فى شهر نوفمبر الجارى ، تحل الذكرى الـ 14 لرحيل "حكيم العرب" الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،مؤسس دولة الإمارات وبان نهضتها الحديثة، والذى يحتل رغم سنوات الغياب مكانه بارزة فى قلوب المصريين، بصفة خاصة ، وفى قلوب العرب جميعا من الخليج الى المحيط بصفة عامة ، خاصة وأن الراحل الكبير علّم العرب معنى حب الوطن، وكرس الكثير من وقته لتلبية احتياجات الضعفاء والمحتاجين وسخرإمكانات الدولة لمساندة القضايا الإنسانية ، لذلك استحق عن جدارة أن تكتب سيرته بأحرف من نور وتتوارثها الأجيال العربية ، ويشهد عام 2018 الذى أطلق عليه عام زايد ، فى البلدان العربية سلسلة من الفعاليات والمبادرات المحلية والعالمية التي تخلد ذكراه وتمجد أثره وإرثه وترسخ القيم التي غرسها، وعمل جاهداً لنشرها.
وُلد الشيخ زايد ، في "قصر الحصن" بأبوظبي عام 1918، وكان والده الشيخ سلطان بن زايد ، حاكماً للإمارة خلال الفترة من 1922 إلى 1926، ويعتبر الشيخ زايد هو الابن الأصغر من بين أربعة أبناء، وسُمّي على اسم جده، الذي يعرفه الناس باسم زايد الأول، والذي حكم الإمارة خلال الفترة من 1885 إلى 1909.
آل نهيان
في عام 1946 عُيّن الشيخ زايد حاكماً للعين، وممثلاً لأخيه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان ، في المنطقة الشرقية، وخلال مدة حكمه للعين – التي امتدت إلى 20 عاماً – استطاع الشيخ زايد ، أن يحظى بسمعة طيبة، واشتُهر بكونه حاكماً بالفطرة، وضرب خلال فترة حكمه نموذجاً يُحتذى به، وتمثّلت مبادئ القيادة عنده في المحافظة على روابط قوية بينه وبين شعبه، والإشراف بنفسه على تنفيذ الإصلاحات ، لذلك حرص دائماً على أن يكون مجلسه مفتوحاً للجميع، حيث كان يتخذ قراراته بناءً على إجماع آراء القبائل المختلفة، وكان يسافر إلى جميع أنحاء المنطقة، وحتى المناطق النائية منها، لمشاورة الناس، وتفقّد أحوالهم، وسؤالهم عن حاجاتهم، وخلال فترة حكمه لمدينة العين والمنطقة الشرقية ذاع صيت الشيخ زايد، وحظي بحب الشعب واحترامه كواحد من أفراده، وكقائد عربى يحرص دائما على الإستماع إلى جميع رعاياه، ويُمثل فضائل الكرم وحسن الضيافة.
الشيخ زايد
رائد العمل الخيرى
ومنذ عام 2012 تحول يوم الـ19 من رمضان من كل عام، الموافق لذكرى رحيل مؤسس الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، إلى "يوم العمل الإنسانى الإماراتى"، حيث سجل الشيخ زايد، بأحرف من نور ، على صفحات تاريخ البشرية الإنسانى ، اسم دولة الإمارات ، رائدة العمل الخيرى ومجالاته المختلفة وسخر موارد الدولة وإمكاناتها من أجل مناصرة الضعفاء والمحتاجين وحمايتهم من مخاطر الفقر والمرض والجهل، وبفضل وحسن إدارته للأزمات وتصرفه فى التعامل مع الآخرين، استطاع زايد ،كسب الصداقة وبسط حسن الجوار مع حكام الإمارات والدول المجاورة.
ونذر الراحل نفسه وكرس وقته لخدمة الوطن والمواطن، فالإمارات وشعبها شكلت محور اهتمامه وتفكيره، فقدم رؤية مستقبلية ثاقبة، كان همه الأول أبناء دولة الإمارات ، والمواطن الإمارتى ، كما أرسى زايد ، ثقافة التطوع والعطاء، وأبناء زايد تربوا على نهج الإنسانية، وقيمها الراقية التى غرسها فى نفوسهم، لذلك ليس غريبا أن يتم اختيار ذكراه يوماً للعمل الإنساني، فهو قوى تلك الأسس، فأصبح التطوع شيئاً فطرياً فى أجيال البلاد، كما أصبحت الإمارات الداعم الأول للجهود الإنسانية فى العالم.
الشيخ زايد مع الرئيس الراحل أنور السادات
مواقفه تاريخية لا يمحوها الزمان
وسجل التاريخ له مواقف سواء على المستوى العربى أو الإسلامى، وكان شخصية محورية داعية للسلام وتقوية روابط الأخوة ، ووشائج القربى على الصعيدين الإقليمى والدولى والعربى فضلاً عن إسهاماته المثمرة فى بناء علاقات دولية قائمة على الإحترام المتبادل بين الشعوب ، ومرتكزة على مبادئ الحق والعدل والمساواة، وترسيخه لمكانة دولة الإمارات فى المجتمع الدولى والتى تكشف مدى نجاح سياسة زايد التى تعتمد على الانفتاح على العالم ، وكان الشيخ زايد رحمه الله ، موسوعة ثقافية متنقلة ، عليماً بمفردات البداوة وبحور الشعر النبطى، وله ديوان جمعه ، الشاعرحمد بن خليفة بوشهاب .
الشيخ زايد خلال زيارته لأحد المتاحف المصرية
الإمارات تبوأت مكانة متميزة
وبفضل جهود الراحل ومبادراته تبوأت دولة الإمارات مكانة متميزة فى ميادين العمل الخيرى إقليميا ودوليا واحتلت مساحة كبيرة فى فضاءات العطاء الإنسانى الرحبة وقدمت للعالم تجربة فريدة فى تجسيد قيم البذل والعطاء من أجل تخفيف آلام البشرية ومعاناتها الإنسانية وتربعت على عرش قلوب الملايين من المحرومين والمنكوبين الذين امتدت إليهم أياديه البيضاء لتدفع عنهم عناء الحاجة وذل المسألة.
فقيد الإنسانية وضع دولة الإمارات فى مصاف الدول العصرية المتقدمة من خلال منجزاتها الحضارية الشاملة فى المجال الإنسانى واستطاع بحنكته وبعد نظره توجيه ما تنعم به بلادنا من خيرات حباها الله بها لمساعدة الشعوب الشقيقة والصديقة ومد جسور المحبة و السلام معها من خلال ما نفذته من مشاريع خيرية رائدة تعود عليها بالنفع والخير.
الشيخ زايد يتفقد مغارة سياحية فى لبنان
علاقته بمصر علاقة القلب والجسد
إسم الشيخ زايد ، محفور فى قلوب المصريين، حيث كانت "مصر" آخر وصاياه لأبنائه، وقال الشيخ زايد رحمه الله "لا وجود للعرب بدون مصر".وكانت له وقفاته التى لا تنسى مع مصر والمصريين على مدى عقود طويلة من الزمن، فعلاقته بمصر علاقة القلب والجسد. هو من قال، ما تقوم به الإمارات نحو مصر هو نقطة ماء فى بحر مما قامت به مصر نحو العرب، وهو أيضا من قال نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وقال: "أوصيت أبنائى بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، وهذه هى وصيتى أكررها لهم أمامكم، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم".
وفى حرب أكتوبر 1973 كان الشيخ زايد ، فى زيارة إلى بريطانيا، لم يتردد فى إعلان دعمه الكامل، ووقوفه فى الخندق الأمامى، قرر دعم الحرب بكل ما يملك، قدم ما فى خزينة بلاده، ثم اقترض ملايين الجنيهات الاسترلينى من البنوك الأجنبية ليقوم بإرسالها على الفور إلى مصر وسوريا.
وقال كلمته الخالدة "ليس المال أو النفط العربى أغلى من الدماء العربية"، التى لا تزال تتردد أصداؤها حتى اليوم فى جميع الأوساط بلا استثناء". وبعد حرب أكتوبر كانت وقفة الشيخ زايد التى لا تنسى لمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس- الإسماعيلية- بورسعيد) التى دُمرت فى العدوان الإسرائيلى عليها عام 67.. فرحم الله زايد وطيب ثراه.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة