إذا كنت من عشاق المسلسل التاريخى العالمى Vikings فلابد أن مشاهد "نسر الدم" قد استوقفتك نظرا لقسوتها فى التعذيب حتى الموت، والتى ينفذها شعب Vikings مع بعض الأعداء، ولكن هل سألت نفسك إذا ما كنت هذه المشاهد أو هذه الطريقة فى التعذيب قد حدثت بالفعل وذكرت فى الكتاب التاريخية التى تناولت الحقبة الزمنية لـ Vikings أم أنها من خيال الكاتب مايكل هيرست، مؤلف المسلسل العالمى؟.
بحسب ما شاهدنا فى مسلسل Vikings يتم تنفيذ طقوس نسر الدم، بطريق معينة، حيث يتم إبقاء الضحايا على قيد الحياة بينما يقوم شخص ما بعملية سحب الأضلاع والرئتين والأمعاء فيظهر من الخلف شكل الأجنحة الدموية.
وتزامنا مع عرض الجزء الثانى من الموسم الخامس لمسلسل Vikings نشر أحد المواقع المهتمة بالتاريخ والتى يتم تقديمها فى الدراما، تقريرًا للإجابة على هذا السؤال، فى البداية، يقر التقرير بحقيقة أن شعب الفايكنج قاموا بتعذيب أعدائهم بقسوة باسم إلههم "أودين" أثناء غزوهم للأرض.
قصة نسر الدم
يشير التقرير إلى أن أقدم الروايات ذكر فيها نسر الدم كواحدة من أكثر أساليب التعذيب إيلامًا وإثارةً على الإطلاق.
"ذهب إيرل إينار إلى هافدان ونحت دما نسرًا على ظهره، حيث دفع سيفًا إلى جذعه من خلال العمود الفقرى وقطع جميع الأضلاع من العمود الفقرى وصولًا إلى حقويه، ووجه الرئتين إلى هناك..".
ويعتقد أن أول مرة استخدم فيها Vikings طريقة نسر الدم فى التعذيب حسب أحد أقدم الروايات كان فى عام 867. وقد بدأ قبل ذلك بسنوات قليلة، عندما وقع الملك إيلا، ملك نورثمبريا (شمال يوركشاير حاليًا، إنجلترا) ضحية هجوم الفايكنج. قتل ايلا زعيم الفايكينغ راجنر لوثبروك عن طريق رميه فى حفرة مليئة بالثعابين الحية.
وحينما ذهب أبناء راجنر لوثبروك سعيا وراء الانتقام، قاموا بغزو انجلترا عام 865م. فأراد "آيفار" أن يصنع مثالا من "إيلا" ويضرب الخوف فى قلوب أعدائه.
يناقش أهل العلم الحديث كيف قام الفايكنج بأداء هذا التعذيب الطقسى، وفى الحقيقة ما إذا كانوا قد قاموا بهذه الطريقة البشعة أم لا؟. إن عملية نسر الدم قاسية ومخيفة لدرجة أنه يصعب تصديق أنه يمكن تنفيذها فعلا. بصرف النظر عما إذا كان مجرد عمل أدبى خيالى.
فبحسب ما رأينا يتم ربط أيدى وأرجل الضحية منعا للهروب أو التحركات المفاجئة. ثم، يطعن من الظهر، ثم يتم فصل كل ضلع بدقة من العمود الفقرى بفأس، ويبقى الضحية على قيد الحياة طوال العملية بأكملها. وبحسب الروايات فإن ما هو أسوأ من ذلك، ولم نره فى المسلسل هو أن الفايكنج يقومون حرفياً بوضع الملح فى الجرح بطريقة آلية تزيد من المعاناة.
