ها هى هواجس التجسس تنتاب الجمهورية الإسلامية فى إيران، وسيطرت المؤامرات أكثر من أى وقت مضى على فكر مسئولى طهران، حيث بدأت دوائر سياسية فى إيران بالإفصاح عن مغامراتهم مع وسائل التجسس الغربية المختلفة التى تعرضوا لها، وذلك فى أعقاب حالة من التوجس تعيشها إيران منذ احتجاجات ديسمبر الماضى وإفصاح عدة دول أوروبية عن دعمها للمتظاهرين والنقل السلمى للسلطة فى هذا البلد.
وفى ظل حرب شعواء تعيشها هذا البلد جراء سياسة خارجية تنتهجها لا تجعلها بمأمن عن الجاسوسية، ولا تخدم استقرار المنطقة بل وجلبت لها الكثير من المتاعب، تشكو طهران من محاولات التجسس التى تسعى لاختراقها فى جميع المناحى والمجالات، فى وقت تعددت فيه حالات اعتقالات أشخاص داخل طهران اتهمتهم السلطات بالسعى لنقل معلومات حساسة عن هذا البلد.
وزير خارجية ايران ونظيره الامريكى السابق خلال المفاوضات
تجسس عبر هواتف المفاوضين النوويين الإيرانيين
وفى خضم تصاعد الصراع والتوتر الذى تعيشه طهران مع الولايات المتحدة الأمريكية عقب صعود إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الرافض للصفقة النووية المبرمة فى عام 2015 والذى يسعى لتقويض سياسات طهران لضمان أمن حلفائه، كشف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لأول مرة عن تعرض فريق المفاوضات النووية الإيرانى خلال مارثون المباحثات النووية خارج إيران للتنصت.
وقال جواد ظريف فى مقابلة مع صحيفة "جام جم" تعرضت أنا وزملائى من فريق التفاوض خلال المباحثات النووية بين إيران ومجموعة 5+1 للتنصت والتجسس عبر هواتفهم المحمولة، وأوضح الوزير الإيرانى، إن هاتفه وهواتف رفقائه المفاوضين تعرضت أثناء وجودهم فى الخارج للتجسس، ودلل على ذلك بأن درجة حرارة الهواتف كانت ترتفع بشكل ملحوظ جراء ذلك. واعتبر ظريف أن "مثل هذه الأحداث تشير إلى مستوى الاهتمام بالتنصت والتجسس ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
جاسوس المفاوضات النووية
مساعى التجسس على المفاوضات النووية لم تكن الأولى، حيث كشفت طهران العام الماضى عن جاسوس كان يرافق المفاوضين النوويين، وهو رجل يدعى "عبد الرسول درى اصفهانى"، وقيل أنه يحمل جنسية مزدوجة، وصدر حكم بحقة بالسجن 5 سنوات فى أكتوبر 2017، وكان أصفهانى وفقا لوسائل إعلام إيرانية مسئول عن إعطاء استشارات للفريق النووى حول الخدمات المصرفية والبنكية مع القوى الغربية خلال مفاوضات النووية فى فيينا حتى إبرام الاتفاق النووى.
الجاسوس الايرانى
التجسس عبر السحالى والزواحف
وسائل التجسس واختراق إيران، كشف عنها أيضا بعض المسئولين، الذين قد تحمل روايتهم الخطأ والصواب أيضا، فقد اتهميوم الثلاثاء، الأسبوع الجارى رئيس الأركان الإيرانى السابق وكبير المستشارين العسكريين للمرشد الأعلى، حسن فيروز آبادى، الغربيين بالتجسس على البرنامج النووي الإيرانى عبر السحالى والزواحف، وقال المسئول الإيرانى فى تعليقه على اعتقال نشطاء بيئيين.
وأوضح المسئول الإيرانى فى مقابلة مع وكالة إيلنا أن الغربيين يتجسسون على بلاده باستخدام أنواع من الزواحف الصحراوية كالسحالى والحرابى التى قال إن جلدها قادر على التقاط الموجات الذرية، وأنهم جواسيس نوويون أرادوا أن يتحروا عن أماكن وجود مناجم اليورانيوم فى إيران، ومواقع إجراء الأنشطة الذرية، حسب مزاعمه.
وفى يناير الجارى شهدت طهران أكبر عمليات القاء القبض على ما أسمتهم جواسيس الموساد الإسرائلى ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، فقد كشف مدعي عام طهران جعفري دولت آبادى، فى منتصف هذا الشهر، ألقت السلطات الإيرانية القبض على 7 أشخاص متهمين بالتجسس لصالح إسرائيل، قال أنهم زاروا الأراضى الفلسطينية المحتلة وشارك فى مؤتمر أمنى حضره ضباط من جهاز الاستخبارات الإسرائيلى (الموساد) الإسرائيلى".
نشطاء البيئة فى مرمى الجواسيس
مدعى عام إيران أيضا اتهم إحدى المنظمات غبر الحكومية النشطة فى مجال البيئة تأسست منذ أكثر من 10 سنوات بالتجسس على مواقع حساسة في إيران تحت ستار المجال البيئى، ولفت إلى أن جهات أمنية إيرانية تابعت عمل هذه المنظمات بعد ملاحظة بعض الشبهات حولها، وكشفت من مراقبتها، مشيرا إلى أنه في إطار هذا المشروع دخل ضابطان من الـ CIA إلى إيران، و زارا عددا من المحافظات الإيرانية.
وأوضح المسئول الإيرانى أن المتهمين كانوا يعملون على تحقيق أهداف منها رصد الواقع البيئي فى إيران، الاندساس بين الكوادر العلمية فى الجامعات الإيرانية وجمع معلومات عن الأماكن الحساسة والحيوية فى إيران وتحديدا المواقع الصاروخية.
وكشف آبادى أن المنظمة نشرت كاميرات في مواقع معيّنة بحجة رصد التغيرات البيئية، أو بحجة، رصد بعد الحيوانات المهددة بالانقراض، لكن الهدف كان هو رصد التحركات الصاروخية الإيرانية على حد قوله.
إسرائيل تجسس على عملية التفاوض النووى
بعض محاولات المتجس ايضا تحدثت عنها أوساط اعلامية أجنبية، ففى يونيو عام 2015، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية نقلت عن مسئولين بالإدارة الأمريكية أن اسرائيل تجسست على المفاوضات سعيا للحصول على معلومات تساعدها فى موقفها المعارض للمفاوضات مع طهران، وبحسب التقرير فإن إسرائيل تجسست لعام كامل على هذه المفاوضات التى تجرى وراء الأبواب المغلقة والتى جرت فى جنيف ثم انتقلت إلى فيينا ومن ثم إلى مدينة لوزان السويسرية.
وطالت قصص الجاسوسية على البرنامج النووى الإيرانى فى الفنادق السويسرية والنمساوية التى استضافت جلسات للمفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى فى عام 2015، فقد أعلنت سلطات هذه البلدان آنذاك فتح تحقيقات حول شبهات بحصول تجسس معلوماتى فى فنادقها ويشتبه بوقوف إسرائيل خلفه، وهو ما سارعت الدولة العبرية إلى نفيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة