مشروع "التراث البدوى" كان حلم لفتاة سيناوية من بنات مدينة العريش تشربت أصوله وعايشته من يوميات طفولتها مع والدتها وجدتها، المشروع الحلم رأت فيه "فوزية محمد العيسوى" مستقبلها، وببداية بسيطة وضعت أول لبنة فى جداره بتعلم أصول التطريز، باعتباره أهم مفردات تراث أهل سيناء وتحديدا المرأة البدوية، ومضت فى طريقها بتحويل هذا التراث من قيمة مجمدة فى خزانة الذكريات لقيمة تحقق فائدة لكل من يعمل فيها وحضور لتراث معبر عن المكان وأهله، بعمل تصميمات مطرزه على القماش وقطع ملابس حديثة لاقت اقبال كل من يهتم بالحديث فى التصميمات.
حلم أن يتكامل المشروع ويتوسع اصطدم بمعوقات التمويل والتسويق، فكانت الشراكة والتعاون مع شقيقتها التى تكبرها وتقف وراء مساعدتها "نهاد"، بحصولها على قرض من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بدأ بقيمة 30 ألف جنيه كانت النواة لهذا الحلم.
وقالت فوزية محمد العيسوى إن القرض حقق لها ما تريد وسعيدة أنها اليوم تقدم نموذجا نجاحا من على أرض العريش رغم كل الظروف التى تمر بها.
وأشارت فوزية، فى حديثها لـ"اليوم السابع"، إلى أنها خريجة كلية تجارة شعبة محاسبة، وكأى خريج ليس من السهل إيجاد فرصة عمل، وكان حلم تكوين مشروع التراث البدوى هو طوق النجاة لها، والذى ولد بعد توفير مقومات مالية ساعدت على تكوينه.
وأضافت أن المشروع تم تمويله فى أول دفعة بـ30 ألف جنيه، تم سدادها، و3 دفعات تمويل بـ50 ألف جنيه يتم استكمال سداد ما تبقى بشكل منتظم شهريًا.
وتابعت حديثها إن المحل الذى تعرض فيه منتجات التراث البدوى السيناوى الأصيل أصبح ملكها فى موقع متميز وسط مدينة العريش، وبداية الانطلاقة كانت محفزة على الاستمرار عندما كانت المنطقة تعج بالسياحة الداخلية وإقبال على شراء هذه المنتجات.
وأوضحت أن طبيعة مشروعها قائم على تصنيع منتجات التراث البدوى الخاصة بالملابس والمشغولات، ويعتمد على التطريز بألوان ووحدات وأشكال منوعة، يتم إدخالها على الملابس النسائية بشكل عصرى ملائم، تناسب كل الأذواق والمناسبات والتوقيتات ما بين ملابس رسمية وحفلات وأفراح وسهرات، فضلا عن ما يخص المحجبات والأثواب كاملة التطريز، والعبايات، وقطع مشغولات وأكسسورات من شنط وميداليات ومتعلقات اطفال.
وقالت إنها تحضر الخامات من القاهرة وتمر بمراحل تصنيع يدوى بحت تنفذه أسر سيناوية فى منازلها بقرى العريش وبئر العبد، ثم يعاد تجهيزها للبيع الذى يتم من خلال منفذ فى مدينة العريش، والمعارض التى ينظمها جهاز المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى القاهرة وخارجها.
وأضافت أن ميزة المنتج لا يتم بيعه على أنه مشغولة تراثية توضع للفرجة، لكن للاستعمال الوقتى، ومن هنا ومن خلال البيع فى المعارض، تلاحظ حالة هوس شديد وإعجاب من سيدات المجتمع فى القاهرة بمنتج التراث السيناوى المطرز، وحرصهن على الشراء والظهور به فى المناسبات، وهو ما ساعد فى تطورة والتنافس على خروجه بشكل مناسب واخراج لا يسمح فيه بأى زلة أو خطأ وخلل.
وتابعت لعل ما يخفى فى هذا الجانب أن من يقمن بهذا العمل هن سيدات وفتيات بسيطات جدا من المجتمع البدوى، وهذا أحد مميزات المشروع أنه يساعد ويفتح بيوت المئات من الأسر دورهن تلقى اشارة العمل وتنفيذها بشكل دقيق احترافى.
وأضافت أنها لا تستطيع تقدير عدد من يعملن معها فى المشروع من هؤلاء السيدات والفتيات فالعمل يسير بنظرية جذر الشجرة، حيث تستلم سيدة مهمة إتمام تطريز مشغولة، وهى تقسمها لقطع تعطى كل أسرة قطعة وفى كل أسرة تقوم أكثر من سيدة وفتاة بالعمل فيها، ويتم التجميع لها كوحدة متكاملة، يتخلل هذا أدوار أخرى لسيدات يقمن بالنقل وشراء منتجات، ومشاركات فى التسويق وهذا باب خير يستفيد منه الجميع.
وأوضحت أن شغلها تعتز به لأنه هويتها الشخصية وتعتبره رسالتها فى توصيل تراث أرضها بشكل مختلف.
وبدوره أوضح المهندس سليمان العمارى رئيس فرع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بشمال سيناء أن مشروع التراث البدوى فى مدينة العريش أحد المشروعات التجارية الناجحة التى مولها الجهاز، وحققت المراد منها من الخدمات التى قدمت، موضحا أنه خلال الفترة من 1992 حتى سبتمبر 2018، تم تمويل العديد من المشروعات بإجمالى التمويل المتاحة كقروض 186,620,000 جنيه مولت قرابة 13876 مشروعا صغيرا ومتناهى الصغر، وفرت 24885 فرصة عمل.
وأشار إلى أن الجهاز يقوم بحزمة مشروعات تشمل التسويق والتدريب والدعم الفنى، وتقديم النماذج الاسترشادية، ودراسات الجدوى، وإتاحة فرصة للمستفيدين لتسويق منتجاتهم عن طريق إقامة المعارض داخل المحافظة والمعرض المركزى بأرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة، والمشاركة فى المعارض الخارجية، وإقامة الندوات بمراكز الشباب المنتشرة بنطاق المحافظة لنشر ثقافة فكر العمل الحر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة