فيما تبدو شرارة لثورة غضب كاسحة ضد نظام الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، خرج آلاف الأتراك، أمس السبت، فى شوارع إسطنبول احتجاجا على غلاء المعيشة وارتفاع معدل التضخم فى تركيا.
ووسط قبضة أمنية مشددة من جانب قوات النظام التركى، رفع المتظاهرون لافتات تشير إلى تحرك "السترات الصفراء" فى فرنسا الذى انطلق كمظاهرة ضد ارتفاع أسعار المحروقات قبل أن يكتسب زخما ويتحول إلى احتجاجات ضد الحكومة.
مظاهرات ضد أردوغان
وقالت وسائل إعلام تركية مناهضة للنظام، إن المظاهرات التى نظمتها كونفدرالية نقابات موظفى القطاع العام شارك فيها أشخاص من مختلف المناطق التركية بما فيها محافظات أدرنة، وبورصة ويالوفا.
وهتف المتظاهرون بشعارات "عمل، خبز، حرية" رافعين لافتات كتب عليها "الأزمة لهم والشوارع لنا" و"حزيران" فى إشارة إلى التظاهرات الحاشدة التى شهدتها تركيا فى يونيو 2013 ضد رجب طيب أردوغان، الذى كان حينها رئيسا للوزراء، عندما انطلقت احتجاجا على مشروع بناء مركز تسوق فى حديقة "جيزى" قرب ميدان تقسيم فى وسط إسطنبول.
وتأتى مظاهرات أمس السبت، بعد نحو أسبوع من مظاهرة دعت إليها كونفدرالية نقابات موظفى القطاع العام وشارك فيها الآلاف احتجاجا على غلاء المعيشة فى ديار بكر فى جنوب شرق البلاد.
هتف المتظاهرون عمل خبز حرية رافعين لافتات كُتب عليها الأزمة لهم والشوارع لنا
وتدهور الوضع الاقتصادى كثيرا بتركيا فى الأشهر الأخيرة بسبب تراجع قيمة الليرة التركية على خلفية توتر دبلوماسى مع واشنطن صيف 2018 ورفض الأسواق السياسات الاقتصادية لأنقرة.
وبلغ التضخم فى نوفمبر 21.62 % بالنسق السنوى متراجعا عن أعلى مستوى له منذ 15 عاما بعد أن بلغت نسبته فى أكتوبر 25.24 %، وعلى الرغم من الإجراءات الحكومية يشعر السكان يوميا بارتفاع الأسعار.
ومنذ مطلع 2018 خسرت الليرة التركية نحو 22.5 % من قيمتها مقابل الدولار.
كذلك تباطأ نمو الاقتصاد التركى بنسبة 1.1 % فى الفصل الثالث مقارنة بالفصل السابق، ما أثار المخاوف من حصول ركود اقتصادى.
ويدخل الاقتصاد فى حالة ركود بعد انكماش لفصلين متتاليين.
رفع المتظاهرون لافتات تشير إلى تحرك السترات الصفراء فى فرنسا
وكانت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية قد أكدت تصنيفها الائتمانى لتركيا عند (BB)، مع نظرة مستقبلية سلبية، وقالت إنها تتوقع ألا تحقق تركيا المستويات المستهدفة فى خطتها للترسيخ المالى فى العامين 2018 و2019 بسبب تأثير اقتصاد ضعيف على الإيرادات.
وأضافت الوكالة الاقتصادية الدولية، أن السياسة النقدية لتركيا أثبتت لفترة طويلة أنها غير قادرة على تثبيت التضخم عند مستويات فى خانة الآحاد وإنها تتوقع أن يبقى التضخم فى تركيا بخانة العشرات حتى نهاية 2020.
وتشير تعليقات سابقة لوزير المالية التركى وصهر أردوغان، بيرات ألبيرق، إلى أن تركيا قد تجاوزت أسوأ مرحلة فى الأزمة الاقتصادية. لكن خبراء اقتصاد يتوخون حذرا أكبر بالنظر إلى احتمال وقوع ركود وشيك.
وأظهرت بيانات اقتصادية، أن الإنتاج الصناعى التركى انخفض 2.7 % على أساس سنوى فى سبتمبر الماضى، وهو أكبر انخفاض فى 7 سنوات على الأقل مما يعزز التوقعات بأن الاقتصاد يتجه صوب الركود.
وأظهر استطلاع أجرته وكالات أنباء عالمية الشهر الماضى، أن من المتوقع أن يدخل اقتصاد تركيا فى ركود مع انكماشه 1.4 % فى الربع الأخير من العام الجارى وأن يواصل الانكماش بنسبة 2.1 % فى الربع التالى.