إذا كانت مصر وطننا الكبير الذى يعيش فينا، فإن «اليوم السابع»، وطننا الصغير الذى يحيا بداخلنا.
وقبل انطلاق موقع «اليوم السابع» الإلكترونى يوم 12 فبراير 2008 وضعنا دستورا حاكما يترجم قناعتنا المهنية والوطنية، ملخصه، أننا مع الدولة الوطنية، والحفاظ على الأمن القومى لبلادنا، بمفهومه الشامل، وأن جيش مصر العظيم خط أحمر، والوقوف فى وجه من يعبث فى الملف الطائفى، وأن نتعالى فوق الصغائر، ولا نلتفت للضغائن، وألا نكون يوما صحيفة شتامة تبحث فى أسرار العباد، وتفتش فى نواياهم، وتجرح كرامتهم، وتحط من كبريائهم، والانتصار فقط للمعلومة المجردة.
ظهورنا فى ذاك التوقيت كان وسط صحف، شعارها، تشتم أكثر، توزع أكثر، ولا يهم المعلومة وصدقها، والتحرى فى دقتها، وكنا نرى أن المستقبل، للخبر العاجل، والمدقق والمحقق بعناية كبيرة، ولن يتحقق ذلك سوى بمواكبة العلم والتقدم التكنولوجى المذهل، فأسسنا صالة تحرير، وموقعا إلكترونيا بمفهوم الصحيفة الإلكترونية العصرية التى تقدم «خلطة» سحرية، ما بين الإخبار والإمتاع والرأى السديد.
ووجدنا حملات انتقادات واسعة، واتهامات لاذعة عن جهلنا وأن الصحف ما خلقت إلا لتكون ورقية، «وإيه الموقع الإلكترونى على الإنترنت ده»، وكيف يحل بديلا عن أن تمسك الصحيفة الورقية وتلوث يدك بأحبارها السوداء، وتشم رائحة الرصاص المتصاعد من الطباعة، وتقرأ على مهل وتأنٍ، ويمكن لك إعادة تدوير استخدماتها من فرد صفحاتها على طاولة السفرة لتأكل عليها، أو تمسح زجاج منزلك وسيارتك بأوراقها، أو تحولها لقراطيس اللب والسودانى.
لكن ما هذا الشىء الخزعبلى المدعو «موقع إلكترونى»، وعانينا الأمرين لنغير قناعات القارئ أولاً، والقائمين على المهنة ثانياً، ولكن وكأننا نؤذن فى مالطة، واعتبرونا، ضالين مضللين، يجب رجمنا بالحجارة، وبما أن رئيس التحرير وقائد السفينة، الأستاذ خالد صلاح، ابنا لفكرته، كان قارئا رائعا للمستقبل، وأن صناعة الإعلام برمتها يهددها الغول الإلكترونى، وأن من لا يسعى ليكون له موطن قدم فى هذا المستقبل فسيخرج من المعادلة المهنية، مطرودا شر طردة.
وآمنا جميعا، عن يقين، وعلم، وقررنا أن نكون أبناء الفكرة، وسرنا، لا نلتفت لا يميناً ولا شمالاً ولا الوراء، ولكن كان نصب أعيننا للأمام، ودشنا مفهوما جديدا للصحافة الإلكترونية، وهو التحديث السريع، ونشر الأخبار تباعا، ولحظة بلحظة، وكأننا نبث الأخبار على الهواء مباشرة، وهنا بدأ يلتقط الأستاذ عمرو أديب، الذى كان يقدم برنامجه الشهير، على قناة الأوربت، رسالة الصحف الإلكترونية، فتعاطى معها، وكان أول من قدم «اليوم السابع» كصحيفة إلكترونية تبحث أن تتبوأ صحافة المستقبل، وقال جملته الشهيرة: «اليوم السابع» الوجه النهارى من برنامج «القاهرة اليوم»، وبرنامج القاهرة اليوم هو الوجه المسائى لـ«ليوم السابع».
ويوما بعد يوم، كانت ترسخ «اليوم السابع»، فكرتها، وتقدم نفسها كمفجرة لثورة الصحافة الإلكترونية فى مصر والوطن العربى، بلا منازع، واستمر النجاح، وأصدرنا الصحيفة الورقية، لتصبح مؤسسة شاملة، واستمر الأمر منذ انطلاق الموقع فى 12 فبراير 2008 وحتى 25 يناير 2011.
ومنذ انطلاق مظاهرات 25 يناير 2011 كان التحول الحقيقى فى مفهوم الصحافة الإلكترونية، بعدما قاد «فيس بوك» الحراك الثورى، وهنا أدرك الجميع القيمة والأهمية والنقلة النوعية للصحافة الإلكترونية، وأن من كان يسخر ويتهكم من تجربة «اليوم السابع»، بالأمس، عض أصابع يده ندما اليوم، وحاول الجميع تقليد «اليوم السابع»، وتأسيس مواقع إلكترونية، ووقع الحميع فى خطأ استنساخ نجاح «اليوم السابع»، بتأسيس مواقع مشابهة!!
ووسط هذا الزخم المتصاعد، ودخول «غول» حقيقى لحلبة المصارعة المهنية، اسمه «السوشيال ميديا» وفى ظل الغيبوبة الإعلامية فى مصر والوطن العربى فإن البعض يتساءل، سواء كان كارها، أو حاقدا، أو حاسدا، عن «سر» استمرار نجاح «اليوم السابع»، واحتفاظه بالمقدمة محليا وعربيا وأفريقيا أيضا، ويبحث بقوة عن موضع قدم عالميا، نقول لهم، وبعد اكتمال العقد الأول، بمرور 10 سنوات كاملة: «هناك بالفعل «سر» يتمثل فى «خلطة سحرية» لا يعرفها سوى الآباء المؤسسين، ويؤمنون بها إلى حد التقديس».
خلطة سحرية تعد أهم مكونات منتج «اليوم السابع»، وتضم كل التوابل الفكرية، وساعدت بقوة على علاج أمراض وكلاكيع المهنة، واستئصال التشوهات النفسية، وحافظت على نضارة وحيوية وشباب الصحيفة الأهم فى الوطن العربى، وتقف حصنا مانعا لتسلل الشيب والعجز لدهاليزها وأروقتها.
بجانب تلك الخلطة السرية عوامل جوهرية أخرى تتمثل فى عبقرية تلاحم وقوة مجلس تحرير «اليوم السابع»، صاحب الفضل الأول والأوحد فى كل ما سطرته المؤسسة من نجاحات، والمالكين الحصريين لتوابل الخلطة السحرية، والإصابة بمرض نهم النجاح، والعمل وكأننا نبدأ من الصفر، وما حققناه من نجاحات لا يرضى طموحنا ويهذب نعرات غرورنا، لذلك نعمل أكثر ونبذل الجهد الأكبر، لتصعد «اليوم السابع» ضمن الكبار فى العالم.
وهنا أتقدم بتهنئة ملؤها الحب والاحترام والتقدير، للزملاء جميعا، بمرور 10 سنوات على انطلاقة موقع «اليوم السابع»، كصحيفة إلكترونية شاملة، ونعد قراءنا، تاج رؤوسنا، أن نقدم لهم كل ما يرضيهم، ويلبى طموحهم الإعلامى.