التاريخ الثقافى والديني للإنسان حافل بالأسرار التي شكلت حياته في حضارات الأرض المختلفة، ومنطقة العراق وبلاد فارس كانت أرضًا خصبة للفلسفات والأديان والعبادات منها ديانة العيلاميين.
عرف العيلاميون قبل التاريخ بـ"الهاتمتي" وقد اشتهروا في ذلك الوقت بالصناعة الحرفية مثل الخزف والفخار والطين، وتحولوا فيما بعد إلى جماعات محاربة تخوض المعارك والحروب.
ويقول كتاب "تاريخ الأديان القديم" للدكتور رؤوف سبهاني، والصادر عن دار سلوني، ومؤسسة البلاغ، في بيروت،
عاش العيلاميون في جنوب إيران على شكل تجمعات قبلية في الجبال والسهول، وبسبب وفرة المياه في تلك الأراضي ووجود أنهار كثيرة اتخذوا مدينة الشوش عاصمة لهم معتمدين على زراعة المحاصيل وتربية المواشي والدواجن.
وقد أجرى علماء الآثار حفريات في مدينة الشوش فعثروا على تماثيل صغيرة مصنوعة من الفخار والطين لآلهة كان العلامييون يقدسونها ويعبدونها ومن أشهر آلهتهم (هوبان، وأنشوشيناك، والشوش، وكيريريشيا).
تأثر العيلاميون بحسب موقعهم الجغرافي بجيرانهم السومريين فبدأت العلاقات التجارية تأخذ مجراها بين القبائل العيلامية والقبائل السومرية، ومن ثم نشأت حروب بينهما فدمر السومريون مدينة أور.
وبالرغم من ذلك فقد تعلم العيلاميون تقليد الخط المسماري السومري، ووجدت كتابات قديمة حوالي عام 2800 قبل الميلاد في شبه الجزيرة بوشهر بمدينة ري شهر، وأثبت علماء الخط مدى أهمية تلك الكتابات القديمة وامتداد بلاد العيلام من الخليج الفارسي حتى الجنوب الشرقي من إيران الحالية.
كان للعيلاميين طقوس خاصة في دفن أمواتهم فكانوا يضعون الجثة على جانبها الأيسر ويجمعون الأرجل إلى بعضها وكانوا يتركون أيدي بعض الجثث في قدح صغير من النحاس ظنا منهم أن الميت ربما يتناول شيئا من القدح في الحياة الثانية، وكانوا يتركون في كل قبر إلى جانب الجثة بعضًا من الأواني الصغيرة المصنوعة من الحجر والفخار.
لقد عثر العلماء على أكثر من 300 لوح حجري يعود تاريخها بين 2300 و1700 قبل الميلاد وكلها تعود إلى مدينة شوش.
في عام 1940 وفي صحراء قاحلة تم العثور على (تل كالسله) في جنوب غرب إيران، وتم العثور على لوحة منقوشة على الآجر تقع في أطراف التل، وكانت اللوحة تكي قصة مدينة مذهبية بنيت بأمر من الملك (أونيتاشجال) وكان هذا الملك يعيش حوالي عام 1250 قبل الميلاد.
وتم الكشف عن هذه المدينة الدينية واتضح أن مساحة الفناء المخصص للعبادة بلغ مائة وواحد وعشرين مترًا مربعًا، وكان هذا المكان مربع الشكل، وقد حصر هذا المربع بجدار يضم غرفًا مخصصة للعبادة والدعاء، ولكن المراسم الدينية العالمة كما تدل الشواهد كانت تقام في فنائه.
ووسط هذا الفناء شواهد تدل على مبنى مساحته ثلاثة عشر مترًا ونصف المتر ويتكون من خمسة طوابق ويبلغ ارتفاعه نحو خمسين مترًا مربعًا، وفي الطابق الخامس العلوي يوجد مكان لعبادة الرب الكبير ورب أرباب العيلاميين المسمى اين شوشى ومن المؤسف أن مساحته التي تقدر بمترين ونصف المتر قد تهدمت من القسم العلوي.
وتدل الشواهد وطريقة البناء على أن القرابين كانت لها أهمية كبيرة في هذا الدين، وكانت المراسم الدينية تقام في الفناء الداخلي، وكانت في فناء المبنى مجموعتان من المنصات الصغيرة وكل مجموعة تضم سبع منصات، ومجموعها أربعة عشرة منصة وقد حفروا ترعة صغيرة وسطها. وكانت هذه المنصات عبارة عن مكان لتقديم القرابين .