فشلت المفاوضات بين الديموقراطيين والجمهوريين أمس الخميس بإنهاء إغلاق جزئى للحكومة الأمريكية، وتأجّلت حتى الأسبوع المقبل أى آمال بإنهاء المأزق حول الميزانية بسبب طلب الرئيس دونالد ترامب تمويل جدار حدودى مع المكسيك لوقف عبور المهاجرين.
وبقى كل طرف على موقفه، مع رفض الديموقراطيين تخصيص أموال لجدار ترامب وإصرار الرئيس على أنه لن يمول الحكومة إلا إذا حصل على تمويل للجدار.
واتهمت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز الديموقراطيين "باختيار الإبقاء على إغلاق الحكومة بشكل علنى لحماية المهاجرين غير الشرعيين بدلا من الشعب الأمريكى".
المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز
وقالت إن ترامب "لن يوقّع" على شىء "لا يعطى أوّلاً الأولوية لأمن بلدنا وأمانه".
ويجمّد النقاش حول الجدار التصويت على إقرار الميزانية، ما يحرم نحو 800 ألف موظف فدرالى من رواتبهم ويوقف عمل أجزاء غير أساسية من الحكومة.
ويقول ترامب إن هناك حاجة إلى 5 مليارات دولار لتوسيع وتحسين الحواجز الحدودية على طول الحدود المكسيكية، أما معارضو الرئيس، بمن فيهم البعض فى حزبه الجمهورى، فيتهمونه بتضخيم خطر الهجرة غير الشرعية لتحقيق مكاسب سياسية.
ولعدم إقرار الكونجرس موازنة لها، أغلقت وزارات ووكالات حكومية أبوابها منذ صباح السبت الفائت وأصبح بذلك 400 ألف موظف فى إجازة غير مدفوعة، فى حين يعمل 400 ألف موظف فى خدمة الجمارك وأمن المطارات بدون تلقى راتب خلال فترة أعياد نهاية السنة، كما انطفأت أنوار شجرة عيد الميلاد واغلقت الحديقة العامة قبالة البيت الأبيض أبوابها امام الجمهور وفاضت صناديق القمامة فى المدينة.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
ورغم ذلك، فهو يؤكد أنّه لن يغير موقفه أولا.
واتهم ترامب الديمقراطيين مجددا بالرغبة فى تشجيع المهاجرين غير الشرعيين عبر "فتح الحدود الجنوبية والجريمة واسعة النطاق التى تأتى مع مثل هذا الغباء!".
وتابع على تويتر أن بلاده "بحاجة إلى وقف المخدرات والاتجار بالبشر وأفراد العصابات والمجرمين الذين يأتون إلى بلادنا"، وهاجم فى تغريدة أخرى "عرقلة الديمقراطيين للجدار المطلوب".
وقال العضو الديمقراطى البارز فى مجلس الشيوخ ديك دوربين إنهّ "لا نهاية تلوح فى الأفق لإغلاق الحكومة".
وتابع "لقد أخذ (ترامب) حكومتنا رهينة بسبب مطلبه الفاضح (لتمويل) جدار حدودى كلفته خمسة مليارات دولار سيكون إسرافا وغير فعال على حد سواء".
والإغلاق الجزئى للحكومة ليس سلاحا غير مألوف فى مفاوضات الموازنة فى واشنطن، إذ يجعل الانقسام الحزبى التعاون أمرا نادرا.
مجلس الشيوخ
وهذا الإغلاق هو الثالث خلال العام الحالى بعد يناير 3 أيام وفى فبراير بضع ساعات بسبب قضية الهجرة، وكان الإغلاق الأخير فى أكتوبر 2013 استمر 16 يوماً لكنه كان أقصر من إغلاق 1995-1996 الذى استمر 21 يوماً.
لكن الضغائن تضاعفت بينهما خلال إدارة ترامب، ومن المتوقع أن يزيد الأمر سوءا بعد أن يتولى الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب فى 3 يناير، عقب فوزهم فى انتخابات التجديد النصفى للمجلس.
وتساهم هذه الفوضى فى تغذية المخاوف بشأن توقعات أداء الاقتصاد الأمريكى فى العام 2019، بعد أن شهد ارتفاعا فى العام 2018.
وتراجعت سوق الأسهم فى الأيام الأخيرة، قبل أن تنتعش فى شكل قياسى الأربعاء، نتيجة عدة عوامل من بينها انتقادات ترامب الكبيرة للاحتياطى الفدرالى.
ويقول منتقدو ترامب إنه يسحق حقوق اللجوء التى يحميها القانون، مشيرين إلى ضرورة توجيه الموارد إلى بدائل عالية التقنية لجدار باهظ الثمن.
مهاجرون على الحدود الأمريكية المكسيكية
وتعقّدت إدارة ملف تدفق المهاجرين غير الشرعيين للحدود، بعد ان تطورت من مجرد عبور رجال بمفردهم إلى عبور عائلات أكثر ضعفا يرافقهم أطفال صغار.
وتوفى طفلان من جواتيمالا أثناء احتجاز السلطات الأمريكية لهما مع والديهما خلال هذا الشهر.
وأكّدت وزيرة الأمن الداخلى الأمريكى كيرستين نيلسن أن هناك "إجراءات وقائية استثنائية" مطلوبة للتعامل مع تدفق اللاجئين.
وحذّر مفوّض إدارة الجمارك والحدود كيفن مكلينان الأربعاء من أن الوكالة غير قادرة على التعامل مع آلاف الوافدين، مشيرا إلى أنّ معظم المرافق تم بناؤها منذ عقود وهى مؤهلة لاستضافة رجال وصلوا بمفردهم.
وأوضح فى مقابلة مع شبكة" سى بى اس" أننا "بحاجة إلى مساعدة من الكونجرس. نحن بحاجة إلى موازنة للرعاية الطبية والرعاية الصحية العقلية للأطفال فى منشآتنا"