طقوس خلف نسر الدم
لم يكن الملك "آيلا" آخر الملوك الذين تعرضوا للتعذيب بطريقة نسر الدم. حيث يعتقد أحد الباحثين أن أربعة شخصيات بارزة أخرى على الأقل فى تاريخ أوروبا الشمالية عانت نفس المصير. كان الملك "إدموند" من إنجلترا، و"هافردان" ابن الملك هارالدر من النرويج، والملك "مايلجوالاى" من مونستر، ورئيس الأساقفة، كانوا ضحايا للتعذيب بطريقة نسر الدم، وهو ما يعنى أن أسلوب التعذيب كان يمكن أن يحدث فى إنجلترا وأيرلندا وفرنسا. كان هناك سببان رئيسيان لاستخدام الفايكنج لطريقة نسر الدم مع ضحاياهم. أولا، كانوا يعتقدون أنها كانت تضحية لأودين، والد الآلهة الإسكندنافية للآلهة وإله الحرب.
ثانياً، والأكثر اعتدالاً، هو أن نسر الدم كان بمثابة عقاب للأفراد الشرفاء. وفقا لملحمة الفايكنج لأوركينيغا، هزم هالفدان فى معركة على يد إيرل أينار الذى عذبه بعد ذلك بنسر دم وهو يحتل مملكة فوردان. وبالمثل، تم تعذيب آيلا فى الثأر.
فى الواقع، حتى قصص نسر الدم - سواء كانت صحيحة أم لا - من شأنها أن تتسبب فى هجر قرية كاملة إذا ما علمت بقدوم الـ Vikings إليها على أقل تقدير، فالشائعات فى ذلك الوقت، وبخاصة عن مثل التعذيب جعلت لشعب الفايكنج هيبة بدت وكأنها شيء مخيف إلهيا ولا يجب التغاضى عنه.
طقوس أم شائعة؟
وبما أننا أشرنا إلى دور الإشاعة، فإن التقرير لا يذكر عددًا محددا حول ضحايا طقوس تعذيب نسر الدم، فالحسابات لم تكتب، كما أن الباحثين لم يعتمدوا على أية أرقام ذكرت، حتى وإن وصلت إلى ألف ضحية، فبحسب رؤيتهم أن الروايات كانت تتناقل فى ليالى الشتاء الطويلة، فى القرن الحادى عشر والثانى عشر، ولهذا فمن الطبيعى جدًا أنه ربما قاموا بتزيين وحشية الفايكنج لجعلها تبدو أكثر بطولية.
نسر الدم والشعر
يرى الباحثون أن لقصة نسر الدم علاقة بالشعرء، فالشعراء الذين قاموا بتدوينهم للطقوس كانوا محددين للغاية فى الطريقة المستخدمة. كما أن أحد المؤرخين الدنماركيينSaxo Grammaticus نقل هذه الطقوس ووصفها بأنها "متحدة فى تسلسلات مبتكرة مصممة لأقصى قدر من الرعب"... إما أن يكون نسر الدم أمراً فعلياً، أو كان أداة دعائية. لكن فى كلتا الحالتين، كان الأمر مرعباً.
طرق الفايكينج فى التعذيب الأخرى
على خلاف نسر الدم، استخدم الفايكنج طرقًا أخرى للتعذيب. فمثلا كان هناك ما يعرف باسم اللحوم المعلقة، والتى كانت سيئة للغاية كما يبدو. وفيها يقوم الفايكنج باختراق "أعقاب" الضحايا، من خلال الحبال الملولبة من خلال الثقوب، ثم ربطهم رأسا على عقب. لم يكن فقط يخترق الكعب بشكل مؤلم.
كانت المسيرة القاتلة دليلاً شنيعًا آخر على التعذيب. كان بطن الضحية مفتوحًا، ويتم سحب جزء من الأمعاء. ثم يمسك الجلاد بأمعاء الضحية ويجبره على السير بشكل دائرى حول شجرة، وفى فى نهاية المطاف، يلتف مجرى الأمعاء بأكمله حول الشجرة.
سواء كان نسر الدم، أو اللحم المعلق، أو المشى القاتل، عرف الفايكنج كيف يصنعون أمثلة من أعدائهم.
إذا كانت أساليب التعذيب هذه صحيحة، فإنها تعود إلى زمن دموى فى ماضى الإنسانية. إذا كانت خاطئة، فإن الفايكنج كانوا يعرفون كيف ينشرون الخوف فى قلوب الآخرين دون الاضطرار إلى فعل الكثير.