فى وقت تمر به الصحافة المصرية بعقبات يوميا، تتبدل المعايير التى يمكن من خلالها الوقوف على تقييم حقيقى لأى تجربة صحفية، لا يمكن الحكم فى وقت قصير من انطلاق التجربة، كما لا يمكن التصنيف الأولى لأى وسيلة إعلامية دون منحها مزيدا من الفرص، ومن واقع عملى بموقع «اليوم السابع» لـ10 سنوات، محررا ومسؤولا عن الإدارة لبعض الأقسام فى أوقات مختلفة، كنت شاهد عيان على تطور الصحافة الإلكترونية بصياغاتها المختلفة، وانكشاف حقائق كانت صادمة، أقدمها فى النقاط التالية:
1 - ليس كل موضوع «مخدوم صحفيا» هو موضوع يحقق قراءة أعلى، وإذا ما أجرينا مقارنة، فكلمة رئيس الحكومة فى البرلمان أقل فى القراءة عن خبر انفصال إبراهيم سعيد عن زوجته والمشاكل الدائرة بينهما فى المحاكم.
2–رغم كل الانتقادات التى يوجهها القراء للمواقع التى تنشر أخبار «كيم كارديشيان» فإن نسبة إقبال القراءة على أخبار «كيم كارديشيان» أكبر من الإقبال على أية أخبار أخرى.
3–فى الماضى، الصحافة كانت تبنى بالأساس على «شطارة» الصحفى وعلاقاته المتشعبة بالمصادر، ولكن فى الوقت الحاضر تغيرت المفاهيم، فلم تعد «الشطارة» وحدها الطريق، تبدلت العوامل وتحول الأمر إلى «صنعة»، يتداخل فيها متغيرات كثيرة أبرزها ما يعرف SEO، وهذا معناه بكل بساطة لغير المتخصصين، كيف أن موقع مثل «اليوم السابع» ينشر خبرا عن مباراة الأهلى والزمالك قبل موقع الشرق الأوسط، بينما يظهر فى محركات البحث عن مباراة الأهلى والزمالك خبر «الشرق الأوسط» قبل خبر «اليوم السابع»، والسبب هنا هو SEO، وهذا أصبح علما فى صناعة الصحافة، ويتحكم فيه 250 متغيرا، وبات من الثواتب لدى كل صحفى، مثلما يقرأ الصحف فى الصباح أن يعرف ما هى الكلمات الأكثر بحثا على GOOGLE TRND EGYPT.
4 - علاقتنا بالسوشيال ميديا علاقة سيئة، لأننا نكون فريسة للفيس بوك وتويتر، يسير أغلبنا وراء ما يشغل أهل تلك المواقع، فنأخذ مضمون مادتنا الصحفية منهما ونعيد نشرها لهم فقط لإرضائهم، رغم أنه فى أوقات مختلفة، يكون ما يهتم به أهل السوشيال ميديا ليس معبرا عن القطاع الأكبر من الشعب المصرى، لذلك ستفاجأ بكثر الموضوعات من نوعية، «10 معلومات عن ريم البارودى.. رقم 6 ستبهرك».
5 - على الجانب الآخر، أى موقع يقدم محتوى بدون تسويق مصيره مظلم، لأن «الشطارة» ليس فقط مضمون المنتج الخبرى الذى تعمل عليه، ولكن أيضا كيف تعرض ذلك المنتج وتسوقه فى «فاترينة» أخبار بأكثر من مكان لكى تزيد فرص وصوله لشرائح أكبر من القراء، وهنا يكون دور الفيس بوك، ومصدر الترافيك الأكبر لأغلب المواقع، ولكن للأسف الفيس بوك رغم أنه شريك فى نشر منتجك الإخبارى إلا أنه فى نفس الوقت «حرامى» نعم «حرامى»، لأنه ينشر المحتوى «ببلاش» دون أن تحصل أنت على أى «عائد مادى»، وفى المقابل يجبرك هو على دفع إعلانات يومية أو شهرية من أجل توصيل منتجكك الخبرى إلى نسبة أكبر من مستخدمين الفيس بوك الذين هم بالأساس متابعون لصفحتك.
الأكيد أن المشهد ملىء بالتفاصيل اليومية المعقدة لصناعة الصحافة وإدراكنا للتفاصيل وطريقة التعامل معها، أعتقد أن الطريق الأمثل للوصول إلى المعادلة الصعبة، كيف تنشر محتوى جادا لا يضم كيم كارديشيان، يحظى بإعجاب القارئ ويتضمن معلومات حديثة دون الوصول لمرحلة الملل، وفى نفس الوقت تقدم وجبة صحفية متنوعة تعود عليك بعائد مادى يضمن استمرار دفع المرتبات ومسار الموقع ماليا.