أحمد إبراهيم الشريف

جميلة بوحيرد فى مصر

الثلاثاء، 20 فبراير 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«بحب مصر وشعبها من أيام جمال عبد الناصر»، هذه واحدة من الجمل الكاشفة عن صدق عاطفة المناضلة العربية الأبرز فى النصف الثانى من القرن العشرين، الجزائرية جميلة بوحيرد التى تزور مصر حاليا. فى سنة 1957 ارتكب الاحتلال الفرنسى حماقة كبرى عندما ألقى القبض على «جميلة» التى كانت تقريبا فى العشرين من عمرها، بعدما أصابها الجنود برصاصة فى كتفها، ولأن الفرنسيين كانوا فى هذه الفترة قد فقدوا عقلهم بسبب قوة المقاومة الجزائرية واستبسالها، فإن العنف صار محاولتهم الوحيدة للقضاء على الوطنية المتفجرة فى أرواح الجزائريين ورغبتهم فى الاستقلال، معتقدين أن الخوف قد يردع شعبا عن تحقيق ذاته، لذا تعرضت جميلة للتعذيب، وحكموا عليها بالإعدام، حينها قالت لهم «بقتلى تغتالون تقاليد الحرية فى بلادكم، لكنكم لن تمنعوا الجزائر أن تصبح حرة مستقلة».
 
 من حسن حظ جميلة بوحيرد أن العالم كله تنبه لقضيتها قبل تنفيذ حكم الإعدام فيها، الذى كان مقررا له يوم 7 مارس 1958، ومن ذلك أن الشعراء والكتاب العرب انشغلوا بها، حتى أن الشاعر والمسرحى الراحل نجيب سرور كتب عنها قصيدة جميلة بعنوان «الجمعة الحزينة»، وهو اليوم الذى كان يوافق إعدامها قال فيها واصفا انتظارها وانتظار الجميع تنفيذ الحكم القاسى «يا أسطورة هذا الجيل/ يا جان دارك/ أعلم أن الموت مخيف»، بينما كتب نزار قبانى يقول «الاسم: جميلة بوحيرد.. رقم الزنزانة تسعونا/ فى السجن الحربى بوهران/ والعمر اثنان وعشرونا/ عيناى كقنديلى معبد/ والشعر العربى الأسود/ كالصيف كشلال الأحزان/ إبريق للماء / وسجان/ ويد تنضم على القرآن»، وكتب عبد الرحمن الشرقاوى مسرحيته «جميلة» التى اعتمد عليها المخرج الكبير يوسف شاهين فى تنفيذ فيلمه الشهير «جميلة».
 
خرجت جميلة بوحيرد من السجن بعد سنوات، عندما لم تستطع فرنسا كبت صوت المليون ونصف المليون شهيد الذين كانت أرواحهم تدعم جميلة وإخوانها، وتحولت بعدها إلى أيقونة للمرأة العربية المناضلة المستعدة للتضحية بحياتها من أجل الوطن.
 
جاءت جميلة بوحيرد إلى مصر سنة 1962 بعد نجاح ثورة الجزائر لزيارة مصر ولقاء جمال عبد الناصر، كما التقت بالموسيقار محمد عبدالوهاب الذى كانت تتمنى لقاءه لدرجة أنها حلمت ذات مرة فى سجنها بأنها ستقابله.
 
وبعد كل هذه السنوات لا تزال جميلة بوحيرد فى عمرها الذى تجاوز الثمانين عاما، تثير الكثير من الحماسة فى روح الشعب المصرى الذى أحبها، وتبنى قضيتها ودافع عنها حتى انتصرت هى ووطنها فانتصرنا جميعا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة