كالأمل وإدراك قيمة الحياة، فى عالم الأمير البرىء الرومانسى الهارب من الكبار المحبطين بسلوكياتهم غير المبررة، وجهلهم بعالم الصغار الذى تغمره الدعابات والرغبة فى التحليق والخيال الحر.
تبدأ القصة بفتى يرسم ثعبانًا يبتلع فيلا فيستغرب المحيطون به، فالناس لا تفهم ما يرسم، فتتحول الرسمة إلى حقيقة يقوم الثعبان بابتلاع الفيل بالكامل فيخاف الناس فيترك البطل مهنة الرسم، ويبدأ العمل بالطيران، لكن طائرته تتعطل بالصحراء ليجد نفسه فى أحداث القصة مع الأمير الصغير الذى يطلب منه أن يرسم له خروفًا فلا يعرف كيف يرسم الخراف، فيرسم له الثعبان العاصر من الخارج فيفاجئه بأنه على علم بما فى الصورة والتى يجهلها كل الناس، فيحاول مرارًا رسم الخروف له ولكن الأمير يعترض على ما يرسمه كل مرة فهذا مريض وهذا كبير، فيرسم له صندوقًا بعد أن مل ويقول له إن الخروف بالداخل فيفرح الأمير الصغير بذلك.
بعد ذلك يحكى الأمير الصغير القادم من الكويكب 612 رحلته عبر الكواكب التى رأى فيها كل أشكال السلوك البشرى، وفى الأرض يقابل الأمير الصغير الزهور والجبال والورود والثعالب والثعابين، وتتوالى أحداث القصة فى صورة رمزية رائعة إلى نهايتها وهى موت الأمير جسديًا وبقاء روحه حية كما أخبر بطل القصة، لأن جسمه يعيقه من العودة إلى كوكبه الذى كان قد تركه بسبب خلاف بينه وبين محبوبته الوردة المحبوسة فى زجاجة.