تنطلق عملية التصويت فى انتخابات "التجديد النصفى" الأمريكية اليوم الثلاثاء، والتى يراهن على الفوز بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، للاحتفاظ باستئثاره المطلق بالكونجرس، إلى جانب سيطرته على البيت الأبيض، فى حين ينظر الديمقراطيون إلى تلك الانتخابات باعتبارها الأمل الأخير لاستعادة التوازن المفقود منذ فوز الرئيس الجمهورى بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، فى عام 2016، على حساب غريمته هيلارى كلينتون.
وجرت العادة أن يخسر حزب الرئيس فى عهده الأول مقاعد فى الكونجرس فى انتخابات منتصف الولاية الرئاسية. لكن الوضع الاقتصادى الجيد يميل إلى إبقاء الأمور على حالها فى وقت ينمو الاقتصاد الأمريكى بقوة وهو الأمر الذى يمثل أولوية مهمة بالنسبة للناخب الأمريكى، والذى يتطلع دائما إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية، وبالتالى تبقى فرصة الجمهوريين جيدة للغاية لتحقيق نتائج إيجابية فى انتخابات التجديد النصفى.
"التجديد النصفى" بصبغة رئاسية
ولعل الأهمية غير المسبوقة التى حظت بها انتخابات التجديد النصفى، قد تجلت بوضوح فى تجاوز نسب التصويت المبكر فى بعض الولايات المستويات المعتادة بكثير، فى إشارة واضحة لحالة التعبئة السياسية التى بلغت ذروتها، فى ظل المنافسة التى تحولت من صيغتها المباشرة، بين مرشحى الحزبين لمقاعد الكونجرس، إلى صيغة غير مباشرة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وسلفه الديمقراطى باراك أوباما.
فقد حرص الرئيس ترامب على المشاركة فى حشد الناخبين لدعم المرشحين الجمهوريين، حيث أدلى بخطابات فى العديد من الولايات الأمريكية، فى حين قام الرئيس السابق باراك أوباما بالشيء نفسه، لحشد الدعم لمرشحى الحزب الديمقراطى، لتطغى صبغة الانتخابات الرئاسية على انتخابات "التجديد النصفى" فى مفارقة تبدو غير مسبوقة فى التاريخ الأمريكى.
التناقضات شعار الانتخابات الأمريكية
وهنا تتجلى التناقضات بين المتنافسين، لتتجاوز مسألة الأجندة السياسية، وتمتد إلى الخلافات الشخصية، حيث وضع الرئيس ترامب سلفه باراك أوباما كهدف شخصى له منذ وصوله إلى البيت الأبيض، حيث سعى جديا نحو تقويض إرثه عبر الانسحاب من الاتفاقات الدولية التى وقعتها إدارته، وعلى رأسها اتفاق باريس المناخى والصفقة النووية الإيرانية.
وتظهر الخلافات الكبيرة بين الحزبين الرئيسيين فى الولايات المتحدة، ففى الوقت الذى ركز فيه الرئيس الأمريكى على خطابه القومى، المناوئ للهجرة، موضحا أن الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يتدفقون على الأراضى الأمريكية سوف يساهمون بصورة كبيرة فى تفشى الجريمة، حرص الديمقراطيون على تقديم مرشحين من ذوى الأصول الأفريقية لشغل مقاعد الكونجرس، وآخرين للمنافسة على مقاعد حكام الولايات.
وأشارت استطلاعات الرأى إلى أن الوضع بالنسبة للديمقراطيين ربما يمكنهم من تحقيق قدر من التوازن مع الجمهوريين فى الانتخابات المرتقبة، خاصة بعد تنامى خطاب الكراهية وما ترتب عليه من أحداث، على رأسها الطرود المفخخة والهجوم على المعبد اليهودى، وهى الأحداث التى حاول الساسة الديمقراطيون استغلالها انتخابيا فى الأيام الماضية للتجييش ضد منافسيهم الجمهوريين.
استطلاعات الرأى.. هل يتكرر مشهد الانتخابات الرئاسية؟
إلا أن نتائج استطلاعات الرأى ربما ليست كافية للحديث عن سيطرة الديمقراطيين، فى ظل وجود رئيس غير تقليدى على غرار ترامب، فى ظل قدرته الكبيرة على إشعال الحماسة بين أنصاره ودفعهم نحو المشاركة بقوة وكثافة فى الانتخابات، وهو الأمر الذى يلقى استجابة كبيرة بينهم.
ولعل انحياز استطلاعات الرأى نحو الديمقراطيين ليس بالأمر الجديد تماما، ففى انتخابات الرئاسة السابقة، أشارت كافة الاستطلاعات إلى فوز المرشحة الديمقراطية آنذاك هيلارى كلينتون، إلا أن النتائج الفعلية لم تكن كذلك ليدخل ترامب إلى البيت الأبيض، فيما اعتبره قطاع كبير من المحللين بأنه بمثابة مفاجأة غير متوقعة، خاصة وأن ترامب لم يكن يمتلك من الخبرة السياسية ما يؤهله للفوز، إذا ما قورن بمنافسته التى شغلت منصب وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد أوباما بالإضافة إلى وصولها للقب السيدة الأولى خلال حقبة زوجها بيل كلينتون.