فاعل أم مفعول به؟ سؤال مطروح دائما حول مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى وبوابات البحث، ومدى انخراط أدوات التواصل والقائمين عليها فى اتخاذ طرق تضاعف من حجم أرباحها، أو تساعدها فى تحقيق أهدافها.
خلال الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة بين أعداد من مستخدمى فيس بوك، وبدا الأمر أقرب لظاهرة جماعية أعداد كثيرة من المستخدمين يطلبون من «الفريندز» نكزات ولايكات وعمليات تنشيط والشكوى هى أن الصفحات الخاصة تفقد قدرتها على العمل وتصاب بالشلل، وغالبا كان السبب المعروف هو أن هناك خصوما لهذه الصفحات يقدمون ريبورتات وشكاوى إلى إدارة فيس بوك، لكن فى الحمى الأخيرة كانت الحالة جماعية وكانت الطلبات أن على «الفريندز» عدم الاكتفاء بالنكزات وإنما وضع تعليقات ومصلقات، وبدا الأمر عجيبا كيف يصاب كل هذا العدد مرة واحدة؟!
استجاب بعض المستخدمين لأصدقائهم، ونكزوا وعلقوا لكن بقى هناك إحساس بأن الأمر هو حيلة من القائمين على موقع «فيس بوك» لجذب أعداد من المستخدمين فى عمل جماعى لتنشيط الموقع، عندما يعانى من حالة كساد، وبالطبع فإن الموقع وإدارته لديهم عدادات تحسب حجم النقص أو الزيادة فى نشاط المستخدمين. ويتم اختراع هذه الحيل لإجبار المستخدمين على زيادة عمليات الدخول.
بالطبع هناك بعض الأعطال أو المشاكل فى تطبيقات قد تؤدى إلى مثل هذا الحال، لكن من واقع تجارب الشهور الأخيرة، فإن موقع فيس بوك بوصفه أكبر موقع للتواصل الاجتماعى يبدو أنه يفتقد إلى القدرة على استيعاب الأعداد المضاعفة من المستخدمين، وبالتالى وارد أن يواجه اختراقات أو أخطاء تسبب مشكلات للمستخدمين.
وفى كل الأحوال فإن المستخدم مسيّر على شبكات التواصل، يخضع لسياسات وأهداف يعرفها القائمون على هذه المواقع، وهى أهداف تجارية فى الأساس، حيث أصبح الربح هدفا دائما، وهو ما يظهر فى حجم الإعلانات التى تفرضها إدارة فيس بوك على المستخدمين نظير الاستعمال المجانى، وأصبحت الشكاوى من الإعلانات غير المرغوبة تتضاعف، فضلا عن تضاعف أعداد الحسابات التجارية والمدفوعة، التى تنشر مضامين سياسية أو دعائية.
وهو نفس ما يظهر فى محركات البحث أيضا، والتى تواجه تساؤلات عن مدى دقة نتائج البحث عن الأسماء والأشخاص والأخبار، وكثيرا ما تفرض الدعاية المدفوعة نفسها على نتائج البحث، لكن القائمين على جوجل ينفون وجود تدخلات ويشيرون إلى أن الأمر كله يتم بشكل آلى ويعتمد على لوغاريتمات تتفاعل وتظهر النتائج، كان مسؤولو جوجل خضعوا لتحقيق أمام الكونجرس عندما ارتبط ظهور صورة الرئيس الأمريكى ترامب بكتابة كلمة idiot أو أحمق فى جوجل، وسألت نائبة بالكونجرس رئيس الشركة ساندر بيتشاى أثناء إدلائه بشهادته أمام اللجنة القضائية، عن أسباب هذه النتيجة بالبحث، ورد بأن نتائج البحث تعتمد على مليارات من الكلمات الرئيسية التى يتم تصنيفها وفقا لأكثر من 200 عامل، وعلى رأسها الصلة والشعبية، وقد انتقد الرئيس الأمريكى جوجل بتويتة على حسابه واتهمها بالعمل مع خصومه.
والواقع أن جوجل أصبح مصدرا أساسيا لمليارات البشر ممن يبحثون عن كل شىء، بدءا من العناوين والأسماء وصولا إلى المفقودات فى منازلهم، ناهيك عن المعلومات الطبية والنصائح الاجتماعية والأسعار وحالة الطقس، والبعض يحصل على نتائج صحيحة، وفى النهاية فإن النتائج هى جهد بشرى لمستخدمين آخرين، وبالتالى فإن المواطن الافتراضى فاعل ومفعول به فى نفس الوقت.