"أول صورة لوحدة توليد كهرباء فى مصر" أو "أول عداد كهرباء فى مصر" أو تاريخ دخول الكهرباء فى مصر".. عبارات تحاول بها البحث عن تاريخ تطور الكهرباء فى مصر على مواقع الانترنت، إلا أنك لا تجد سوى رصد تاريخ الكهرباء على أكبر المواقع العالمية لتوثيق الأحداث والمعلومات، بينما لا تتوقع أن تجد إدارة داخل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة مسئولة عن توثيق ما ينجزه القطاع على مر التاريخ إلا من خلال مجهودات فردية داخل ديوان عام الوزارة.
فى البداية عندما جاءت فكرة عمل تحقيق صحفى بعنوان "متحف الكهرباء المصرى"، توجهت "اليوم السابع" لديوان عام الوزارة للبحث عن معلومات عن تاريخ الكهرباء فى مصر بدلا من نقلها من الموقع العالمى وإن كانت حقيقية وسليمة، خاصة وأن "اليوم السابع" يحرص دائما على تقديم معلومة جديدة للقارئ، وكانت المفاجأة أنه لا يوجد إدارة للتوثيق داخل وزارة الكهرباء للحفاظ على مهمات الكهرباء القديمة وتسلسلها.
المهندس أسامة عسران، نائب وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أبدى إعجابه الشديد لفكرة "متحف الكهرباء" وقرر أن يساعد فى تجميع كافة البيانات الخاصة بالفكرة لتوصيلها للقارئ وتوثيق تاريخ الكهرباء المصرى، وأرشدنا "عسران" إلى الطريق الذى يمكن من خلاله الحصول على بعض المعلومات الرسمية عن تاريخ الكهرباء ومتى تم إدخال الكهرباء ومن هم أوائل المشتركين فى جمهورية مصر العربية، وأول محطة توليد كهرباء فى مصر، وغيرها من المعلومات التاريخية.
الدكتور محمد موسى عمران، وكيل أول وزارة الكهرباء للبحوث، الذى توجهنا إليه بناء على توجيه نائب الوزير، استطاع من خلال أبحاث خاصة فى إدارته عن تاريخ الكهرباء مدنا بمجموعة من المعلومات التى توضح مراحل تطور الكهرباء فى مصر.
"ليبون" هو اسم يدين له المصريين بالفضل فى إنارة أولى المدن المصرية، وقد لا يعلم معظمنا من هو رجل الأعمال الفرنسى شارل ليبون، ففى عام 1893 كانت بداية الكهرباء فى مصر على يد رجل الأعمال الفرنسى، وأصبحت مصر من الدول الرائدة فى قطاع الكهرباء، حيث أن التطبيقات الأولى للكهرباء كانت فى فرنسا لأغراض الإنارة كانت عام 1880 أى بعد 13 عام فقط من استخدام فرنسا للكهرباء فى الإنارة.
بدأ استخدام الكهرباء فى الإنارة داخل مصر على يد القطاع الخاص بعد أن رخصت الحكومة المصرية لشركة ليبون الفرنسية إدخال الإضاءة بالكهرباء فى العاصمة والإسكندرية عام 1893م والتى كانت تحتكر إنارة شوارع القاهرة والإسكندرية منذ عام 1865م بغاز الاستصباح الناجم عن تقطير الفحم وظلت حتى عام 1909 محتكرة إدخال الكهرباء للمدن إلى أن أنشئت الحكومة المصرية مصلحة البلدية التى تولت هذه المهمة.
أول وحدة لتوليد الكهرباء بالإسكندرية
فى عام 1895 تم إنشاء أول وحدة بخارية لتوليد الكهرباء بمعرفة شركة ليبون الفرنسية بمحطة كرموز، وحرصت شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء فيما بعد على وضع الوحدة البخارية الأولى فى مصر التى يبلغ عمرها 123 عام داخل حجرة زجاجية للحفاظ عليها وتحويلها لمزار تحرص الوفود الأجنبية المهتمة بالكهرباء على زيارتها من حين لآخر.
الفرنسيون أوائل المشتركين فى استخدام الكهرباء للإنارة
المحامى الفرنسى مانولدى الذى يقطن فى 5 شارع صلاح سالم بالإسكندرية يعتبر أول مشترك فى إدخال التيار الكهرباء فى 11 مايو 1895، ويعتبر البنك العثمانى بالإسكندرية ثان مشترك على مستوى الجمهورية فى نفس العام، وتعد جمعية البحارة والجنود "المركز الثقافى اليونانى حالياً" أول جميعة يتم إدخال التيار الكهربائى لها عام 1898، وأول مسجد يتم إنارته باستخدام الكهرباء هو مسجد النبى دانيال بالإسكندرية فى 14 يناير عام 1901 والكنيسة الانجلية فى 26 فبراير 1896، وأول قنصلية تشترك فى التيار الكهربائى هى القنصلية الفرنسية بالإسكندرية عام 1898، وكان يتم محاسبة المشتركين بعدد اللمبات وقوتها الموجودة لديهم إلى أن تم تركيب عدادات الكهرباء.
