لفتنى بشدة توقيع الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، وسوما شكرباتى، رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، عقد التمويل الخاص بتحسين الأحوال الصحية والبيئية لسكان محافظات «كفر الشيخ والغربية والدقهلية» التى يخترقها مصرف «كتشنر» بقيمة إجمالية 148 مليون يورو مقدمة من البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.
رعاية رئيس الوزراء مهندس مصطفى مدبولى لهذا العقد يستوجب الشكر، هذا العقد فيه حياة، مصرف الموت يهدد حياة نصف سكان الدلتا، الذكاء الفطرى لفلاحى الدلتا استوجب إبقاء اسم هذا اللورد الإنجليزى البغيض على مصرف الموت حتى الآن ثأرا منه وانتقاما.
فأل حسن، إعادة تأهيل المصرف للحياة يستوجب تغيير اسمه، يقينًا هناك طائفة من الأسماء المصرية المعتبرة، فقط أحسنوا الاختيار ولو باستطلاع رأى النخب من بين مواطنى المحافظات الثلاث، ستجدون بدلاً من الاسم عشرة، جميعا إلا «كتشنر»، ويلزم قراءة تاريخه الأسود إبان الاحتلال الإنجليزى لتعرفوا جرائمه قبل الإبقاء على اسمه.
قصة المصرف الأسود من قصة صاحبه الأرعن، ففى عام 1893 حفرت إنجلترا إبان احتلالها لمصر عام 1882، مصرفا سمى بمصرف كتشنر نسبة إلى «هوراشيو هربرت كتشنر» أو اللورد كتشنر البريطانى، والذى تولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالجيش المصرى وقتها.
هذا رجل أذاق المصريين ويلات العذاب، وامتد جبروته جنوبا، وفصل فظائع كتشنر فى السودان هو الفصل الثانى من فظائعه فى المحروسة، قاد «كتشنر» حملة الغزو على السودان عام 1898، والتى تصدت لها قوات المهدى فى معركة «كررى» الشهيرة والتى أسفرت عن نهاية الدولة المهدية ومقتل 22.000 شهيد من السودانيين و22.000 جريح و5.000 أسير، وقام بقصف قبة المهدى بأم درمان.
ولمن لا يعرفه، هو اللورد كتشنر «24 يونيو 1850 بأيرلندا- 5 يونيو 1916» كان القائدالأعلى «بالإنجليزية:Field Marshal» للجيش البريطانى، بدأ ضابطا بسلاح المهندسين الملكى، ثم عُين حاكما على المستعمرات البريطانية بمنطقة البحر الأحمر فى عام 1886 ومن ثم أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة بالجيش المصرى فى عام 1892.
فى عام 1902 عاد إلى بريطانيا وأنعم عليه بلقب «نبيل»، وعُين قائدا أعلى للقوات فى الهند، وهنالك انضم لتنظيم «الماسونية العالمية» وأسس «رابطة كتشنر» بها، غادر الهند فى عام 1909 م وحاز على لقب «مارشال» وعمل قنصلاً بمصر، وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى استدعى إلى بريطانيا ليعمل سكرتيرا لشؤون الحرب، كان مغرورا ويروى عنه قوله لمستشاريه: «لا يجرؤن أحدكم على تذكيرى باللوائح والأعراف فهى إنما وضعت لإرشاد الأغبياء»، توفى عام 1916 إثر تحطم وغرق سفينة كانت تقله إلى روسيا بواسطة لغم ألمانى.
خطة تأهيل المصرف أشار بها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطابه الشهير فى «دمياط»، بعد أن هاله ما ورد فى التقارير الواردة من المحافظات الثلاث «الغربية والدقهلية وكفرالشيخ» من كوارث صحية مستمرة منذ عقود خلت، تقرر تأهيل المصرف بمنحة أوروبية قدرها 610 ملايين يورو يخصص منها 23 مليون يورو لحل مشكلة المخلفات بالقرى الواقعة على المصرف، ثم تاليًا عقد البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.
كل هذه الجهود تستوجب من رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى تغيير الاسم الكريه، وحذف اسم كتشنر من الوجود، لو حدث هذا لكان رائعًا، المصرف الذى حفره «كتشنر» كان كمن يحفر قبرا مستقبليا لملايين المصريين، كتشنر ليس اسما على مصرف بل مقبرة ملعونة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة