سريعا تتحرك على المسرح، حركات منضبطة واداء مبهر يثير إعجاب المشاهدين، تبتسم ابتسامة ثقة وفخر تملأ ملامحها البريئة، تقرأ فى عيون الجماهير المستقرة أمامها نظرات الانبهار، فتتحول إصابتها بمتلازمة داون إلى مجرد مرض عابر طبيعى لا يتمكن من الوقوف أمام أحلامها، برشاقة ترسم الخطوات وترقص الباليه الذى كان يعتقد البعض أنه حكر على فئة معينة من الفتيات، ترسم ملامح جديدة للجمال والأنوثة والرقى، وتضع بصمتها بقوة ضمن عالم راقصات الباليه رغم إصابتها بمتلازمة داون.
المصابات بمتلازمة داون يرقصن الباليه
ببساطة يمكنك أن تقرأ كل تلك المشاعر فى عيون عضوات فريق هايدى سمير، الفتاة العشرينية التى وقعت فى غرام الباليه حين كان عمرها 4 سنوات، وقررت مؤخرا أن تعلم فنها الذى تعشقه للمصابات بمتلازمة داون والأوتيزم والتوحد، وغيرهن من ذوات الإعاقات التى كان يعتقد البعض أنهن من الصعب أن يحترفن فن الباليه.
جانب من عروض الباليه للمصابات بمتلازمة داون
الحكاية بدأت مع خريجة كلية السياحة والفنادق مبكرا، فمنذ سنوات دراستها فى الجامعة وهى تقضى وقتا طويلا مع الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، حيث تزور المؤسسات الخاصة بهم، وقد انطلقت شرارة استغلال فنها فى دعمهم حينما كانت تشاهدها شقيقة صديقتها أثناء رقص الباليه، وكانت الشقيقة مصابة بمتلازمة داون، وقد أبدت رغبة شديدة فى تعلم الباليه.
وتقول هايدى لليوم السابع: "صديقتى عرضت علي فكرة تعليم شقيقتها بعدما علمت برغبتها، وأنا لم أتردد.. على العكس شعرت بالحماس الشديد للفكرة".
أحد حركات الباليه
ومنذ ذلك الوقت بدأت هايدى تتردد على المؤسسة التعليمية التى كانت تتعلم فيها شقيقة صديقتها، لتبدأ دورات تعليم الباليه، وتضيف للمؤسسة التى كانت مختصة بتعليم الأنشطة المختلفة "كالأعمال اليدوية، والفنون الشعبية، والبينج والجمباز، والزومبا فصل لتعلم الباليه سواء كان رقصات جماعية أو فردية.
جائزه فريده الحفني لفن الباليه في الملتقي الدولي لذوي الاحتياجات الخاصه
الرحلة لم تكن وردية كما تحكى الفتاة، ففى البداية واجهت صعوبات فى التعامل مع المتدربين الجدد، فهم يتعاملون بطريقة خاصة، ولا يتقبلون شخصا جديدا بسهولة، ولكن بعد فترة قصيرة، بدأوا التعود والاستجابة والتعلم بحب وإقبال.
أحد الفتيات
وأصبحت رقصات الباليه ضمن عروض الحفل الذي يقام للفتيات كل عام مثل المشاركة فى الملتقى الدولى لذوى الاحتياجات الخاصة الذى يقام كل عام خلال شهر مارس، والعروض السنوية فى مكتبة الاسكندرية.
الأسر تحتفى ببناتهن
وتحكى هايدى لليوم السابع أنها تراعى دائما أن من تعلمهم ليس لديهم توازن عضلى عصبى وذلك يجعلها تقوم باختيار الحركات والرقصات المحددة التى تتناسب مع طبيعتهم.
وتتابع هايدى: "لا أقوم فقط باختيار حركات خاصة لهن، ولكن أيضا يجب دراسة كل حالة بشكل منفرد، خاصة وأننا نتعامل مع أكثر من حالة بين المصابات بالداون والأوتيزم والتوحد وغيرها، وكل حالة لها وضعها الخاص".
هايدى سمير أثناء ممارسة رقصات الباليه
وتحكى: "أيضا يجب أن أراعى حالتهم المزاجية، ففى بعض الأوقات لا يرغبون فى التدريب أو تعلم شيء جديد، وقد يحدث ذلك أثناء الحفل أيضا، وهنا يجب أن أراعى حالتهن النفسية بطريقة خاصة".
جانب من فريق الباليه
وتستغرق الفتيات حوالى شهرين لتعلم رقصة جديدة، كما يتدربون ثلاثة أيام أسبوعيا، مما يؤثر على حالتهن النفسية والعلاجية أيضا بالإيجاب، ويجعلهن يشعرون بأنهن طبيعيات ولا فرق بينهن وبين الآخرين حيث يمارسون جميع الأنشطة ويستطيعون المشاركة فى العروض والحفلات أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة