الانبا ارميا

عن الحياة.. "248.. كل ما عليك"

الجمعة، 07 ديسمبر 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال: ذكرتَ أن "روبنز" انتبه لنفسه وهو يقوم بتقديم كل ما لديه من مال للصبى وغادر المطعم مسرعـًا! ألم يشعر بالقلق أو الندم عما قام به إذ قدم كل ما لديه؟ أجبته: لن أقدم لك رأيًا شخصيًّا، بل دعنى أذكر كيف وصف "روبنز" تلك اللحظات فكتب يقول: "مشَيت إلى خارج الباب، ولكن فى حقيقة الأمر أنا لم أكُن أمشى بل أطير! عدت إلى المنزل سيرًا على الأقدام، ولكننى كنت أشعر أننى ممتلئ بالحياة، واجتاحنى إحساس بحرية كبيرة!! كان من المفترض أن تجتاحنى مشاعر الرعب فقد كنت لا أملك مالاً على الإطلاق، ولم أكُن أعرف كيف سأتحصل على طعام لنفسي؛ ولكن لم يكُن بداخلى قدر ولو قليلاً من مشاعر الخوف، وكأن الشعور بالاحتياج قد مات تلك اللحظة ولم يعُد له وجود فى حياتى!! عدت إلى المنزل فى تلك الليلة، وليست لدى أية فكرة عما سأفعله، ولكننى كنت سعيدًا. قلت لنفسى: حسنـًا، الناس يصومون طوال وقت ما، أستطيع أن أصوم أربعة أيام أو خمسة".

لقد كانت تلك هى مشاعر "روبنز" عندما قدم ما لديه، محاولاً إسعاد الآخرين؛ آخرين لم يكُن يعرفهم، وربما لن يلتقيهم مرة ثانية فيتمكنون من رد ما قدم إليهم ولو بكلمات شكر؛ أعتقد أن هذا هو العطاء الحقيقيّ، العطاء الصادر من قلوبنا إلى من يحتاجون إلينا سواء كنا نعرِفهم أم لا؛ العطاء الذى لا ينتظر ردًّا ولو بكلمات ثناء؛ العطاء الذى لا يتذكر سوى أننا جميعـًا بشر يحتاج كل منا إلى مساندة الآخر فى لحظة ما من لحظات العمر، العطاء الذى من الممكن ألا تتذكر فيه ملامح صاحبه لكنك لا تنسى الدفء الذى امتلأت به حياتك عندما عبر بك! ذلك العطاء هو الذى يبُث معه السعادة فى أنفس من أخذوا ومن وهبوا على السواء؛ إذ يتنسمون فيه عَبَقـًا يسيرًا من عطاء الله وخيراته لخليقته.

قال: وكيف سارت الأمور بعد ذلك؟! أجبته: يقول "روبنز" إن فكرة بسيطة وردت على ذهنه، وأخذ يحدّث نفسه بمحاولة تنفيذها، ثم استسلم لنوم عميق. وفى الصباح، استيقظ "روبنز" دون أى شعور بالخوف، وقد عزم أن ينفذ فكرته. ولم يمر وقت طويل حتى وصله البريد اليومى كالمعتاد، ووجد مظروفا مطويًا ففتحه ليجد به شيكـًا بمبلغ 1200 دولار من صديقه الذى لم يكُن يجيب على مكالماته الهاتفية! ويقول فى ذلك: "كان (المال) كافيـًا ليعيننى على الحياة فى تلك الأيام مدةً تمتد من أسبوعين إلى شهر؛ وعندئذ بدأت أبكي، وسألت نفسى عما يعنى هذا! فاهتديت إلى أنها كانت مكافأة لأنى قمت بعمل الشيء الصحيح دون الإحساس بالاحتياج والخوف. لقد كان شيئـًا عفويـًا، وأننى قد فعلت ما هو صحيح فكوفئت، وكنت - وما زلت - أشعر أن تلك كانت نعمة من الله. ومنذ ذلك اليوم فصاعدًا قررت أن أقدم مزيدًا وأعطى أكثر. لقد أصبح الأمر يشبه استنشاق الهواء،  فعندما تأخذ نفسـًا، فإنك لا تتوقف لتفكر هل يكون أكسچين آخر لتتنفسه أو لا يكون إذ دائمـًا ما سيكون. كل ما عليك أن تؤدى دورك فحسب.".

الأُسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة