القيمة المضافة هى أصل الاقتصاد، لأن بعض المواد الخام وحدها ربما لا تمثل قيمة اقتصادية كبيرة، وكلمة استثمار تعنى تحويل الفكرة البسيطة إلى قيم مضافة، والمفارقات فى عصرنا الحالى أن أكثر الأنشطة التى تصنع الثروة هى مجالات لا تتعلق بالصناعة أو التجارة، لكنها تتعلق بتطبيقات أو أفكار تصنع القيمة لأى سلعة، ومن هنا ونحن نتكلم عن أفريقيا والتفاصيل المهمة الخاصة بالتكامل والتعاون لا يفترض أن تقوم هذا على مجرد مطالب أو أحلام، وإنما على واقع يرسمه ما هو متاح من معلومات، ولهذا فإن الحديث عن الاتجاه المصرى نحو أفريقيا يبقى مجرد حديث نظرى ما لم تتوافر له المعرفة.
فى منتدى شباب العالم الأخير كانت فرصة الاجتماع أنه جمع شبابا من أنحاء أفريقيا ليتعارفوا، ويطل كل منهم على بلد ربما لا يعرف عنه الكثير، خلال رحلة إلى غانا تأكدت الفكرة أننا بحاجة إلى وجود قاعدة إعلامية ومعلوماتية، من خلال مشروعات نشر وأفلام وثائقية عن دول أفريقيا بشكل موسع، يمكن أن تكون جسرا يقدم المعرفة المتبادلة والأفكار والفرص وإمكانيات التعاون والتكامل، الأهم هو تفهم الدائرة التى نعيش فيها ولا نعرفها بشكل حقيقى، بل إننا نجهل تفاصيل اجتماعية واقتصادية مهمة فى كل بلد أفريقى، وكل زيارة يتأكد لنا النقص فى معارفنا عن دول أفريقيا وأيضا ما يعرفه الأفارقة عنا.
ومن خلال التواجد فى غانا رأيت كيف أن هناك حاجة إلى وجود مشروعات حقيقية للمعرفة المتبادلة وخرائط للتعاون وتبادل الخبرات فيما يتعلق بالعمل أو التبادل التجارى، وهى طرق يمكن أن تقود إلى فوائد متبادلة وليس مكسبا لطرف دون الآخر.
لقد قرر منتدى الشباب اختيار مدينة أسوان عاصمة للشباب الأفريقى لعام 2019، بهدف مواصلة الحوارات عن الهموم المشتركة التى تتطلب تعاونا لمعرفتها ومواجهتها، ويمكن من خلال توظيف أدوات التواصل وتطوير تطبيقات تكنولوجية أن تتسع المعارف المشتركة بين الأطراف. وهناك الكثير من الهموم المشتركة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا يمكن أن تجد لها مجالا يقرب هذه الطرقات التى تبدو بعيدة.
ومن خلال زيارة إلى غانا هناك بالفعل الكثير من التفاصيل التى تحتاج إلى أن نتعرف عليها بشكل يفتح أبوابا حقيقية تتجاوز الحلم أو الحديث النظرى، ربما يكون هناك بالفعل حاجة إلى وجود قنوات ومشروعات معلوماتية، ويبدو مثيرا أن تكون لدى مصر كل هذه الرغبة فى التفاعل مع أفريقيا، ولا توجد قناة واحدة تليفزيونية تتوجه نحو أفريقيا وتخاطب جمهورا يحتاج إلى التعارف وإلى التفاعل، ويمكن من خلال أنشطة الاتحاد الأفريقى، ومنظمات إقليمية أفريقية إطلاق مشروعات مشتركة تسهم ليس فقط فى التعامل مع المشكلات السياسية، لكن أيضا تفتح أبواب التعاون والتفاعل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى، وهناك فرص تتيحها التكنولوجيا تفتح أبواب التفاعل واسعة بين مصر وأفريقيا وبين دول القارة وبعضها، وربما تكون البداية هى الاستثمار فى المعرفة.