أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «أثر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية على الاقتصاد الإسرائيلى» والذى أعده الباحث حسين خلف موسى، ونشر ه المركز الديمقراطى العربى.
رابعا: العلاقات الأمريكية الإسرائيلية منذ تأسيس دولة إسرائيل، تكفلت الدول الرأسمالية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بمهمة تمويل إسرائيل، ولهذا يعد تدفق رأس المال الخارجى لإسرائيل أهم أساس لتطوير اقتصادها بل أن الطابع الرئيسى للاقتصاد الإسرائيلى هو النمو السريع بفضل الاستيراد الموسع لرأس المال، حتى أصبح معدل نصيب الفرد الواحد فى إسرائيل من التكوين الرأسمالى أعلى معدل فى المنطقة بل وقطاع كبير من العالم، وأصبح الاقتصاد الإسرائيلى برمته بما فى ذلك القطاع الخاص يعتمد كليا على المساعدات الخارجية التى تصل عن طريق قنوات تسيطر عليها وتصب عن طريقها من مشروعات الهجرة والتوطين والعمالة، ومن ثم تسهم فى تمويل الحياة اليومية للإسرائيليين جميعا، وهو الأمر الذى أضاف مصدرا آخر لسيطرة الدولة على الاقتصاد الإسرائيلى ومكن بالتالى من ارتفاع النصيب النسبى لكل من الاستثمار والاستهلاك الحكوميين.
وفى البداية كان الغرض من الدعم المالى الخارجى هو تشجيع الهجرة إلى إسرائيل واستيعاب المهاجرين إليها، وتطوير زراعتها وصناعتها فى مواجهة قرارات جامعة الدول العربية بمقاطعة إسرائيل وفرض حصار اقتصادى واجتماعى عليها. لذلك نجد الدول الرأسمالية سارعت بدعم إسرائيل وعقد الاتفاقيات التجارية الثنائية وتقديم القروض والهبات فى صورة مبيعات «سندات إسرائيل».
العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية ـ الأمريكية «1985 - 1989»:
وهنا يوضح الباحث أنه حدث تغيير منذ بداية عام 1985 فى أن أصبحت جميع المساعدات العسكرية والاقتصادية تعطى فى شكل منح وألغيت القروض وبلغ حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل خلال هذه الفترة 16169 مليون دولار، منها مساعدات عسكرية فى شكل منح 8514مليون دولار بنسبة %53 من إجمالى المساعدات، علاوة على منح اقتصادية 7448 مليون دولار تمثل نسبة %46 من إجمالى المساعدات. كما يتضح أن المساعدات الأمريكية خلال هذه الفترة وصلت إلى 3.6 مليار دولارات سنوياً منها نحو 1800 مليون دولار سنوياً مساعدات عسكرية و1200 مليون دولار مساعدات اقتصادية كلّها فى شكل منح، كما تضمنت المساعدات الأمريكية بنوداً أخرى مثل المنح لتوطين المهاجرين اليهود والمنح للمستشفيات والمدارس. وفى عامَى 1985 و1986 دُعم الاقتصاد الإسرائيلى بنظام مستقر، جاء نتيجة وضع برنامج من أجل تطوير الاقتصاد الإسرائيلى والنهوض به.
العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية- الأمريكية «1990-1993»:
يشير الباحث إلى حدوث تغيير كبير فى العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية خلال الفترة من 1990 إلى 1993 فى ضوء ما طرأ من متغيرات على الساحتَين العالمية والإقليمية، مثل حرب الخليج الثانية وتفكك الاتحاد السوفيتى وعمليات التفاوض بين العرب وإسرائيل فى ضوء مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وقد أدت هذه المتغيرات إلى حدوث انفراج أمريكى- روسى، وتعزيز عملية خفض السلاح، وتحرير الكويت وحصار العراق وبدء المفاوضات الأمريكية- الفلسطينية، والمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية.
وعلى الرغم من هذه المتغيرات إلا أن واشنطن استمرت فى مواصلة التعاون الاستراتيجى مع إسرائيل، على الرغم من انتهاء الحرب الباردة والاتجاه نحو خفض التسلح العالمى، كما اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تفعيل التفاوض بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية للبدء فى إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية، وقد وافق ذلك اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية نحو الضغط على الدول العربية لإنهاء المقاطعة مع إسرائيل.
ضمانات القروض الأمريكية لإسرائيل:
منذ عام 1992، مُنحت إسرائيل 80 مليون دولار لهذا الغرض، كما أن البرنامج الذى خطط بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، تمثل فى أن تدفع واشنطن مصاريف انتقال المهاجرين إلى إسرائيل، كما شمل أيضاً تقديم المنح لتأمين الإقامة من خلال إنشاء القرى السكانية للمهاجرين وكذلك برامج تدريب اليهود وتوفير العمل لهم بمجرد وصولهم إلى إسرائيل. وبعد أن فتح الاتحاد السوفيتى الباب للمهاجرين اليهود، بدأ تدفق اليهود السوفيت عليها، حيث وصل عددهم عام 1989 إلى نحو 13 ألف مهاجر، ثم ازداد عددهم إلى 185 ألف مهاجر فى عام 1990، ومن ثم طالبت إسرائيل بأنواع مختلفة من المساعدات، وهكذا قدمت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل 400 مليون دولار، هى قرض ذو ضمانات من أجل مساعدة إسرائيل على توطين اليهود المهاجرين وبناء المستعمرات الجديدة. كما قدمت الولايات المتحدة الأمريكية ضمانات للقروض الإسرائيلية لدى البنوك الأمريكية لتحقيق الثقة لتوفير الموارد المالية لإسرائيل، من خلال تسهيلات طويلة الأجل وعلى فترات سماح طويلة تصل إلى 30 عاماً بدلاً من 5-7 أعوام. وبالطبع فإن هذه الضمانات للقروض لا تؤثر على برامج القروض العادية لإسرائيل، كذلك ألغت الولايات المتحدة الأمريكية الضرائب المفروضة على مثل هذه القروض، وهو أمر لم يحدث من قبل.
ومع زيادة عدد المهاجرين وتدفقهم بمئات الآلاف شهرياً إلى إسرائيل، طالبت بمزيد من المساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية، والتى تصل إلى نحو 10 مليارات من الدولارات، هى قروض بالضمانات الأمريكية. «يتبع»