عاشت المرأة الحديدية حياة كفاح منذ طفولتها، فكانت تعيش مع عمتها بقرية جنزور بمحافظة المنوفية، وحصلت على الشهادتين الابتدائية والإعدادية ولم تتوقف عند ذلك الحد، بل التحقت بمدرسة الثانوى التجارى وكان تسافر يوميا من قريتها لمدينة شبين حيث المدرسة، وتعود للمنزل فى آخر اليوم، وتقوم بمهام المنزل وتعد الطعام وتذاكر، حتى حصلت على دبلوم تجارة.
عملت هذه المرأة فى محل لتجارة قطع غيار السيارات، وذات يوم وأثناء تواجدها بالقاهرة لشراء بضاعة، شاهدت مركزا لتصليح البطاريات، وقادها الفضول للدخول للمركز وطلبت من العاملين به تعليمها كيفية تصليح وتركيب البطاريات، رغم أن هذه المهنة هى مهنة الرجال فقط.
وكانت تسافر يوم الجمعة من كل أسبوع للتعلم كيفية تصنيع البطاريات حتى أصبحت ماهرة فيها، ومن هنا بدأت رحلتها فى تصنيع البطاريات حتى وقتنا هذا، ومازلت تعمل بيدها رغم كبر سنها.
"اليوم السابع" التقى بالحاجة فاطمة عبد العزيز الشريف للتعرف على قصة نشأتها وكفاحها منذ صغر سنها وحتى الأن، حيث قالت إنها نشأت فى قرية جنزور التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية ووالدها كان يعمل بشركة غزل المحلة، وكانت تعيش مع عمتها بالقرية، وحصلت على مؤهل دبلوم تجارة بشبين الكوم وكانت تسافر من القرية إلى شبين يوميا وتعود للمنزل آخر اليوم، وتقوم بجميع شئون المنزل من طبخ ثم المذاكرة، وبعدما حصلت على الدبلوم حضرت لمدينة المحلة، وقررت أن تعمل لمساعدة والدتها، فعملت بمحل قطع غيار سيارات، وعشقت المهنة، وكانت تسافر لشراء بضاعة من مصر، ودخلت لمركز خدمة بطاريات النسر لصيانة البطاريات.
وأضافت طلبت من العاملين بالمركز التدريب على كيفية تصنيع البطاريات وتصليحها، مضيفة أنها شاهدت كيفية فك وتركيب البطارية، وشحنها وتركيبها وتزويدها بمياه النار.
وأكدت أنها كانت تسافر يوم الجمعة من كل اسبوع للقاهرة، لتتعلم المهنة، حتى اتقنتها وأصبحت تمتلك الخبرة فى فك وتصليح وشحن البطاريات، مبينة أنها قامت باستئجار محل صغير بمدينة المحلة بـ2 جنيه فى الشهر بجوار ورش ميكانيكى وكهربائى سيارات، وقامت بشراء "تونجر" للشحن، وساعدوها فى جلب الزبائن لورشتها.
وأضافت بدأت اشتغل فى الورشة وكنت بشترى بطاريات من القاهرة، حتى وصلت للمركز الرئيسى للشركة بالإسكندرية، وخصصوا لى حصة بطاريات كل شهر، مؤكدة أنها لم تتوقف على ذلك القدر بل أصرت على التوسع فى المشروع، وحصلت على قرض من بنك الإسكندرية، واستطاعت فتح محل على الشارع العمومى.
وقالت: "حصلت على دبلوم تجارة عام 1972 وعملت فور الحصول على الشهادة فى محل قطع الغيار، ثم عملت موظفة بشئون الطلبة بكلية التجارة منذ عام 1975حتى عام 1986وقدمت استقالتى وتفرغت لمشروعى.
وأكد أنها كانت تواجه صعوبات فى المهنة من حيث التعامل مع السائقين، لكونها سيدة وتتعامل مع رجال، قائلة: ابسط حاجة السواقين معاملتهم صعبة جدا وكانوا بيفكرونى سهله وهيضحكوا عليا ولكن كنت جد فى المعاملة معاهم ومحدش عرف يمسك عليا غلطة".
وأضافت أن لها قصة كفاح مشرفة مع زوجها والذى كان يعمل ميكانيكى بجانب وظيفته مدرس ابتدائى، وتعلم الصنعة من خاله، وتعلم اصول المهنة، وكافحنا سويا ولم يتركنى لحظة وكان سببا فى تعلمى الصنعة، مشيرة إلى أن زوجها كان يذهب فى الصباح لعمله بالمدرسة، وبعد ذلك يعود للمنزل ويرتدى ملابس الشغل ويتوجه للمحل.
وأشارت إلى أنها أنجبت من زوجها، ابنها الأكبر على الحاصل على بكالوريوس تربية رياضية، وعزب حاصل على بكالوريوس حاسبات ونظم معلومات، وقالت ربنا كان بيوفقنى وكنت بصحى من الفجر اشوف طلبات بيتى واودى ولادى للمدرسة وارجع على المحل اقف مع جوزي، وربنا كان هادى ولادى وعلمتهم المهنة، وكنت بخليهم يشتغلوا فى ورش كهرباء سيارات علشان يعرفوا يتعاملوا مع اعطال العربيات.
وأضاف أن زوجها توفى عام 2006 ومنذ ذلك الوقت وهى تقف مع أولادها فى المحل، مؤكدة أن الحياة كانت صعبة بعد وفاة زوجها ولكن بالإصرار والعزيمة استطعت أن اتخطى المحنة، خاصة وأنها اكتسبت ثقة عدد كبير من المواطنين، وأيضا مشوار الكفاح الذى بدأته لن تتوقف عنه.