1904 الحكومة المصرية أنشئت مصلحة البلديات لتولى إضاءة المدن بالكهرباء
فى عام 1904 أنشأت الحكومة المصرية مصلحة البلديات لتتولى إضاءة المدن بالكهرباء، وتعد مدينة الزقازيق أول مدينة دخلتها الكهرباء على يد المجالس البلدية وذلك فى عام 1909م وتلى ذلك بنى سويف وأسيوط عام 1911م.
ولم يزد عدد المدن التى دخلتها الكهرباء فى مدة 25 سنة (1909م – 1923م) عن ست مدن، ويرجع قلة عدد المدن المكهربة فى الفترة الأولى إلى أثار الحرب العالمية الأولى ومــا بعدها مباشرة نظراً للظروف الاقتصاديـة التى مرت بها البلاد فى ذلك الوقت، وأيضا نقص الفحم المستورد من الخارج وهو الوقود الذى كان يستخدم فى توليد الكهرباء، أما فى الفترة الثانية فيرجع زيادة عدد المدن المكهربة إلى أن إدارة المجالس البلدية التابعة للحكومة أسرعت فى تنفيذ البرنامج الخاص بإدخال الكهرباء إلى أهم المدن الإقليمية بالدولة.
فى عـام 1936 كان يوجد فى مصر نحو 73 محطة توليد الكهرباء وبلغت القدرة الأسمية لها نحو 195 ميجاوات، تنوعت كالتالى: المحطات البخارية بنسبة 72%، الديزل بنسبة 27%، المائية بنسبة 1%، وتميزت الطاقة الكهربائية المتولدة وقتها بأنها كانت مركزة جغرافيا بشدة حيث حظيت ثلاثة أقاليم بنحو 83% من الكهرباء التى أنتجتها مصر عام 1936م وذلك بنسبـة 35% فى القاهــرة، 26% فى الإسكندرية، 22% فى شمال الدلتا.
فى الخمسينات قامت الحكومة المصرية بتأميم صناعة الكهرباء، حيث تزايد الطلب على الكهرباء فى مصر بعد عام 1957م نتيجة لبرامج التنمية الاقتصادية التى بدأت الحكومة بتنفيذها خاصة فى المجال الصناعى، ونظراً لوفرة البترول، فقد زاد إنتاج الكهرباء المولدة من (288 مليون ك.و.س) عام 1936م إلى (2639 مليون ك.و.س) عام 1960م بمعدل زيادة (7,9%) سنوياً وذلك نظراً لإنشاء المحطات الكبيرة مثل شمال القاهرة وجنوب القاهرة والتبين وتوسيع محطات الرى والصرف ومحطات الإسكندرية.
الوقائع المصرية تنشر قرار غلق الأنوار بعد الـ7 مساء لترشيد الاستهلاك عام 1917
نشرت جريدة الوقائع المصرية فى عددها رقم 67 بتاريخ 13 أغسطس عام 1917 قرار مجلس الوزراء باتخاذ بعض الإجراءات لترشيد استهلاك الوقود والفحم من خلال تخفيض الإضاءة وجاء نص القرار كالآتى:
أولاً: تقليل الإضاءة العمومية بنسبة 25% فى العواصم والمديريات.
ثانيا: عدم استعمال اليقاظات والإعلانات المضاءة بالأنوار ومنع الأنوار المستعملة فى مداخل أو مخارج الحواتيت والسينماتوغرفات والفنادق والأندية فى جميع القطر المصرى بعد الساعة الـ7 مساء ويستثنى الصيدليات.
ثالثاً: إغلاق جميع المطاعم والمقاهى فى الساعة الـ10 مساء
كما نشرت الجريدة الرسمية فى 30 أبريل 1910 بعدم إنارة المصابيح أمام المنازل بالليالى القمرية من كل شهر من الشهور العربية بواقع مصباح لكل منزلين أو ثلاث منازل لخفض استهلاك الكهرباء، ومن يخالف هذه القرارات يعاقب بغرامة لا تتجاوز 100 قرش صاغ.
إنشاء وزارة الكهرباء عام 1964 والتطور السريع للقطاع
فى عام 1961 أعلنت مصر تأميم شركة ليبون الفرنسية بالإسكندرية وبذلك أصبحت مؤسسة الكهرباء تشرف على 95% من القدرة الكهربائية المركبة فى مصر، وفى عام 1964 تم إنشاء وزارة الكهرباء وهيئة كهربة الريف ودخلت مصر خلالها عصر الكهرباء المائية نتيجة لإنشاء محطة خزان أسوان ومحطة السد العالى بالإضافة إلى إنشاء عدة محطات حرارية أخرى كبيرة، وبالتالى زيادة القدرات الاسمية المركبة زيادة كبيرة، وتم إنشاء الشبكة الكهربائية الموحدة عام 1967م بالإضافة إلى زيادة الأحمال والإنتاج وأطوال شبكات النقل والتوزيع وسعات محطات المحولات ودخول مشروع كهربة الريف حيز التنفيذ على نطاق واسع.
المعادى تضم أول محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بالعالم
محطة المعادى للطاقة الشمسية التى أنشئها المهندس الأمريكى فرانك شومان المُتخصص فى مجال الطاقة الشمسية بتشييد المحطة فى 1911، حيث كانت أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية فى العالم، وكانت تحتوى على 5 جامعات للطاقة الشمسية، كُل منها بطول 62 متر وعرض 4 أمتار وتفصل بينهم 7 أمتار، أستمر تشغيل المُحركات لفترة أقل من عام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة