تختفى الساحة الرمادية، لا نريدها ولا نحب من يسكنها، لا نؤمن بهم ولا نستأمنهم، تلك الأيام هى عنوان الحقيقة، إما أن تكون سندا لوطنك ومؤسسات دولتك، أو تكون مع هؤلاء الذين اختاروا اللعب مع العقارب التى تسعى وتنفق لإيذاء هذا الوطن وأهله.
لا مكان للميوعة وأهلها، اللحظة لحظة الرجال، لا تعرف هؤلاء الذين تستهويهم أفخاخ مواقع التواصل الاجتماعى أو يطعمون عقولهم من غذاء قنوات الإخوان الفاسدة، أو يرتحلون كما القطيع خلف نشطاء تويتر وفيسبوك الذين يعزفون نغمة التشكيك والإحباط.
اللحظة التى تنتفض فيها مؤسسات الدولة المصرية كافة بتنسيق على أعلى مستوى لمحاربة الإرهاب ومطاردة فئران الجماعات الإرهابية فى أرض مصر وتحديدا سيناء والواحات والحدود مع ليبيا، هى لحظة شرف يغتنمها المخلصون والمدركون لطبيعة ما تتعرض له مصر من استهداف ممنهج ورغبة فى تحويل أرضها إلى ساحة استقبال الإرهابيين القادمين من سوريا وليبيا وغيرهما من مناطق صراع.
مصر الآن تخوض حربها ضد الإرهاب بعملية شاملة تجعل من عام 2018 عاما للإجابات، وأولها إجابة تطهير الأرض المباركة من الإرهاب، وثانيها إجابة الحسم، وثالثها وأهمها الاحتراف والتخطيط، هذا ما ظهر بوضوح مع انطلاق العملية الشاملة فجر الجمعة، تشعر وكأن الدولة المصرية انتفضت بكل مؤسساتها كمارد قوى يضرب بيد واحدة أعناق الإرهاب فى كل مكان، ويرسل إلى من يدبرون ويخططون ويضمرون الشر ضدها رسالة ملخصها «نحن مستيقظون ونملك المعلومة وقادرون على التخطيط والتحرك بشكل يبهركم ويفزعكم ويدفن أحلامكم فى تدمير هذا الوطن داخل رمل سيناء أو صحراء الواحات أو أعماق البحار».
منظومة احترافية متكاملة وكأنها لحن نصر تعزفه مصر على مدى الساعات الماضية بداية من الظهور الاحترافى والرائع للمتحدث العسكرى، والبيانات المتلاحقة الشارحة بالصوت والصورة طبيعة التحركات العسكرية والتنسيق بين قوات الجيش والشرطة فى مختلف الأماكن والمنافذ، لتقطع الطريق على هواة الصيد فى ماء الشائعات والمعلومات المغلوطة، ويتبع ذلك إعلان صريح وواضح من السيد رئيس الجمهورية أنه يتابع بفخر تحركات قوات الجيش والشرطة لتطهير وتنظيف الأرض المصرية من الإرهاب، وكأنه يخبر الجميع فى الداخل والخارج أن مصر تخوض حربها وكلنا جندها، وهى الرسالة التى تلقفتها مؤسسات الدولة المختلفة، ليخرج بيان شيخ الأزهر ثم بيان الكنيسة المصرية لإعلان الدعم والثقة فى تحركات الجيش والشرطة، ومطالبة المواطنين بتقديم كل أنواع الدعم للرجال الذين يحملون راية الدفاع عن هذه الأرض بعزة وشرف.
اللحن الذى تعزفه مصر فى هذه الساعات هو أجمل ما يمكن أن تسمعه خاصة وأنت تقرأ دلالاته حول فكرة التنسيق بين كل المؤسسات والأجهزة من يملك المعلومة ومن يضع الاستراتيجية ومن يرسم خطط التحرك ومن يتابع ومن يقاتل، وهو اللحن الذى أدركه المخلصون من أبناء هذا الوطن، فتولدت روح مصرية الكل شاهدها فى المساجد وقت صلاة جمعة الأمس، متجسدة فى دعوات متلاحقة لنصرة الدولة المصرية على الإرهاب، ثم تطورت مع تحول المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى إلى جنود تلاحق كل النشطاء وأصحاب الشائعات وأخبار التشكيك فى تحركات الجيش والشرطة بالرد أو التوضيح أو الهجوم الكاسح، وكأنهم يخبرون لجان الإخوان والنشطاء الإلكترونية أن سمومهم على الإنترنت لن تجد منصتا ولا مشتريا ولا طريقا نحو القلب والعقل، لأن القلب والعقل هناك مع الرجال الذين يحاربون لنصرة هذا الوطن على الإرهاب.
هذه الروح التى يغذيها الله باليقين والنصر فى جبهة القتال، تتضافر مع هذه الروح المنتفضة لتشكيل درع دفاع سواء برد أكاذيب الإخوان أو بتلك اللهفة البادية على كل مواطن مصرى وهو ينصح غيره بألا يستمع لأى معلومة خاصة بشأن العمليات العسكرية الحالية إلا من خلال بيانات المتحدث العسكرى، هذه الروح ستربكهم، وستسمع صراخهم قادما من تركيا وقطر صراخا محملا بالخيبة، خيبة فشل مخططاتهم فى تخويف هذا الوطن وهذا المواطن، وتلك لحظة استمتاعك، تلذذ بشجاعة رجالنا وإقدام أصحاب القرار السياسى والعسكرى على خوض هذه المعركة الشريفة لتطهير مصر من الإرهاب، بنفس قدر تلذذك بحسرة من دفع ومول ودعم وحرض وشمت وشكك فى قوة هذا الوطن على النهوض والتماسك، استمتع بصراخهم، لأنه من مكملات استمتاعك بانتصار مصر.