وأضافت أنها حظيت بثقة شركة مصر النسر للبطاريات وكانت وكيلة للشركة بالمحلة، وكان يأتيها الزبائن كل شهر لتفحص بطاريتهم وفحص البطاريات ومتابعة نسبة مياه النار بكل بطارية، ونجحت فى اكتساب ثقة عملائها لأمانتها فى عملها.
وأوضحت كيفية تصنيع البطاريات حيث تقوم بإحضار صندوق به مكان ألواح يتم تجميعها به ووضع ورق عازل بينها، ولحمها من الأعلى وضع البلك عليها، مؤكدة أنها خاضت هذه التجربة مع بداية البطاريات السائلة، والآن قلت هذه المهنة بسبب ظهور البطاريات الجافة.
وتابعت أن البطاريات الجافة جيدة ولكن ليست الصعوبة فى البطارية، ولكن تمكن فى اصحاب السيارات حيث انهم يعتقدون أن أى عطل بالبطارية يكون بسبب البطارية، ولكن لا يدركون أن المشكلة قد تكون عطل بالدينمو أو عيب بالمارش، مؤكدة أنها لأمانتها لا تقوم بتغيير البطارية للزبون إلا بعد أن تتأكد من العطل منها.
وأكدت أن لديها اجهزة لقياس البطارية، وجهاز لقياس الشحن، وميزان مياه النار، وتختلف كل بطارية عن آخر ى حسب نوع السيارة.
وعن استخدام مياه النار فأكدت أنها تشتريها خام من مركز كفر الزيات، وتقوم بحلها وتنتظر حتى تبرد وتبدأ فى استخدامها، مؤكدة أنها عانت بشدة من استخدام مياه النار ولكن كان لديها اصرار على النجاح وقضاء مصالح الناس
وأكدت أنها تحلم بأن يقوم نجليها بتوسيع المشروع بعد أن نجحت فى إكسابهم خبرة السنين وأصبحوا أفضل منى فى هذا المجال، مشيرة أنها تجهز الأوراق المطلوبة لنجلها للحصول على قرض والتوسع فى المشروع.
وأوضحت الحاجة فاطمة أنها عملت فى مجال اصلاح كهربة السيارات ولكن تعرض محلها للسرقة إبان ثورة 25 يناير 2011 وقررت أن تكتفى بتصليح البطاريات، مبينة أن نجليها تدربا على تصليح كهربة السيارات، وحال الحصول على القرض ستقوم بشراء جهاز متطور لإظهار عيوب السيارات وتصل تكلفته 90 ألف جنيه.
واختتمت الحاجة فاطمة حديثها قائلة: "الحمد لله على نعمة ربنا واللى وصلت له وربنا يكرم ولادى ويوفقهم.. والحمد لله عايشة عيشة كريمة وربنا يبارك فى الرئيس السيسى لأنه وفر لينا حياة كريمة وعيش وتموين ببلاش".
ووجهت رسالة للشباب بالاعتماد على الله وعلى أنفسهم، وان الشباب اصبحوا لا يرغبون فى العمل بالمحلات، لاكتساب الخبرة لأنه الخبرة اساس كل نجاح ولازم يكون عندهم إصرار علشان يبقوا رجالة فى حياتهم وفى بيوتهم وجوزى الله يرحمه كان بيروح شغله الصبح ويرجع البيت يلبس "العفريته" ويروح على المحل وكان راجل بمعنى الكلمة.
من جانبه قال عزب محمود عبود نجل الحاجة فاطمة حاصل على بكالوريوس نظم معلومات أنه كان يعمل مع والديه منذ صغره وقامت والدته بتوجيهه وشقيقه الأكبر للعمل بورشتى تصليح كهربة السيارات لاكتساب الخبرة، مشيرا إلى أنه اكتسب الخبرة فى عمله، وعاد للعمل بمحل والده للعمل مع والده ووالدته، فضلا عن الخبرة التى اكتسبها من والديه.
وأضاف أن والده توفى وهو بالصف الثانى الثانوي، وأصرت والدته على استكمال المسيرة، ووقفوا بجانبها ولم يتركوا العمل معها يوما ما، مؤكدا أنه اكتسب خبرة تصليح البطاريات من والدته، حيث كان منذ صغر سنه يجلس بالمحل بعد انتهاء مذاكرته ويتابع ما تقوم به والدته فى تصليح البطاريات والتعامل مع الزبائن.
وقال لم أخجل يوما ما من عمل والدتى واشعر بالفخر بامى ونعيش على سمعتها الطيبة وكفاية تعب امى وشقاها علينا وكان أبسط حاجة أنها تبيع البضاعة بعد وفاة ابويا بدلا من الجلوس فى الشارع، ولكن اصرت على استكمال مسيرة النجاح.
والتقطت الحاجة فاطمة أطراف الحديث وأكدت أنها أصرت على دخول نجليها الجيش سويا متحملة مشقة الوقوف بمفردها فى المحل ولكن اصرت على هذا الأمر قائلة" الجيش بيطلع رجالة وانا اصريت انهم يدخلوا الجيش علشان يكونوا رجالة ويعتمدوا على نفسهم".
وقال الابن: "انا مديون لأمى بجميل فوق راسى لأنها كبرتنا وعلمتنا وكافحت علشانى انا واخويا، مؤكدا أنه يحلم أن يفتح مركزا لخدمة السيارات والتوسع فى مجال البطاريات واستكمال مسيرة نجاح والدته".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة