تعرض الحكومة الفرنسية، اليوم الأربعاء، مشروع قانون موضع جدل حول اللجوء والهجرة، يواجه انتقادات من اليسار والجمعيات تأخذ عليه صرامته ويصل السجال بشأنه حتى داخل غالبية الرئيس إيمانويل ماكرون.
وبعد عرضه فى مجلس الوزراء، تجرى مناقشة النص الذى يقضى بصورة خاصة بتمديد مهلة الاحتجاز الإدارى وخفض مهل درس طلبات اللجوء إلى ستة اشهر، داخل البرلمان فى ابريل.
وإن كان وزير الداخلية جيرار كولومب وصف مشروع القانون بأنه "متوازن"، إلا أنه يثير انتقادات وتوترا حتى داخل الحزب الرئاسى "الجمهورية إلى الأمام" حيث يعتبره بعض النواب قمعيا.
وقال النائب فى الغالبية الرئاسية الاشتراكى السابق جان ميشال كليمان متحدثا فى الجمعية الوطنية إن "الأكثر ضعفا سيعاقبون. ليس من المحظور إدخال لمسات من الإنسانية إلى نص قانون".
وحملت جمعيات مساعدة المهاجرين واليسار بشدة على نص "غير متوازن إلى حد بعيد" بحسب ما وصفته "فرانس تير دازيل" (فرنسا أرض اللجوء) ويكشف برأى جمعية "سيماد" عن "تراجع واضح جدا فى الحقوق".
وتلزم العديد من الهيئات المعنية باللجوء والهجرة إضرابا الأربعاء ومنها "المكتب الفرنسى لحماية اللاجئين والعديمى الجنسية" الذى لم يقم بتحرك مماثل منذ خمس سنوات، وكذلك المحكمة الوطنية لحق اللجوء التى تخوض يومها التاسع من الاحتجاجات.
فى المقابل، يرى اليمين واليمين المتطرف أن النص متساهل كثيرا، وقال النائب عن حزب "الجمهوريون" غيوم لاريفيه إنه يتضمن "تصحيحات تكنوقراطية صغيرة" لكنه لا يلحظ "التحول الضرورى فى سياسة الهجرة".
وكانت الهجرة من المواضيع المحورية فى حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام الماضى والتى شهدت انتقال زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى الدورة الثانية.
وسجلت فرنسا ما يزيد عن مئة ألف طلب لجوء عام 2017، ما يشكل رقما قياسيا بزيادة 17% عن العام 2016، كما منحت اللجوء إلى 36% من مقدمى الطلبات. وكان هذا البلد يعد ستة ملايين مهاجر عام 2014.
وأظهر استطلاع للرأى أجراه معهد "بى فى آ" أن الفرنسيين يؤيدون بغالبيتهم حق اللجوء. غير أن 63% منهم يرون فى المقابل أن هناك "عدد طائل من المهاجرين"، مقابل 37% فقط يؤيدون سياسة ماكرون على صعيد الهجرة.
ودافع رئيس الوزراء إدوار فيليب عن النص الاثنين مؤكدا أنه "يندرج فى سياق أوسع هو سياق سياستنا للهجرة واللجوء" التى "تقوم على مبدئين هما الإنسانية والفاعلية"، وللتشديد على الجانب "الإنسانى"، تلقى رئيس الوزراء فى اليوم نفسه تقريرا حول اندماج الأجانب يتضمن تدابير طموحة.
لكن الاهتمام تركز خلال الأسابيع الأخيرة بصورة خاصة على "الحزم" الذى يطبع مشروع القانون.
ومن التدابير الأساسية فى النص الرامية إلى تيسير عمليات الطرد، مضاعفة مدة الاحتجاز القصوى إلى تسعين يوما (وصولا إلى 135 يوما فى حال الاعتراض) لتقريب التشريعات الفرنسية من المتوسط الأوروبى.
وقال كولومب إن "المشكلة الأساسية تكمن فى تشريعاتنا التى هى أكثر تساهلا بكثير من التشريعات الأوروبية".
ويعرض مشروع القانون فى وسط استياء أثارته "مذكرة" قدمها كولومب حول إحصاء المهاجرين فى مراكز الإيواء الطارئ، وقد رفض مجلس الدولة الثلاثاء تعليقها.
وبدأ الاستياء داخل أوساط المدافعين عن الأجانب، ثم انتشر تدريجيا إلى أوساط المثقفين وصولا إلى بعض المقربين من إيمانويل ماكرون، بالرغم من تقديم الحكومة تنازلا طفيفا بتخليها عن مفهوم "دول العبور الثالثة" الذى يسمح بإبعاد طالب لجوء إلى بلد عبور.
وبذلك باتت الغالبية المؤلفة من نواب قادمين من اليسار واليمين على السواء، فى موقف حرج أمام نص يراه البعض شديد التساهل فيما ينعته البعض الآخر بالتشدد، غير أنه نادرا ما يعتبر "متوازنا" مثلما تصفه الحكومة.
إزاء هذه الصعوبات، حذرت الوزيرة لدى وزارة الداخلية جاكلين غورو منذ الآن بأن فرص إقرار مشروع القانون قبل حلول 30 يونيو "ضئيلة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة