قال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة، إن قضية تحريم تصوير الأنبياء والصحابة فى السينما والأعمال التليفزيونية قضية قديمة ومتجددة فى الوقت نفسه، صدرت حولها فتاوى عديدة، من جهات متنوعة، منها الأزهر الشريف بمصر، والمجمع الفقهى الإسلامى، وطرحت حولها آراء مختلفة، من مثقفين عديدين ومهتمين بالإبداع. والوضع القائم، حتى الآن، يتمثل فى وجوب هذا التحريم وإدانته، وقد تحول هذا إلى ما يشبه المبدأ غير القابل للنقاش، من قبل أغلب رجال الدين بوجه خاص.
وأوضح الدكتور حسين حمودة، تعليقًا على تصريحات الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، خلال حواره مع "اليوم السابع"، بشأن عدم تجسيد الأنبياء والرسل فى الأفلام وأنه يعد جمودا فكريا"، قد استند هذا التحريم إلى مبررات تتصل بتوقير الأنبياء والصحابة واحترامهم، وعدم الإساءة إليهم أو تشويه صورهم.
رأت حسين حمودة أن هذا المبدأ يحتمل النقاش، أو على الأقل يحتمل السؤال عما إذا كان من الممكن تصوير شخصيات الأنبياء والصحابة فى أعمال سينمائية وتليفزيونية بعيدة تماما عن أية إساءة أو عدم احترام هذه الشخصيات، فكثيرون ممن يتخوفون من هذه الإساءة أو من عدم الاحترام، ويقولون بالتحريم، يتوقفون عند أعمال تليفزيونية وسينمائية رديئة، أو ذات مستوى فنى متواضع، أو تراهن على المكسب التجارى دون الاهتمام بالقيم الإنسانية والروحية والفنية، وبالطبع فليست كل الأعمال السينمائية والتليفزيونية على هذه الشاكلة.
وتابع الدكتور حسين حمودة، والحقيقة الواضحة للجميع أن هناك مئات الأفلام التى قدمتها السينما العالمية عن شخصيات الأنبياء المستلهمة من الكتاب المقدس، وعدد كبير جدا من هذه الأفلام كان بعيدًا تماما عن أية إساءة لهذه الشخصيات، وبعيدا جدًا عن عدم احترامها، وفضلا عن ذلك، فالتراث العربى القديم تضمن أعمالا سردية، هى نوع من الإبداع طبعا، تناولت سير شخصيات الأنبياء والصحابة، وكانت مجللة بقدر كبير من التوقير والتقدير، وبالتالى فالقضية هنا تتصل بمستوى ما يقدم من إبداع يدور حول الشخصيات الدينية، وبما يتضمنه هذا الإبداع وبالكيفية التى يصاغ بها، وليس برفض أو قبول هذا الإبداع من حيث المبدأ الذى يوضع فوق كل نقاش.
وأضاف الدكتور حسين حموة، أن تناول الصحابة والأنبياء فى أعمال إبداعية يمكن أن يكون مفيدا جدا بشروط، ويمكن التوقف عند هذه الشروط، والتفكير فيها، والعمل على ضبطها، وعدم الاكتفاء بمدافعة الخطر القائم على احتمالات قد تخطئ وقد تصيب، أى يمكن التفكير فى الكيفية التى تمضى فيها هذه الاحتمالات فى سبيل الإصابة أو فى سبيل الخطأ، والمؤكد أن هناك مبدعين، فى مجالات السينما والتليفزيون، بعيدون عن التفكير فى الإساءة للدين، والمؤكد أيضا أن هذه الوسائط الإبداعية الجديدة، نسبيا، يمكن توظيفها توظيفات متباينة، قد تصب فى وجهة الخير أو فى وجهة الشر، شأنها شأن مستحدثات كثيرة فى عالمنا، ومن الأجدى التفكير فى كيفية توظيفها توظيفا جيدا أو راقيا، مرتبطا فى هذه الحالة بنشر القيم الحقيقية السامية للدين، بدلا من رؤيتها باعتبارها شرا خالصا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة