أحمد إبراهيم الشريف

الطيبون فى الأرض.. يعيشون خارج المدينة

الأربعاء، 07 نوفمبر 2018 08:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«يا سيدتى أريد أن أكتب رسالة إلى السيد المسيح أقول له فيها شكرا لك لقد هطل المطر هذا العام».. نعم الحياة ليست بسيطة، إنها متشعبة قائمة على علاقات متداخلة بين الناس، وطبعًا فإن المدن أكثر تعقيدا وتشابكا من غيرها، لذا الخروج من وسط المدينة سوف يمنحنا فرصة لرؤية الطيبين فى الأرض، هذا ما يقوله الفيلم البرازيلى Central Station أو محطة البرازيل الرئيسية من إخراج والتر سالس.
 
قلب المدينة صاخب لا مكان فيه لاكتشاف النفس، فالسيدة العجوز «دورا» التى عملت مدرسة فى إحدى المدارس الابتدائية قبل خروجها على المعاش تضطرها الحياة للجلوس أمام محطة القطارات كى تكتب الخطابات لمن لا يعرفون الكتابة، وذلك من أجل أن تكسب قوت يومها، وممن يأتون إليها لتكتب لهم خطابا «جوزيه» بسنوات عمره التسعة، ووالدته «آنا» قبل أن تقتلها حافلة قاسية القلب ويظل الطفل عالقًا فى شوارع المدينة.
 
أحداث كثيرة تقع قبل أن تجد «دورا» نفسها تصطحب «جوزيه» فى رحلة البحث عن «والده» بعيدا عن العاصمة، وفى الطريق الطويل جدًا، وبعدما ضاقت عليهما الدنيا ونفد المال منهما، التقيا بالطيبين فى الأرض، وما أكثرهم، لقد تعرفوا على «سيزار» سائق الشاحنة الذى يحمل الطحين على ظهره وليس له عائلة، وقد أعطاهما طعامه ومنحهما غطاءه فى البرد، لكنه فى لحظة ما كادت «دورا» ابنة المدينة أن تفسد عليه «هدوءه» فهرب، والتقوا المتدينين الفقراء الذين يقطعون آلاف الكيلو مترات من أجل الاحتفال بالسيد المسيح وهناك يوقدون الشموع ويدعون بقضاء حوائجهم ويعلقون أمانيهم ويغنون.
 
قلب المدينة قاسٍ، لقد قتلوا هنا شابا لأنه سرق شيئا يأكله، ورغم أنه صرخ فى قاتليه «سأعيده» لكنهم أطلقوا النار، وفيها تحاول العصابات أخذ «جوزيه» وبيع أعضاء جسده، وفيها زحام وخوف، بينما طريق البحث عن الأب، الذى تغير عنوانه أكثر من مرة، كان الفقر أكثر لكن الإنسانية كانت تخفف حدة الأشياء.
بالطبع يوجد فى المدينة طيبون، لكن ظروف الحياة لا تمنحهم الفرصة حتى ليعرفوا ذلك، وإلا كيف نفسر ما فعلته «دورا» مع جوزيه ولا لماذا أحببنا جارتها «إيريني» ولا كيف نفهم الرجل العجوز فى محطة القطار الذى أراد أن يكتب رسالة إلى شريكه القديم الذى خدعه، وقال له «أشكرك على كل شىء.. حتى على كونك خدعتنى»؟
 
الفيلم قديم بعض الشىء من إنتاج عام 1998 لكنه كأى عمل إنسانى لا يموت أبدا، وتظل أفكاره وجمال تصميمه ورؤيته قادرة على مواصلة الحياة بعيدًا عن الصخب المميت الذى يملأ المدن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة