يوسف أيوب

انطلاقة جديدة بين مصر والسودان

السبت، 10 فبراير 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انطلاقة جديدة شهدتها العلاقات المصرية السودانية، بالاجتماع الرباعى الذى استضافته القاهرة أمس الأول الخميس، بحضور سامح شكرى وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة، وإبراهيم غندور وزير خارجية السودان، والفريق أول مهندس محمد عطا المولى عباس رئيس جهاز الأمن والمخابرات السودانى، الذى حدد خارطة الطريق التى ستسير عليها العلاقات مستقبلاً، لمنع ظهور أية عوارض سواء كانت سياسية أو إعلامية أو غيرها، وكان لافتاً إلى أن الاجتماع وما أعقبه من مؤتمر صحفى لوزيرى الخارجية، شهد حديثا صريحاً ومباشراً، وتأكيدات لا رجعة فيها بأن العلاقات مقدسة، ولا يوجد مجال للتأثير عليها.
 
وكان أكثر ما استوقفنى فى البيان المشترك الصادر عن الاجتماع تركيزه فعلياً على جوهر الخلاف الذى كان محل جدل طيلة الفترة الماضية، محاولاً وضع حلول لها، وهو أمر جيد ومهم لأنه للمرة الأولى يخرج الجانبان ويتحدثان عن نقاط الخلاف، حتى وإن جاءت فى صيغ مختلفة، واضعا الحلول المقترحة لها، من خلال التأكيد على ثوابت العلاقات الاستراتيجية الشاملة بين البلدين بما فى ذلك العمل على تحقيق وتعزيز المصالح المشتركة، ومراعاة شواغل كل منهما، واحترام الشؤون الداخلية والعمل المشترك للحفاظ على الأمن القومى للبلدين، بما من شأنه رفع مستوى التعاون والتنسيق الثنائى إلى أعلى مستوى، على النحو الذى يعكس الأهمية الكبيرة التى توليها الدولتان للعلاقات بينهما ووضعها فى الإطار الصحيح.
 
البيان تناول اتفاق الجانبين على تنشيط اللجان والآليات المشتركة المتعددة بين البلدين ومن بينها اللجنة القنصلية، ولجنة التجارة، والهيئة الفنية العليا المشتركة لمياه النيل، وهيئة وادى النيل للملاحة النهرية، ولجنة المنافذ الحدودية، وآلية التشاور السياسى على مستوى وزيرى الخارجية، وأية لجان مشتركة أخرى يتم الاتفاق عليها، وتذليل أية صعوبات أو تحديات أمام تلك اللجان، مع التأكيد على عزم البلدين المضى قدماً فى تعزيز التعاون فى مجالات الطاقة والربط الكهربائى، والنقل البرى والجوى والبحرى، ومشروعات البنية التحتية، والاستفادة من الخبرات الاستشارية والتنفيذية المتوافرة لدى البلدين، وأيضاً التأكيد على أهمية تطوير التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين فى مجالات مياه النيل فى إطار التزامهما بالاتفاقات الموقعة بينهما بما فى ذلك اتفاقية 1959.
 
كما أكد البيان أتفاق القاهرة والخرطوم على تعزيز التشاور فى القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك لشرح مواقف كل طرف وتقريب وجهات النظر، بما فى ذلك القضايا الإقليمية، كما تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون الإقليمى وتنفيذ التوجيه الرئاسى بإقامة صندوق ثلاثى لتعزيز البنية التحتية والمشاريع التنموية الثلاثية فى مصر والسودان وإثيوبيا، ومواصلة تعزيز التعاون العسكرى والأمنى بين البلدين، وعقد اللجنة العسكرية، وكذلك اللجنة الأمنية فى أقرب فرصة، والاتفاق على دورية عقد آلية التشاور السياسى والأمنى التى تضم وزيرى الخارجية ورئيسى جهازى المخابرات فى البلدين، وبما يعزز التنسيق فى مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وحل أية شواغل قد تطرأ بين البلدين، مع الإعداد لعقد اللجنة المشتركة برئاسة رئيسى البلدين خلال العام الجارى فى الخرطوم، حيث عقدت اللجنة الأخيرة فى القاهرة عام 2016.
 
وكلنا نعلم أن قضية سد النهضة من القضايا التى أثارت جدلاً كبيراً فى العلاقة بين القاهرة والخرطوم، ناتج عن اختلاف وجهات النظر بينهما، وهنا جاء البيان المشترك بتأكيد على أهمية العمل على تنفيذ نتائج القمة الثلاثية المصرية السودانية الإثيوبية حول سد النهضة التى عقدت فى أديس أبابا، فى إطار تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ الموقع بالخرطوم فى 23 مارس 2015، ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وإلى المسار الذى ارتضته الدول الثلاثة، ويستهدف تحقيق التنمية للجميع.
 
لكن تبقى نقطة مهمة أشار إليها البيان، بالتأكيد على أهمية تصحيح التناول الإعلامى والعمل على احتواء ومنع التراشق ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين، العمل المشترك على إبرام ميثاق الشرف الإعلامى بين البلدين، ورفضهما للتناول المسىء لأى من الشعبين أو القيادتين، وهنا يمكن أن نقول كلاماً كثيراً، لأن الإعلام دائما ما يكون المتهم الأول فى حال إثارة أى خلاف بين البلدين، ولا ننسى أن الرئيس السودانى عمر البشير قال فى القاهرة قبل عامين إن «الناس على دين إعلامهم»، فى إشارة ذات مغزى تحمل الإعلام كل السلبيات، دون الانتباه إلى أن الإعلام لم يكن أبداً صانعاً للمشاكل وإنما هو ناقل لتصريحات المسؤولين التى غالباً ما تتخطى الإطار الدبلوماسى.
 
كلى يقين أن الاجتماع الرباعى وما تنبح عنه من توافقات ستكون لها آثار إيجابية تصب فى صالح الشعبين، لكن شريطة أن يلتزم الجميع، وأن يرفعوا شعار مصالح شعبى وادى النيل، وليس مصالح قوى إقليمية تريد العبث بأمن المنطقة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة